آخر الأخبار

رحلة عبر الزمن.. اكتشف كنوز نينوى العريقة والنابضة بالحياة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الموصل ـ تخيل أنك تخطو إلى أرضٍ شهدت فصولا من التاريخ البشري تعود إلى آلاف السنين، حيث تتداخل قصص الإمبراطوريات القديمة مع حكايات التعايش والسلام. هذه هي نينوى قلب الحضارة العراقية، التي تفتح أبوابها للزوار ليكتشف كنوزها الأثرية والتراثية.

يقول مفتش الآثار والتراث في نينوى رويد موفق إن محافظة نينوى شمالي البلاد تزدهر بمواقعها الغنية، سواء تعلق الأمر بالمناطق الأثرية أو المناطق التراثية، والتي تمثل تاريخ المحافظة بأكمله.

عراقة الإمبراطورية الآشورية

ستبدأ رحلتك في زمن بعيد، يعود إلى أكثر من 2700 سنة قبل الميلاد، حيث كانت الإمبراطورية الآشورية تتربع على عرش المنطقة، ستتجول بين عواصمها الثلاث العريقة: نمرود، ونينوى، ودور شروكين، وتمشي على خطى الملوك القدماء، تتأمل أسوارها الشاهقة التي كانت يوما ما تحصن المدن وتصونها.

مصدر الصورة سور نينوى الأثري بجانب الموصل الأيسر أعيد بناؤه بشكل كامل بداية هذا العام (الجزيرة)

ويوضح موفق في تصريح للجزيرة نت أن هذه الأسوار، مثل سور نينوى الأثري وسور مدينة الموصل، كانت تمثل الأنظمة الدفاعية للمدينة، وتعود بتاريخها إلى تاريخ إنشاء هذه المدن نفسها، مضيفا أن سور الموصل قد شهد مراحل عديدة من التجديد والتوسعة عبر العصور.

اليوم، تُعاد الحياة إلى سور الموصل التاريخي بشكل خاص ضمن مشروع الواجهة النهرية، والممتد من الجسر الحديدي وحتى نهاية الجسر الخامس، ليصبح جزءا من مبادرة وطنية تهدف لاستعادة الرونق السابق للسور.

الموصل روح التعايش

بعد رحلة في العصور القديمة، ستنتقل إلى قلب الموصل حيث تتجلى روح التعايش والسلام في كل زاوية. يقول مفتش الآثار والتراث إن المواقع التراثية من تاريخ الموصل تتمثل في المساجد بالإضافة إلى الكنائس، فضلا عن المباني الخدمية مثل باشا راي.

مصدر الصورة صورة من الجو لجامع النبي يونس عليه السلام أعيد بناؤه بعد أن تعرض للتفجير في عام 2014 (الجزيرة)

لا تفوّت زيارة جامع النبي يونس عليه السلام، الذي يصفه موفق بأنه يمثل حقبة آشورية بالإضافة إلى رمزيته الدينية. كما ستدهشك حكايا قصر الملك آسر حدون، أحد ملوك الإمبراطورية الأشورية، الكامنة تحت تل التوبة.

إعلان

وتأمل عظمة جامع النوري، رمز الموصل الذي يحمل في طياته إرث فترة مؤسسة الدولة الزنكية نور الدين زنكي. والجامع معلم له أهميته ورمزيته لدى سكان مدينة الموصل.

ولا تكتمل رحلتك من دون زيارة الكنائس العريقة مثل كنيسة الطاهرة وكنيسة الساعة، التي تقف شامخة وشاهدة على تاريخ المدينة المسيحي.

مصدر الصورة جامع النوري رمز الموصل الذي يحمل في طياته إرث فترة نور الدين زنكي (الجزيرة)

وفي قلب المدينة، ستجد الأسواق المحلية، التي يشير موفق إلى أنها تمثل الأبنية الاقتصادية والتجارية منذ تأسيس مدينة الموصل، مثل سوق الصياف، الذي ينبض بالحياة اليوم بعد ترميمه بطرازه التراثي الأصيل.

