آخر الأخبار

بناصر وخويا .. هرم بارز للموسيقى الأمازيغية يغادر دنيا الناس في صمت

شارك

في سنة عيشه السادسة والثمانين، رحل عن دنيا الناس أحد أبرز أسماء الموسيقى الأمازيغية، بناصر وخويا، مكتشف الفنانة البارزة حادة أوعكي، الذي ترك أثرا خاصّا في المشهد الموسيقي المغربي، رغم أن مسيرته الفنية لم تجاوز العقدين إلا بثلاث سنوات، ومع ذلك ظلّت مستمرة عبر عشرات الأسطوانات والأشرطة الفردية والجماعية التي سجّلها، والتي لا يزال تداولها حاضرا إلى اليوم في الأسواق الموسيقية.

ابن زاوية الشيخ بالأطلس المتوسط بناصر فاسول، المعروف بـ “بناصر وخويا”، غنّى بالأمازيغية والعربية الدارجة، وقاده فنّه إلى منصات بالعديد من الدول الأوروبية. قصّته أيضا قصّة ملتقى للفنون والتسجيل والتسويق صارتهُ العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء في القرن العشرين، لحاجتها للعروض الموسيقية والسهرات، واحتضانها أكبر استوديوهات التسجيل والإنتاج الموسيقي بالبلاد.

حول هذه المحطّة الأبرز في الانتشار الموسيقي لهذا العلَم الفنيّ، كتبت موسوعة عبد المالك حمزاوي، الباحث في الثقافة والتراث الأمازيغي، المعنونة بـ”كنوز الأطلس المتوسط”، أن “مجموعة الفنان بناصر أوخويا فرضت نفسها على الساحة الفنية الأمازيغية بصفة خاصة، من قلب العاصمة الاقتصادية المغربية، كما فرضت نفسها أيضا وبصفة عامة على الساحة الفنية المغربية، وخاصة في اللون الشعبي، والعيطة المرساوية والحصباوية التي فرضتها ظروف العيش عليه وعلى رفاقه؛ إذ إن هذا النوع من الغناء كان مطلوبا ومرغوبا (في السهرات)”، وهكذا “بغية إرضاء كل الأذواق، أدّت مجموعته ‘العلوة’ وغيرها”.

ووفق المصدر ذاته، فإن بناصر وخويا الذي ولد سنة 1939 بزاوية الشيخ، والتحق بالميدان الفني حوالي سنة 1961، قد اعتزل الأداء الموسيقي سنة 1984، بعد مسار من الغناء بـ”تمازيغت والعربية”.

وذكر مرجع حمزاوي أن الفقيد “من أشهر رموز الأغنية الأمازيغية الذين لهم عدة إسهامات وإبداعات متميزة”، مردفا حول موسيقاه أنه قد تعلّم في مسقط رأسه زاوية الشيخ “أبجدية الغناء، وحفظ الأشعار، والعزف على عدة آلات موسيقية من مختلف الأصناف. فهو يعزف على البندير، الذي فضّله على كل الآلات الموسيقية، والذي كان يشارك به في ‘أحيدوس’ في أيام مراهقته بمنطقته إلى جانب أصدقائه، ثم تعلم العزف على آلة ‘لوتار’ التي سجل بها مجموعة من الأغاني بدار الإذاعة الوطنية (…) وسرعان ما تركه ليرتمي في أحضان آلة الكمان”.

بناصر أوخويا الذي يرتبط اسمه وصورته في العديد من الأسطوانات باسم وصورة أحد أهم الأصوات الفنية المغربية حادة وعكي، هو من اكتشف ابنة “زاوية أيت إسحاق”، أثناء حفلة لهُ حضرتها وغنّت فيها بقريتها وهي لمّا تجاوز سنتها السادسة عشرة، كما سبق أن صرّحت لهسبريس، فأدخلها مجموعته، قبل أن تصير من أبرز علامات الغناء النسائي بالأمازيغية، والغناء الشعبي بالدارجة المغربية أيضا.

وقد كانت حادة وعكي ولعة منذ طفولتها المبكرة بالغناء الأمازيغي، وطلبت السماح لها بحضور حفلة لبناصر وخويا بقريتها، قبل أن يصير مكتشفها ومعلّمها، الذي تطلّب ترسيخ اسمها الفني بعد ذلك الاستقلال عنه، وفق متابعين للحظة الموسيقية.

ولتقدم سنه، فارق بناصر أوخويا فرقته التي قادها منذ ستينات القرن العشرين، والتي تفرّعت عنها فرقة ذات أثر ضمّت الراحل عبد الله الزهراوي وحادة أوعكي، دون أن يكون هذا الفراق تاما، فعاد مثلا في حفلة “بعد الاعتزال” جمعته معهما، كما حضر مكرّما في مواعيد مهتمة بالثقافة المغربية الموسيقية عامة والثقافة الأمازيغية خاصة، أو في شهادات من بينها شهادته على مسار حادة أوعكي في القناة الأمازيغية المغربية الرسمية.

وقد كرّم أوخويا في عيد الموسيقى العالمي سنة 2013، حيث احتفى به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بمقرّه بالرباط، كما خصّصت له قناة “تمازيغت” الرسمية عبر برنامج “إزوران” حلقة حول فنه ومساره وحياته، تتضمن حوارا بمسقط رأسه.

ومن بين التكريمات كذلك، على سبيل المثال لا الحصر، تكريم في سنة 2019 خلال الدورة السابعة من مهرجان “تسليت: ملتقى الثقافات”، جمع بناصر مع حادة أوعكي.

وقد كان جيل بناصر وخويا، وحمو واليازيد، وموحى اوموزون، ومومن التهامي، وفق حوار للفنانة سعيدة تيثريت مع جريدة “الصحراء المغربية”، جيل “الفنانين الأمازيغيين القدامى الذين قدموا الكثير (…) الرواد الذين أدخلوا بعض الآلات الموسيقية مثل الوتار والعود، وطوروا الكلمات والألحان انطلاقا من أحيدوس زيان الذي يشكل منبعا لهم، ورغم هذا التجديد احتفظوا بالبناء التقليدي للميزان الموسيقي الأصيل. وهم من مهد الطريق لجيل الفنان ارويشة، ومحمد مغني، وآخرين”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا