تصدر مستقبل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي اهتمامات عموم المشاركين ضمن أشغال “الاجتماع الخامس للتحالف الدولي لتطبيق حل الدولتين”، الذي ينعقد الثلاثاء بالرباط، برحاب مقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وبمشاركة مسؤولين دبلوماسيين يمثلون أزيد من 50 بلدا.
وحضر أشغالَ هذا الاجتماع مسؤولون بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وكذا الاتحاد الأوروبي وأقطار عالمية أخرى، إذ حاولوا بسط مقترحاتهم حُيال أولويات تأسيس دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، في وقت تواصل آلة الحرب الإسرائيلية دكّ ما تبقى من قطاع غزة وإطباق الحصار على تدفق المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية.
وتجسدت أشغال “الاجتماع الخامس للتحالف الدولي لتطبيق حل الدولتين” في جلسات متنوعة على مدار يوم كامل يتم خلالها تقييم أثر مبادرات السلام السابقة وسُبل تعزيز المؤسسات الفلسطينية والحكامة، فضلا عن النقاش بخصوص الأسس الاقتصادية للسلام. وعبّر المغرب عبر ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية، عن الدعم التام لخطة حل الدولتين، منتقدا في الآن ذاته “تدمير المرجعيات”؛ في إشارة إلى العدوان الإسرائيلي المناقض للأعراف الإنسانية والقانونية الدولية.
أكدت فارسين أغبيكيان شاهين، وزيرة الدولة للشؤون الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إن “هذا اللقاء يأتي في وقت جد صعب بالنسبة للقضية الفلسطينية، حيث تُباد غزة وتقع غزة تحت الانتهاكات؛ في حين إن القدس الإسلامية والمسيحية والعربية تُقتحم وتُهود يوميا”.
وقالت أغبيكيان شاهين، ضمن ندوة صحافية، الثلاثاء، إن “المشروع الفلسطيني في خطر كبير، وهذه اللقاءات هي جزء من البِناء الهادف إلى تجسيد الدولة الفلسطينية. وتأتي أيضا تحضيرا للقاء الذي ستحتضنه نيويورك في المستقبل القريب”، مشيرة إلى التعويل على هذه اللقاءات الدولية بشكل أكيد.
كما أوضحت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن “إسرائيل ـ دولة الاحتلال لا تهدد فقط الفلسطينيين وإنما العالم العربي ككل، وربما العالم بصفة عامة، إذ تنتهك كل الأعراف الدولية؛ وذلك بعدما أفلتت من المحاسبة والعقاب. وهذا الإفلات هو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم”، مفيدة بكونها “تأمل أن تكون مداولات هذا اليوم سانحة لمعرفة ما سيتم القيام به من أجل أن نخلص فلسطين من الوضع العنيف الحالي ونصل إلى مرحلة تجسيد الدولة”.
ثمّن حسام زكي حسن، أمين عام مساعد لجامعة الدول العربية، الدعوة التي تلقاها من المملكة المغربية بغرض المشاركة في أشغال الاجتماع الخاص للتحالف الدولي لتطبيق حل الدولتين، مؤكدا في الآن نفسه أن “هذا الحل هو الأساسي في أدبيات جامعة الدول العربية، وعلى أساسه تشكلت مبادرة السلام العربية التي لا نزال نؤمن بها وندعمها كجامعة دول عربية”.
وشدد زكي على أهمية هذا الاجتماع باعتباره “يشكل دعما قويا للتحضيرات التي تخص المؤتمر الدولي، الذي يرتقب أن يُعقد بنيويورك خلال يونيو المقبل؛ وذلك حول السلام وتجسيد الدولة الفلسطينية”.
وأضاف أيضا: “يصعب الحديث عن حل الدولتين دون الإشارة إلى الأوضاع المزرية التي توجد في قطاع غزة، نتيجة لاستمرار الاعتداءات الهمجية الإسرائيلية على سكان هذا القطاع، وتبني خطة واضحة تروم تهجير سكان إلى الخارج”، مردفا: “الأمر منافٍ ليس فقط للقانون الدولي الإنساني، وإنما للأخلاق والقيم الإنسانية التي يفترض أن نتشارك فيها”.
وحاول “المسؤول العربي” تذكير الدول التي لديها “مواقف متماهية مع الاحتلال والاعتداءات الاسرائيلية” بـ”وجود قيم إنسانية يجب إعلاؤها؛ فالفلسطينيون يظلون أفراد لهم تطلعاتهم ورغباتهم في السلام”.
أفاد كريستيان ريبرغن، الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية لمملكة هولندا، بأن “تنظيم هذا الاجتماع يعد دليلا على الشراكة الواسعة والاستراتيجية التي تجمع بين المملكة المغربية ومملكة هولندا”، مثمنا “دور المغرب البناء بمنطقة الشرق الأوسط تحت القيادة الملكية”.
وأكد ريبرغن أن “هذه المرة الأولى التي يترأس فيها شريك عربي وآخر أوروبي اجتماعا في إطار التحالف العالمي لتطبيق حل الدولتين، وهو ما ينطلق أساسا من الشراكة الاستراتيجية بين هذين البلدين”.
وزاد: “علينا أن نُقر بأن هذا الاجتماع يُعقد في ظل وضع إنساني كارثي في غزة. وأود أن أكرر موقف هولندا بأن الحصار المفروض على المساعدات الإنسانية والكهرباء يجب أن يُرفع بالكامل وبدون شروط”، ذاكرا أن الوزير الهولندي يشدد على أن “هذا الحصار يُعد انتهاكا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي، وأن إعلان إسرائيل السماح بدخول كمية ضئيلة من المساعدات إلى قطاع غزة لا يكفي لتلبية الاحتياجات الكبيرة”.
وحسب المصدر ذاته، فإن وزارة الخارجية لمملكة هولندا “وقعت على إعلان إنساني يدعو إلى الاستئناف الكامل وغير المقيد للمساعدات إلى غزة فورا ووفقا للمبادئ الإنسانية، إذ تعزز الأزمة في غزة الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، مع وجود قلق تجاه التطورات في الضفة الغربية أيضا”.
وقال أيضا: “لقد دعونا الاتحاد الأوروبي إلى إجراء مراجعة أوسع للعلاقة مع إسرائيل، وتحديدا مدى امتثال هذه الأخيرة للمادة الثانية من اتفاقية الشراكة مع بروكسيل، والمعروفة أيضا باسم “بند حقوق الإنسان”، مفيدا بأن “هذه الخطوات لا تقلل بأي شكل من الأشكال من تضامن هولندا مع إسرائيل ودعمها لها، حيث تقف إلى جانب عائلات الضحايا والمحتجزين لدى “حماس”، وتُعبر أيضا عن قلقها العميق حيال الظروف التي يُحتجز فيها هؤلاء”.
وأكد كريستيان ريبرغن “الالتزام بحل تفاوضي يقوم على أساس الدولتين. ونحن على ثقة من كون مناقشات هذا اليوم ستقربنا خطوة إلى الأمام نحو تحقيق الهدف الذي نتفق عليه اليوم، وهو حل الدولتين”، مشيدا بـ”حُسن تنظيم هذا الاجتماع في نسخته الخامسة”.