هنا، يمكنك أن تتخيل الحركة التجارية التي لم تتوقف منذ قرون، وتشاهد كيف عادت هذه الأسواق لتكون شريان الموصل الاقتصادي.

مصدر الصورة سوق العطارين يعد من أشهر أسواق العراق في بيع التوابل وكل النكهات المستعملة في المطبخ (الجزيرة)

المكتبة المركزية ومنطقة الغابات

للراغبين في الاستزادة من المعرفة، فإن المكتبة المركزية في جامعة الموصل تنتظرك، فهذه المكتبة هي إحدى دور الثقافة في محافظة نينوى، ويقول موفق إنها عادت إلى شكلها الأصلي بعد أن دُمرت بالكامل وحُرقت، وهي الآن مفتوحة لاستقبال الزوار والطلاب.

مصدر الصورة المكتبة المركزية بجامعة الموصل إحدى دور الثقافة في محافظة نينوى وأكبر مكتبات المحافظة (الجزيرة)

وإذا كنت تبحث عن لحظات من الهدوء والاسترخاء، فإن منطقة الغابات هي وجهتك المثالية فهي تُعد أحد المتنفسات الطبيعية للموصل، وتشهد اليوم أعمال إعادة تأهيل وترتيب.

ويوضح مفتش الآثار والتراث أنه سينطلق أحد مشاريع إحياء ضفاف نهر دجلة الممتد إلى منطقة الغابات بالتعاون مع الدوائر المساندة وبإشراف محافظة نينوى، لتوفر للزائر مسارات خضراء ومناظر خلابة على ضفاف نهر دجلة، حيث يمكنك الاستمتاع بجمال الطبيعة بعيدا عن صخب المدينة.

أحد شوارع الموصل وفي عمق الصورة ينتصب فندق نينومارية أحد أحدث الفنادق في المدينة (الجزيرة)

مورد سياحي مهم

ويؤكد موفق أن جميع هذه المواقع الأثرية والتراثية تُعد موردا سياحيا مهما يتم الآن تسليط الضوء عليه لتفعيل هذا المورد المهم لإنعاش محافظة نينوى.

ويضيف أن جميع هذه المواقع تخضع حاليا لخطط إدارة جديدة، مشيرا إلى وجود مؤشرات لتزايد أعداد هذه الوفود لغرض الاطلاع وزيارة هذه المواقع للتعرف على تاريخ الموصل.

منارة الحدباء وتُسمّى أيضا مئذنة الحدباء والتي هُدّمت خلال عمليات التحرير عام 2017 (الجزيرة)

المواقع التي ستزورها في نينوى هي أكثر من مجرد حجارة قديمة؛ إنها قصص حية عن التعايش بين المذاهب والأديان في المحافظة.

ويشرح موفق أنه يستطيع الزائر أن يرى قرب الجامع من الكنيسة، بالإضافة إلى المرقد والمزار، وهذا ما كان يشكل تلاحم سكان الموصل.

وعلى الرغم من الدمار الذي لحق بأغلبية هذه المواقع على يد تنظيم الدولة الإسلامية، فقد استطاعت السلطات العراقية إعادة المواقع المدمرة إلى شكلها الأصلي.

ويشير إلى أن من أبرز المعالم التي تم إعادة تأهيلها منارة الحدباء، وكنيسة الطاهرة، وكنيسة الساعة، والبيوت التراثية الثلاثة: تتنجي، وسليمان الصايغ، وبيت زيادة.

جانب من قلعة باشطابيا التاريخية في الموصل (الجزيرة)

من جانب آخر، يقول المرشد السياحي بلال السعدي إن الموصل تبرز كوجهة سياحية مفضلة للكثيرين في العراق، متفوقة على محافظات أخرى بجاذبيتها الفريدة.

