نفت “حركة صحراويون من أجل السلام” صحة الادعاءات التي روجتها الآلة الإعلامية التابعة لجبهة البوليساريو الانفصالية بشأن مزاعم تجميد ملف انضمامها إلى منظمة الأممية الاشتراكية، ووصفتها بـ “المغالطات الممنهجة” التي تستهدف، بحسبها، “حجب حقيقة التحول السياسي الجاري داخل الساحة الصحراوية”.
ويأتي هذا النفي عقب بيان للجبهة تحدث عما اعتبره “تطورا حاسما” و”سحبا للتمثيل المزيف” إثر تحركات دبلوماسية قادتها داخل أروقة المنظمة. وهي رواية نفتها الحركة بشكل قاطع، مبرزة أن “قرار انضمامها صدر وفق مساطر قانونية واضحة، ولا رجعة فيه”.
وأكدت الحركة، في بيان رسمي صدر عن لجنة الإعلام والاتصال مساء اليوم السبت من العاصمة الإسبانية مدريد، أن قرار انضمامها إلى الأممية الاشتراكية تم اتخاذه بناء على المعايير والإجراءات المعمول بها داخل المنظمة الدولية، مؤكدة أن أي محاولة التشويش على هذا القرار “لن تغير من الواقع الجديد شيئاً، مهما تم تكرار الخطاب التضليلي”.
وأوضحت الحركة أن ما جاء في بيان البوليساريو لا يندرج سوى في إطار سياسة إنكار متجددة، تحاول من خلالها الجبهة الإبقاء على خطاب الاحتكار والوصاية السياسية على عموم الصحراويين، في الوقت الذي تتصاعد المطالب الداعية إلى التعددية، وتطرح فيه بدائل أكثر واقعية داخل الأوساط الصحراوية.
وأضاف البيان، الذي اطلعت هسبريس على نسخة منه، أن هذه التطورات شكلت “ضربة موجعة لبروباغندا البوليساريو”، التي تدّعي تمثيلا حصريا للشعب الصحراوي، لافتا إلى أن “انضمام حركة صحراويون من أجل السلام إلى الأممية الاشتراكية يمثّل بداية لمرحلة جديدة تقوم على قيم الديمقراطية، وتكسر منطق الحزب الواحد الذي ظلت الجبهة تحتكره لعقود”.
وأبرزت الحركة أن “المرحلة المقبلة ستشهد انبثاق صوت صحراوي جديد، أكثر انفتاحا ومسؤولية، يعبر عن واقع متنوع داخل المجتمع الصحراوي، لا يُختزل في قيادة واحدة أو خطاب أحادي”. كما أكدت أن “وجودها داخل الأممية الاشتراكية أصبح حقيقة سياسية لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن إلغاؤها عبر حملات التشكيك أو التشويش”.
وختم البيان بالتأكيد على أن الحركة ستمضي في تمثيل شريحة واسعة من الصحراويين الطامحين لحل سياسي واقعي، بعيدا عن خطابات التجييش والانغلاق، ومتماه مع تطلعات الجيل الجديد من أبناء الصحراء الباحثين عن مستقبل يعترف بالتعدد والاختلاف.
وفي هذا الصدد، قال محمد الشريف، مسؤول العلاقات الخارجية لـ”حركة صحراويون من أجل السلام”، إن الادعاءات التي وردت في بيان جبهة البوليساريو حول ما وصفته بتجميد انضمام الحركة إلى منظمة الأممية الاشتراكية “عارية تماما من الصحة”، وتهدف إلى تضليل الرأي العام الصحراوي والدولي، في محاولة لإرباك المشهد بعد تلقي الجبهة ضربة سياسية موجعة على مستوى الشرعية التمثيلية.
وأكد الشريف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن قرار قبول الحركة كعضو داخل الأممية الاشتراكية تم وفق قواعد ومعايير واضحة لا تترك مجالا للتأويل أو المراجعة، لافتا إلى أن “الحديث عن تحقيق داخلي أو مراجعة محتملة ليس سوى محاولة مكشوفة لترويج الوهم، وخلق حالة ارتباك سياسي لا تستند إلى أي أساس قانوني أو تنظيمي داخل المنظمة”.
وأضاف أن “حركة صحراويون من أجل السلام” ستواصل عملها المؤسساتي والدبلوماسي داخل المحافل الدولية، باعتبارها صوتا جديدا ومشروعا ينطلق من واقع التعدد السياسي داخل المجتمع الصحراوي، ويجسد إرادة جزء واسع من الصحراويين في التحرر من منطق الاحتكار والانغلاق الذي تمثله جبهة البوليساريو.
من جانبه، أكد سيدي السباعي، رئيس شبيبة “حركة صحراويون من أجل السلام”، أن الرسالة الأخيرة الصادرة عن جبهة البوليساريو والموجهة إلى منظمة الأممية الاشتراكية تعبّر عن “انزعاج هستيري” من منح الحركة صفة العضو المراقب داخل هذه المنظمة الدولية، مضيفا أن “مثل هذه المواقف المتشنجة تكشف عن ضيق أفق الجبهة في التعامل مع مبدأ التعددية، ورفضها لأي صوت صحراوي مستقل يطرح رؤية مغايرة للحل”.
وأبرز السباعي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الحركة تمثل صوتا صحراويا أصيلا يسعى إلى تحقيق تسوية سلمية وعادلة لقضية الصحراء الغربية”، مشيرا إلى أن “اتهامات البوليساريو لها بكونها مجرد واجهة مخابراتية لا تستند إلى أي دليل، وتندرج في إطار حملات التشويه المعتادة التي دأبت الجبهة على توظيفها كلما برز مشروع صحراوي مستقل يُعبّر عن جزء من الصحراويين خارج عباءتها”.
وأضاف أن تصعيد البوليساريو، خاصة بعد انخراط نساء “حركة صحراويون من أجل السلام” في قمة مجلس النساء الاشتراكيات، يكشف عن حجم القلق من اتساع دائرة الاعتراف الدولي بالحركة، مشيرا إلى أن “الأممية الاشتراكية تفتح أمام مختلف هياكل التنظيم فضاء جديدا للترافع والحوار مع قوى سياسية دولية وازنة؛ وهو ما تعتبره الجبهة تهديدا لخطابها الأحادي القائم على احتكار التمثيل”.
وتابع قائلا إن “الحملة التي تقودها البوليساريو ضد الحركة تعكس عجزها عن تقبل التنوع السياسي داخل الجسم الصحراوي”، لافتا إلى أن “الاتهامات بالخيانة والعمالة لا يمكن أن تحجب حقيقة أن الحركة تنظيم سياسي مستقل لا تربطه أي علاقة تبعية بالمغرب أو غيره، بل يحمل مشروعا سلميا هدفه إنهاء معاناة الصحراويين داخل المخيمات وخارجها، وتمكينهم من حقهم في التعبير والاختيار ضمن إطار تعددي ديمقراطي”.
وختم السباعي تصريحه بالتأكيد على أن الحركة ستواصل الدفاع عن حق الصحراويين في مستقبل يقوم على الحوار والانفتاح والتعددية، بعيدا عن منطق الإقصاء والأحادية الفكرية، منبها إلى أن “اللجوء إلى مقالات قديمة في الصحافة الإسبانية لتشويه الحركة لا يغير من واقع أن البوليساريو نفسها كانت موضوع اتهامات مماثلة في الماضي، وهو ما يؤكد أن الحقيقة لا تُصاغ بالدعاية، بل بالمواقف الديمقراطية والميدانية”.