في سياق الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، احتضن نادي “ألبين السويسري” بجنيف، أمس الجمعة، حدثا جانبيا رفيع المستوى تحت عنوان “أوضاع حقوق الإنسان في مناطق النزاع: تعزيز الحوار من أجل السلام والمصالحة”، بتأطير من “منتدى الحوار بين الثقافات والأديان” (FICIR)، “المركز الدولي لمكافحة الإرهاب” (ICAT)، وذلك بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان المرتكبة داخل مناطق النزاع، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء حيث تنشط الجماعات المسلحة الإرهابية التي تتبنى العنف وسيلة لفرض سيطرتها والمس بالأمن والاستقرار الإقليميين.
تماشيا مع ذلك، قدّم المتدخلون خلال هذه الفعالية الموازية صورة قاتمة عن الأوضاع الأمنية والإنسانية في مناطق النزاع، في إشارة منهم إلى الانتهاكات المرتكبة داخل مخيمات تندوف الواقعة فوق التراب الجزائري والخاضعة لسيطرة الجماعة المسلحة المعروفة باسم “جبهة البوليساريو”. وتحت إشراف بيرو دياوارا، الأمين العام لمنتدى “FICIR” ومدير مركز “ICAT”، سلط النقاش الضوء على وقائع كثيرًا ما يتم تغييبها، في ظل انعدام أي رقابة قانونية فعّالة وكذا تفشي ثقافة الإفلات من العقاب.
وقد افتتح مولاي لحسن الناجي، رئيس “اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في شمال إفريقيا”، سلسلة المداخلات، حيث استنكر في هذا الإطار بشدة الانتهاكات الممنهجة للحقوق الأساسية داخل مخيمات تندوف، مستعرضا حالات محددة من الإعدام خارج نطاق القانون والاختفاء القسري والاتجار بالبشر، بما في ذلك التجنيد القسري للقاصرين واستغلال النساء، مؤكدا أن هاته الجرائم تتغذى من غياب آليات الحماية المستقلة للاجئين، داعيا إلى تعبئة دولية لتوثيق هاته الانتهاكات وملاحقة مرتكبيها قضائيًا.
وأشار رئيس “منظمة ماعت من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان”، أيمن عقيل، إلى خطورة الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان في مناطق النزاع، لا سيما في الساحل والصحراء، مشددا على أن الجماعات المسلحة تنتهج أساليب تقوم على بث الرعب والخوف بين السكان واستعمال العنف الجنسي كسلاح لفرض السيطرة. كما حمّل “جبهة البوليساريو” مسؤولية ارتكاب انتهاكات ممنهجة داخل مخيمات تندوف، حيث تفرض هذه الجماعة المسلحة، وفق تعبيره، نمطاً استبدادياً وعنيفاً في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني ولمواثيق حقوق الإنسان.
من جهته، وسّع بيرو دياوارا، الأمين العام لـ”منتدى FICIR” ومدير مركز “ICAT”، إطار التحليل ليشمل الديناميات الإقليمية، مشيرًا إلى أن تفشي الجماعات الإرهابية المسلحة وتنامي الجريمة المنظمة، وضعف البنى المؤسسية، كلها عوامل تساهم في تأبيد حالة عدم الاستقرار داخل المنطقة، داعيا إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل تفكيك شبكات الاتجار بالبشر وحماية المدنيين وكذا تمكين الضحايا من الوصول إلى العدالة.
واختُتمت أشغال الحدث الجانبي بمناشدة المشاركين للأمم المتحدة وكذا الدول الأعضاء تكثيف الجهود الدولية من أجل معاقبة الجناة منتهكي حقوق الإنسان داخل مناطق النزاع، وكذا تعزيز آليات التوثيق والمساءلة ودعم المبادرات المحلية الهادفة إلى جبر ضرر وضمان إنصاف الضحايا. كما شددوا على أهمية تجريد الخطاب الحقوقي من أي توظيف سياسي، مبرزين أن الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك تلك المرتكبة في مخيمات تندوف الخاضعة لسيطرة “جبهة البوليساريو”، تستوجب تحركًا حازمًا وشاملاً يضع كرامة الإنسان فوق كل اعتبار.