إعلان

وأشار السعدي خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن السائح العصري يبحث بشكل أساسي عن المعالم السياحية والأثرية، وهو ما توفره الموصل بكنوزها التاريخية الغنية.

كنوز تجذب الزوار

تتركز رغبة السائحين في زيارة معالم بارزة مثل منارة الحدباء، وجامع النبي يونس، وسور نينوى الآشوري. ويوضح المرشد السياحي أن هذا الاهتمام المتزايد يعود إلى سعي الكثير من السياح لاكتشاف الأماكن التاريخية العريقة التي تحمل قصص وحضارات الماضي.

مدخل سوق الحدادين القديم الموجود على الساحل الأيمن لنهر دجلة الذي يخترق الموصل (الجزيرة)

وأضاف السعدي أن العديد من الزوار يبدون رغبة كبيرة في مشاهدة الحياة الواقعية في الموصل بعد التغيرات التي طرأت عليها إثر الحرب، والاطلاع على عمليات الإعمار داخل المدينة، وكيفية استعادة الحياة الطبيعية لسكانها.

الموسم السياحي والميزانية

يمتد الموسم السياحي الأمثل في الموصل من أكتوبر/تشرين الأول وحتى أبريل/نيسان من العام التالي، أي حتى فصل الربيع، ورغم أن أعدادا أقل من السياح تزور المدينة خارج هذه الفترة أيضا، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة في أشهر الصيف يؤثر عادة على الإقبال.

وفيما يتعلق بمتوسط التكاليف اليومية للسائح، فإن المرشد السياحي السعدي يقدرها بنحو 100 دولار أو أقل قليلا، مبينا أن هذا المبلغ يشمل النقل، وتذاكر الدخول للمواقع السياحية غير المجانية، ورسوم المرشد، والإقامة في الفنادق بمختلف درجاتها، بالإضافة إلى الطعام.

أما بالنسبة لتكلفة الجولة الأسبوعية، فلفت السعدي إلى أن الإنفاق يعتمد بشكل كبير على الخدمات التي يطلبها السائح، ودرجة الفندق المختار، ونوع النقل (خاص أو عام)، ومع ذلك يقدر السعدي أن تصل النفقات الأسبوعية للسائح بنحو 500 دولار كحد أدنى.

مواقع متنوعة

وحسب المرشد السياحي فإن الأماكن السياحية التي تتطلب تذاكر دخول هي فقط تلك المسجلة لدى الهيئة العامة للآثار والتراث، وتبقى قليلة العدد، أما معظم المواقع الأخرى فهي مجانية.

تمثال الملك سنحاريب أحد أشهر الملوك الآشوريين قرب سور الموصل التاريخي شرقي المدينة (الجزيرة)

وجهة آمنة

أعرب سائحان، أحدهما من الصين والآخر من الولايات المتحدة، في تصريح للجزيرة نت عن إعجابهما الشديد بمدينة الموصل، وكرم الضيافة الذي لقياه في جميع أنحاء العراق عموما.

ويوضح السائح الصيني "يوا يا" السبب وراء اختياره زيارة الموصل قائلا "شجعتني مقاطع الفيديو والصور التي رأيتها عن الدمار السابق للموصل على القدوم ومشاهدة هذه المناطق".

ويضيف: "شاهدت تعاونا كبيرا من لدن القوات الأمنية العراقية، وشعرنا كسواح بأننا في أمان خلال التنقل في كل الأماكن".

في حين يقول السائح الأميركي جاكوب تملار "عندما فكرت بزيارة الموصل خيل لي بأنها ستكون مدمرة بالكامل، ولكن المدينة في واقع الأمر جميلة".

وأضاف تملار أن اهتمامه بزيارة الموصل جاء أيضا "لأنها شهدت حربا سابقة"، مشيرا إلى التغيير الكبير في النظرة الخارجية إلى العراق "قبل عدة سنوات كانت النظرة مختلفة، الآن تغيرت تماما".

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا