آخر الأخبار

المخيمات الصيفية تحفز استقلالية الطفل وتنمي قدراته النفسية والاجتماعية

شارك

تلجأ العديد من الأسر إلى إرسال أطفالها إلى المخيمات الصيفية برفقة أقرانهم، بحثا عن بيئة تربوية آمنة تجمع بين التعلم والترفيه، في خطوة تثير الانتباه إلى دور هذه الفضاءات في إتاحة تجارب جماعية تعزّز النمو النفسي والاجتماعي للأطفال بشكل متوازن وسليم.

من هذا المنطلق، تُثار تساؤلات حول مدى إسهام المخيمات الصيفية في تنمية البعد الاجتماعي لدى الطفل، وتأثيرها على توازنه النفسي، خصوصا في ظل ابتعاده المؤقت عن محيطه الأسري.

تعلّم وترفيه وتنمية

عزيز رشدي، فاعل جمعوي ومدير مخيمات، قال إن “الأسر تلجأ إلى إرسال أطفالها إلى المخيمات الصيفية بهدف منحهم فرصة للترفيه والتعلم وتنمية المهارات والقدرات الذاتية، في بيئة تربوية وآمنة بعيدة عن الروتين اليومي، خصوصا خلال العطلة الصيفية التي تُعد مساحة ضرورية للاستفادة من أنشطة موجهة تناسب اهتمامات الأطفال وميولاتهم”.

وأوضح رشدي، في تصريح لهسبريس، أن “أهمية المخيمات الصيفية تزداد بشكل كبير لدى أطفال العالم القروي الذين يفتقرون في الغالب إلى فضاءات للتنشيط والترفيه؛ ما يجعل من هذه المبادرات فرصة نادرة لاكتشاف محيط جديد وتعزيز التواصل والانفتاح على الآخر، في إطار من التوجيه والتأطير التربوي الهادف”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “جمعيتنا بخريبكة تشتغل، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الشباب والجامعة الوطنية للتخييم، وبدعم من ‘أكت فور كمنتي’، منذ أزيد من عشر سنوات، على برنامج تربوي لفائدة أطفال المناطق القروية يهدف إلى تمكينهم من حقهم في الاصطياف والتعلم والتكوين الذاتي الجماعي”.

وأكد الفاعل الجمعوي أن “هذه التجربة تُعد فرصة لهؤلاء الأطفال لاكتساب مهارات جديدة وترك أثر نفسي إيجابي يرافقهم بعد نهاية المخيم، خاصة أن أغلبهم يواجهون صعوبات في الاندماج بسبب عزلة الوسط القروي؛ وهو ما نحاول تجاوزه عبر برامج متكاملة تعزز الثقة بالنفس وتفتح آفاقا أوسع للتطور الشخصي”.

تنمية نفسية متكاملة

ندى الفضل، أخصائية ومعالجة نفسية إكلينيكية، قالت إن “المخيمات الصيفية تلعب دورا نفسيا وتربويا كبيرا في تنمية شخصية الطفل، إذ تساهم في تعزيز استقلاليته وثقته بنفسه، خصوصا عندما يقضي وقتا بعيدا عن الأسرة؛ مما يساعده على الاعتماد على ذاته، ويشعره بالنضج والقدرة على اتخاذ قراراته اليومية بشكل مستقل وآمن”.

وأوضحت الفضل، في تصريح لهسبريس، أن “المخيم يوفر فضاء غنيا بالتجارب الاجتماعية التي تساعد الطفل على تنمية مهارات التواصل، والتفاعل الجماعي، والتسامح مع الآخرين”، مشيرة إلى أن “الأنشطة البدنية والترفيهية داخل المخيمات تُعد وسيلة فعالة لتفريغ الطاقة والانفعالات بشكل صحي”، معتبرة أن “مشاركة الطفل في هذه الأنشطة تساعد في تحسين مزاجه العام، والتخفيف من التوتر أو القلق الذي قد يعانيه”.

وشددت الأخصائية والمعالجة النفسية الإكلينيكية على أن “التجارب الجديدة التي يمر بها الطفل خلال فترة التخييم تُساهم في دعم نموه النفسي السليم”، مبرزة أن “البيئة الجديدة تعزز مرونة الطفل النفسية، وتطوّر قدرته على التكيف مع مواقف غير مألوفة”، لافتة إلى أن “بعض المواضيع، مثل التربية الجنسية، يمكن تقديمها بلغة مناسبة تعلّم الطفل احترام جسده، والتمييز بين اللمسات الآمنة وغير الآمنة؛ مما يحصّنه نفسيا بطريقة علمية وآمنة”.

ونبّهت المتحدثة إلى أن “تحقيق النتائج الإيجابية المرجوة من تجربة التخييم، يمر أولا من استعداد الطفل نفسيا وعاطفيا”، موضحة أن “الطفل يجب أن يكون قادرا على الانفصال المؤقت عن أسرته دون قلق مفرط أو خوف”، مضيفة أن “توفر بيئة آمنة ومنظمة شرط أساسي في أية تجربة تخييم، إذ إن المخيم يجب أن يكون تحت إشراف تربوي ونفسي مؤهل، وأن يلتزم بشروط السلامة والرعاية المناسبة”.

وأكدت ندى الفضل على “أهمية المحتوى التربوي داخل المخيم”، موضحة أن “الأنشطة المقترحة يجب أن تكون تنموية وتثقيفية في آن، مثل التوعية الصحية والجسدية، بما يتلاءم مع عمر الطفل وقدراته الذهنية، دون إفراط أو تفريط”، مشددة على أن “موافقة الأسرة المسبقة ومشاركتها في القرار عامل أساسي في إنجاح تجربة التخييم”.

وقالت الأخصائية عينها إن “التدرّج في تجربة التخييم يضمن تقبّلا أفضل لدى الطفل”، موضحة أنه “من الأنسب أن تكون الفترة قصيرة في البداية، ثم تمتد تدريجيا حسب تجاوبه واستعداده”، مشددة على “ضرورة احترام خصوصية الطفل داخل برامج التربية الوقائية”، مشيرة إلى أن “المخيمات يجب أن تعتمد أسلوبا تربويا وعلميا في تقديم هذه المواضيع، بعيدا عن التهويل أو التلقين، ومع ضمان موافقة الأسرة المسبقة على مضامين التوعية المُقترحة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا إيران دونالد ترامب أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا