أعلنت الطريقة البنانية، بمشيختها ومريديها، عن انخراطها العملي في خطة “تسديد التبليغ”، التي يشرف عليها المجلس العلمي الأعلى تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس.
وأوضحت الطريقة، في رسالة وجهها الشيخ لطف الله البناني إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، أن هذا الإعلان يأتي في سياق التجاوب مع المحاضرة التي ألقاها الوزير مساء السبت 17 ماي الجاري بمدينة مراكش وأبرز خلالها الأدوار التاريخية والتربوية للزوايا في بناء الإنسان وتوجيه المجتمع.
وأشادت الزاوية البنانية بمضامين المحاضرة، معتبرة أن تأكيدها على التكوين الروحي والأخلاقي يعكس جوهر الرسالة الصوفية؛ وذلك في انسجام تام مع مقولة مؤسسها الشيخ أبي بكر البناني “بناء الإنسان قبل بناء الحيطان”.
وفي سياق التفاعل العملي مع هذه الرؤية، أعلنت الطريقة البنانية عن مجموعة من الالتزامات التي تهدف إلى الإسهام الفعلي في خطة “تسديد التبليغ”؛ من خلال توظيف خبرتها التربوية والعرفانية في تنظيم مجالس الذكر والتكوين والتوعية، علاوة على تأهيل الطاقات الشابة علميا وروحيا داخل المغرب وخارجه بما يمكنها من التبليغ بالقدوة والسلوك قبل الخطاب.
كما عبّرت الزاوية ذاتها عن استعدادها للانفتاح على المؤسسات الرسمية، وخاصة المجالس العلمية، من أجل تنسيق الجهود وتبادل الخبرات؛ علاوة على تأكيدها أهمية استثمار الرصيد الجمالي والعرفاني للزاوية في بناء خطاب ديني إيجابي يعيد ثقة الناس في الدين ويعزز صلته بالواقع.
وتعكس هذه الخطوة وعي الطريقة البنانية بأهمية المساهمة في مشروع الإصلاح الديني، وتؤشر على انتقال الزوايا من الانغلاق الطقوسي إلى الانخراط الواعي في قضايا الأمة الروحية والثقافية. ويُجمع العارفون بالمجال الصوفي المغربي على أن دور الزوايا لم يعد، اليوم، ترفا رمزيا؛ بل أصبح ضرورة ملحة في ظل تعقّد التحديات الروحية والسوسيوثقافية التي تواجه المجتمع.
يشار إلى أن خطة “تسديد التبليغ” تسعى إلى تجاوز التبليغ الشكلي نحو تأطير متكامل يزاوج بين العمق الروحي والوعي بالواقع. ولذلك، فإن الزوايا أصبحت طرفا محوريا في تحقيق هذا التحول من خلال التربية والمواكبة، وليس فقط التلقين.