قال متخصصون في العلاقات الدولية والعلوم السياسية إن “هجمات السمارة الأخيرة تثبت مرة أخرى تحرشات الجزائر وذراعها الانفصالي المتجسد في جبهة البوليساريو، والرغبة في جر المنطقة إلى حرب إقليمية تهدد الأمن والاستقرار”، مؤكدين أن “هذه الاعتداءات تأتي في سياق تصعيد ممنهج يعكس عدم احترام وقف إطلاق النار ومحاولات زعزعة الاستقرار في المنطقة”.
وشدد هؤلاء الباحثون على أن “الهجمات تأتي في سياق تقديم مشروع قانون في الكونغرس الأمريكي لتصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية أجنبية. وتؤكد التحركات الأخيرة مصداقية هذا التصنيف”، مبرزين أن “الجزائر بدورها، ومن خلال دعمها المستمر لهجمات من هذا النوع، تكشف دورها الحقيقي في افتعال نزاع الصحراء المغربية”.
قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن ما أقدمت عليه جبهة البوليساريو “ليس هجمات بريئة”، مشيرا إلى أن “هذه التحركات تزامنت مع تقديم السيناتور الجمهوري الأمريكي جو ويلسون، إلى جانب النائب الديمقراطي جيمي بانيتا، مشروع قانون في الكونغرس الأميركي يهدف إلى تصنيف الجبهة تنظيما إرهابيا أجنبيا”.
وأضاف الدكالي، ضمن إفادات قدمها لهسبريس، أن الجبهة “كيان فاقد للهوية والشرعية والاستقلالية واتخاذ القرار، لأن القرار الأساسي يعود في النهاية إلى النظام العسكري الجزائري”، موضحا أنه “لا يمكن لتنظيم بهذا الضعف أن يغامر بهجمة صاروخية دون نيل ضوء أخضر من المؤسسة العسكرية الجزائرية”.
وأكد الباحث ذاته أن هذا النظام الحاكم في الجارة الشرقية “يسعى إلى جرّ المنطقة نحو حرب إقليمية”، وأنه من خلال هذه العمليات “يحاول جس نبض المغرب، والمجتمع الدولي، والأمم المتحدة كذلك”، ولفت إلى أن “المغرب رغم هذه الاستفزازات المتكررة يتسم بالرزانة وضبط النفس، ويتمسك بالشرعية الدولية”.
وشدد الأكاديمي المغربي على أن “الرباط لا تغامر برد فعل على استفزازات من هذا النوع”، مبرزا أن ما حدث “ليس المرة الأولى”، وقال: “لا يكفي أن ينشط الإعلاميون والباحثون والخبراء في اتجاه النداء إلى تصنيف الجبهة منظمة إرهابية؛ فالمطلوب أن تتبنى الدبلوماسية المغربية هذا الموقف رسميا”.
وأبرز الدكالي أن “المملكة لا تستبق الأحداث، لكنها في كامل الجاهزية والاستعداد والقوة”، مشيرا إلى أن “الهجمات الانتحارية البئيسة لا ترعب المغرب”، وأضاف أن “الدبلوماسية المغربية لا تنساق وراء ردود فعل انفعالية، لأن ذلك ما يسعى إليه النظام العسكري الجزائري، الذي يراهن على التشويش على القرار المغربي لكنه لا يفلح”.
محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية، سجل أن تعرّض مناطق قرب مدينة سمارة لضربات من قبل جبهة البوليساريو يندرج في “مسار خلق توتر إقليمي وجر المنطقة إلى حرب”، خصوصا إذا تمت قراءته ضمن سياق يستحضر المكتسبات التي حققها المغرب فيما يتعلق بمبادرة الحكم الذاتي وكسب اعترافات متعددة بسيادة المملكة على الأقاليم الجنوبية”.
وأكد نشطاوي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الرشقة الصاروخية غير المسؤولة “لا شكّ أنها كانت بإيعاز من الجزائر التي تتحكم في مسار اتخاذ القرار داخل جبهة البوليساريو الانفصالية”، مشيرا إلى أن “هذه المحاولة تهدف إلى تأكيد أن البوليساريو مازالت حاضرة، رغم التنديد الدولي الواسع الذي سوف يصاحب هذه العملية”.
وأفاد أستاذ العلاقات الدولية بأن “قوات المينورسو حضرت الضربة، وقامت بإعداد تقارير مفصلة حول ما جرى، وهذا سوف يوضح مدى عدم احترام الجبهة ومن يدعمها لوقف إطلاق النار”، موردا أنه يأتي “في ظل المبادرة التي أطلقها عضوا الكونغرس الأمريكيان لتصنيف المنظمة حركة إرهابية”، وأن “ما تقوم به الجبهة يؤكد هذا الطرح”.
وأشار نشطاوي إلى أن هذه الهجمات الجبانة “تسعى لجعل المنطقة غير مستقرة وغير آمنة”، خالصا إلى أن “هذه الأحداث تلقي بدلالات واضحة على الوضع الحالي والنهائي لقضية الصحراء المغربية، مؤكدا أن ما تقوم به الجبهة الانفصالية الإرهابية هو دليل على أنها تناقض الاستقرار في المنطقة وتقوّض مبادئ وأسس الأمم المتحدة”.