تشديد رسمي على أن “السيادة الوطنية كلٌّ لا يتجزأ” جاء على لسان عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، الذي أكد في مروره الشهري خلال جلسة للأسئلة الشفهية، اليوم الاثنين، خصصت لموضوع: “المنظومة الصحية الوطنية بين المنجزات الراهنة والتطلعات المستقبلية” بمجلس النواب، أنها “لن تكتمل سوى بتحقيق سيادتنا في عدد من المجالات الإستراتيجية والحيوية، ومن بينها سيادتنا الصحية”، مستحضرًا “تشديدَ الملك على العناية الفائقة بهذا القطاع الإستراتيجي ليكون رافعة لمغرب الغد، مغرب التنمية والكرامة، والإنصاف والعدالة الاجتماعية”.
وأمام النواب أكد رئيس الحكومة أن حكومته “تُجسد إصلاح قطاع الصحة من خلال إيمانها العميق بأن تأهيل المنظومة الصحية ليس مجرد إصلاح قطاعي ثانوي، بل هو قاطرة أساسية لتنزيل الرؤية الملكية لمغرب المستقبل، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة”.
خلال حديثه في عرض مطول أفاد المسؤول الحكومي الأول بـ”اعتماد برنامج عمل لتأهيل وتطوير المراكز الاستشفائية الجامعية، عبر تحديث تجهيزاتها ومعداتها الطبية، في غضون سنتين، بميزانية إجمالية تناهز 1.7 مليار درهم”.
وأوضح أخنوش أن هذا البرنامج “يشمل خمسة مراكز استشفائية جامعية، بكل من فاس، الدار البيضاء، الرباط، مراكش، ووجدة”.
وفي سياق متصل أبرز المتحدث أن “الارتقاء بالمنظومة الصحية الوطنية لا يمكن أن يتحقق بالشكل الذي يطمح إليه الجميع دون العمل على تعزيز مواردها البشرية، وتكوين المهنيين العاملين بها”، معتبرا أن “الرفع من عدد العاملين في القطاع يشكل جزءا لا يتجزأ من هذه السياسة الحكومية الطموحة، لتوفير العدد الكافي من المهنيين المؤهلين”.
في هذا الإطار عملت الحكومة، حسب رئيسها، على “توقيع اتفاقية إطار تروم الرفع من عدد مهنيي القطاع، تماشيا مع الجهود المبذولة لتقليص الخصاص الحالي في الموارد البشرية الصحية”، معلنًا أن “الحكومة تستهدف الرفع بصفة تدريجية من أعداد العاملين في القطاع إلى أكثر من 90.000 في أفق سنة 2026، بغية تجاوز عتبة 24 مهنيا صحيًا لكل 10.000 نسمة، في أفق رفعها إلى 45 مهنيا بحلول سنة 2030″، وهو ما يقلص الخصاص في الموارد البشرية الصحية.
وأوضح أخنوش أن حكومته “قامت من أجل تنزيل هذا المشروع الطموح بإرساء هندسة جديدة للتكوين الأساسي، عبر إحداث ثلاث كليات للطب والصيدلة وثلاثة مراكز استشفائية جامعية، بكل من مدُن الرشيدية وبني ملال وكلميم”.
وسجل رئيس الحكومة أن هذه المجهودات “ساهمت في رفع الطاقة الاستيعابية للمقاعد البيداغوجية في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بنسبة 88 في المائة سنة 2024 مقارنة بسنة 2019″، لافتاً إلى “سعي الحكومة إلى مواصلة رفع هذه الطاقة الاستيعابية لتصل إلى 7.543 مقعدا ابتداء من سنة 2027، وفقا لما هو مبرمج في الاتفاقية الإطار”.
وهذا ناهيك عن رفع الطاقة الاستيعابية للمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، بحسب المتحدث، من 4.000 مقعد في السنة الدراسية 2022/2021 إلى أكثر من 7.000 مقعد في السنة الدراسية 2024/2023؛ ما يمثل “زيادة قدرها 75 في المائة”.
متسلّحاً بلغة الأرقام لم يُغفل رئيس الحكومة التذكير بحرص الأخيرة، “في إطار التحول النوعي الذي يشهده قطاع الصحة ببلادنا”، على “تأهيل العرض الصحي وتعزيز بنياته التحتية، وفق رؤية طموحة تروم الارتقاء بالمنظومة الصحية على مختلف مستوياتها”.
وشدد أخنوش على أن هذا التوجه “يزداد أهمية باعتباره ركيزة لتحقيق العدالة المجالية في توزيع الخدمات الصحية، وضمان رعاية صحية جيدة تحفظ الكرامة للجميع، وتعزز الشعور بالثقة والأمان”، حسب تعبيره.
وأفاد المسؤول ذاته بأن الحكومة “قامت من أجل تنزيل هذا الورش الإصلاحي بإطلاق برنامج يستهدف تأهيل أزيد من 1400 مركز صحي من الجيل الجديد، بغلاف مالي يناهز 6.4 مليارات درهم”، باسطاً آخر حصيلة تم إنجازها في هذا الصدد، إذ قال: “الأرقام المنجزة تُترجم وفاء الحكومة بهذا الالتزام، إذ تم تأهيل 949 مركزا صحيا، ويتم العمل على استكمال باقي المراكز المبرمجة”.
وفي نبرة تشديد أورد أخنوش أن هذا الاختيار “نابع من وعي حكومته بالدور المحوري الذي تضطلع به المراكز الصحية الأولية، باعتبارها حجر الزاوية في تقديم الرعاية الصحية الأساسية”، مسجلا أن “هذه المراكز ستساهم في تقليص الضغط الكبير على المستشفيات الإقليمية والجهوية والجامعية، بالنظر إلى التقنيات الطبية والرقمية التي توفرها، وكذا الطواقم الطبية المتخصصة التي تعمل بها، ما يرفعُها لتكون نموذجًا في توفير خدمات صحية للقرب عالية الجودة”.
أكد المسؤول الحكومي أمام نواب الأمة أن “ضمان الأمن الصحي للمغاربة يشكّل بالنسبة للحكومة رافعة إستراتيجية لمواكبة ورش تعميم التغطية الصحية، وفق الأجندة والتوجيهات الملكية”؛ ولم يخفِ افتخاره بـ”النجاح الذي تحقَّق في فتح باب التغطية الصحية أمام جميع المغاربة، بشكل مُنصف وبدون استثناء، بعد أن كان هذا الحق مقتصِرا على فئات محدودة، معظمها من الموظفين والأجراء”.
وأفاد رئيس الحكومة بأن “هذا النجاح يشكل عنصراً أساسيا ومحفزا لتسريع الجهود الحكومية لإصلاح المنظومة الصحية”، مشددًا على أن حكومته “تقود إصلاحا جذريًا وشاملًا للمنظومة الصحية، عبر اتخاذ جملة من القرارات والتدابير غير المسبوقة، ساهمت في إحداث تغيير حقيقي للقطاع، بعيدا عن الإصلاحات الجزئية التي لم تعط النتائج المرجوة في الماضي”.