أدى ظهور عبد اللطيف الناصري، نائب عمدة الدار البيضاء المفوض له قطاعا الثقافة والرياضة، خلال فعاليات مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، إلى احتقان في صفوف أعضاء لجنة تتبع الاتفاقيات المتعلقة بالتظاهرات.
وأكد أعضاء اللجنة المكلفة بمراقبة كل ما يتعلق بالتظاهرات، أن البرنامج السنوي للتظاهرات والأنشطة الثقافية والرياضية، ومختلف برامج التأهيل والتجهيز والصيانة والتنشيط المتعلقة بالمرافق الثقافية موضوع الاتفاقية، لم يتم تداوله داخل هذه اللجنة.
وانتقد الأعضاء الطريقة التي تدار بها لجنة التتبع، والتي لم تنعقد منذ مدة طويلة، حسب قولهم، مؤكدين أن “القانون يسمح بعقد اجتماعات هذه اللجان مرتين في السنة”، وهو الأمر الذي لم يتحقق لأسباب غير مبررة.
وسجل أعضاء اللجنة ملاحظات كبيرة في حق عبد اللطيف الناصري، واصفين تسييره بـ”العشوائي”، مشددين على أن “الأخير يمارس مهامه بشكل انفرادي، بهدف الظهور وحده أمام المواطنين، دون إشراك فريق عمل” وفق تعبيرهم.
وأثار أحمد مفتاح، عضو لجنة تتبع الاتفاقيات الخاصة بتنظيم التظاهرات الثقافية والرياضية بمدينة الدار البيضاء، العديد من التساؤلات حول مدى احترام جماعة الدار البيضاء للالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقيات التي تصادق عليها، خاصة تلك المتعلقة بالإشراف على التظاهرات والمهرجانات الكبرى التي تعرفها العاصمة الاقتصادية.
وقال مفتاح، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، إن “المصادقة على اتفاقية من طرف المجلس لا تعني فقط تمريرها شكليا، بل تفرض على المجلس، وعلى رئاسته بشكل خاص، احترام كل بند من بنودها كما صودق عليها داخل دورات المجلس، لا سيما تلك التي تنص صراحة على آليات التتبع والمصادقة على البرامج والميزانيات المرتبطة بالتظاهرات الثقافية والرياضية”.
وأوضح المتحدث أن من بين المقتضيات الأساسية التي تتضمنها الاتفاقيات المماثلة، بند واضح يتعلق بإحداث “لجنة الإشراف والتتبع”، وهي هيئة يُفترض أن تُكلف بمهام تتبع حسن تنفيذ مضامين الاتفاقية، وضمان احترام معايير الجودة في تأهيل وتدبير وصيانة المرافق الثقافية والرياضية المرتبطة بها، إلى جانب المصادقة على البرامج السنوية للتظاهرات، ومواكبة تنفيذها على أرض الواقع، بما يشمل التتبع المالي والإداري لكل نشاط أو مهرجان.
وأشار إلى أن هذه اللجنة تُشكل من ممثلين عن كافة الأطراف المتعاقدة، ويرأسها رئيس مجلس الجماعة أو من ينوب عنه، وتضطلع بدور محوري في المراقبة والتنسيق، كما ترفع تقارير دورية للأطراف المعنية توضح مدى التزام المتدخلين ببنود الاتفاقية.
وفجر مفتاح مفاجأة بقوله: “بصفتي عضواً في هذه اللجنة، لا علم لي بأي برنامج سنوي تمت المصادقة عليه، كما لم أتوصل بأي تقرير يتعلق بتنفيذ الاتفاقية، علماً أن الاتفاق ينص على أن اللجنة تجتمع على الأقل مرتين في السنة أو كلما دعت الحاجة، وهو ما لم يتم احترامه لأزيد من عام كامل”.
وأضاف: “هذا الغياب يطرح علامات استفهام كبيرة حول من يتحمل مسؤولية هذا التقصير، خاصة وأن الأنشطة والمهرجانات تنظم فعلياً دون إشراك اللجنة ولا إخبار أعضائها”.
وتوقف مفتاح عند حالة “مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي”، الذي قال إنه لم يكن على علم بانطلاقه، ولم يتوصل بأي وثيقة أو إعلان رسمي، حيث علم به فقط عبر منشور على صفحة النائب المفوض له في القطاع على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن جماعة الدار البيضاء تُعتبر من الشركاء الأساسيين في تنظيم هذا الحدث، بموجب اتفاقية موقعة مع شركة “الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات” (كازا إيفنت)، والتي تمثل الجماعة في تنظيم مختلف التظاهرات الفنية والرياضية.
وتساءل مفتاح بلهجة استنكارية: “إذا كانت هذه الشركة مكلفة بتسويق صورة المدينة، فلماذا لا يتم إشراك الجماعة في التواصل، أو على الأقل نشر إعلانات التظاهرات على القنوات الرسمية التابعة للمجلس أو المقاطعات؟ لماذا لا يتم إبلاغ أعضاء المجلس حتى عبر المجموعات الداخلية على تطبيق واتساب؟”.
كما دعا إلى فتح نقاش جاد حول توقيت تنظيم هذا النوع من المهرجانات، ومدى احترام المساطر القانونية والإدارية المعمول بها، متسائلاً: “من المسؤول عن هذا التسيب؟ وكيف يمكن القبول بتنظيم تظاهرات ممولة من المال العام في ظل غياب الشفافية، وغياب لجنة التتبع التي من المفترض أن تصادق وتراقب وتواكب كل هذه الأنشطة؟”.
وختم مفتاح تصريحه بالتشديد على ضرورة التفعيل الفوري للجان التتبع والإدارة المنصوص عليها في الاتفاقيات، داعياً إلى احترام مبدأ الشفافية، وإشراك المنتخبين في كل ما يرتبط بتدبير الشأن الثقافي والرياضي للمدينة، ضمانا لحسن صرف المال العام وخدمة للمواطن البيضاوي.
وحاولت جريدة “العمق المغربي” مع عبد اللطيف الناصري نائب عمدة الدار البيضاء، غير أنه لم يتفاعل مع اتصالات وأسئلة الجريدة.