نوّه فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب بـ”تجاوب الحكومة الدائم وتفاعلها المنتظم، والتزامها بمقتضيات الدستور التي تنظّم علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية، من خلال الإصرار على مناقشة قضية التعليم كأولوية وطنية”، معتبرا أن “قضية إصلاح منظومة التعليم ببلادنا تشكّل التحدي الأكبر والرهان الأساسي للبلوغ إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة”.
وسجل فريق “الحمامة” بالغرفة الأولى، اليوم الاثنين، في كلمة للفريق خلال جلسة عمومية خصّصت للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة المرتبطة بالتربية الوطنية والتعليم العالي، أن “إصلاح قطاع التعليم يُعدّ أساسيا للاستثمار في الرأسمال البشري، الذي يشكّل الثروة الوطنية الاستراتيجية لمواجهة تحديات العولمة والتنافسية والسباق نحو امتلاك الخيرات والعلوم والتقنيات”.
محمد حدادي، النائب عن “فريق الأحرار”، قال إن “الحكومة استثمرت في تنفيذ البرنامج الحكومي 2021-2026 بدقّة وفعالية، من أجل تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في الولوج إلى التربية والتكوين، وتطوير النموذج البيداغوجي، وتحسين جودة البيئة التربوية والتكوينية، وتعزيز حكامة منظومة التربية والتكوين، وتحقيق تعبئة مجتمعية حول الإصلاح”، مسجلا “اعتزاز فريقه بالمؤشرات الإيجابية التي يعرفها قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة”.
وأضاف النائب: “العرض الحكومي يولي أهمية كبرى للتعليم باعتباره من بين ركائز الدولة الاجتماعية، حيث تسعى الحكومة إلى ردّ الاعتبار لمهنة التدريس”، مشيرا إلى “نجاح الحوار الاجتماعي القطاعي بين الوزارة والنقابات، والذي اعتمد على مقاربة تشاركية قائمة على الحوار والتشاور والإنصات المتبادل، وتُوِّج بالتوقيع على اتفاق 14 يناير 2023؛ كما تم تنزيل بنود هذا الاتفاق بنسبة 90 بالمائة”.
وتحدث حدادي كذلك عن “تعبئة الموارد المالية اللازمة للإصلاح، حيث وصلت الميزانية السنوية للقطاع إلى قرابة 90 مليار درهم. كما عملت الحكومة على تعبئة 5.9 مليارات درهم إضافية كل سنة، في أفق سنة 2027، مما سينعكس إيجابا على الحياة اليومية لأسرة التعليم بالمغرب”، مسجلا أنه “لا معنى لإصلاح منظومة التعليم دون تحقيق الجودة والإنصاف والعدالة المجالية، وهذا تجلى في العناية الحكومية للنهوض الشامل بالوسط القروي”.
وأكد النائب عن فريق حزب التجمع والأحرار بمجلس النواب أن “مدارس الريادة تسير في الطريق الصحيح وتحقق النتائج المرجوة، مع مواكبة الحكومة لمعالجة الإشكالات والإكراهات التي قد تظهر أثناء التنزيل”، موردا أن “غالبية الالتزامات المتعلقة بالتلميذ والأستاذ والمؤسسة، وخاصة داخل مشروع مدارس الريادة، قد تم تحقيقها بشكل كلي، في ما يخص العديد من البنود”.
وتابع النائب ذاته: “الحكومة في طريق استكمال باقي الالتزامات مع حلول سنة 2026، حيث يتم التنفيذ وفق الجدول الزمني المحدد”.
من جانبه، قال رشيد صابر، النائب عن فريق “حزب الحمامة”، إن “الحكومة أطلقت، منذ تولي المسؤولية، مسارا إصلاحيا شجاعا لمنظومة التعليم العالي، في وقت لا يزال فيه البعض أسير الشعارات الفضفاضة والخطابات الفارغة”، مسجلا أن “الفرق اليوم واضح: بين من يشتغل وينجز، ومن يكتفي بالتهجم والنقد العقيم”، وزاد: “الحكومة اختارت مقاربة تشاركية حقيقية، قادت إلى بلورة ميثاق وطني للتعليم العالي والبحث العلمي”.
واعتبر صابر أن “الحكومة وضعت اليد على مكامن الخلل؛ ومنها انقطاع حوالي 49 في المائة من الطلبة دون الحصول على شهادة جامعية، وكذا ونسبة البطالة المرتفعة في صفوف الشباب بلغت 18.7 في المائة. كما تعاطت مع ضعف ملاءمة التكوين مع متطلبات سوق العمل”، مسجلا أن “الحكومة جاءت بالمقابل بإجراءات ملموسة وصادقت على النظام الأساسي الجديد لهيئة الأساتذة الباحثين مع زيادة في الأجر الصافي بحوالي 3000 درهم”.
وتطرق النائب إلى “مراجعة دفاتر الضوابط البيداغوجية للإجازة والماستر والدكتوراه، وكذلك تعزيز المهارات اللغوية والرقمية والذاتية للطلبة، فضلا عن إحداث شعب أفقية بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح، واعتماد التعليم عن بعد كمكمل ضروري للتعليم الحضوري”، لافتا أيضا إلى “إطلاق مراكز التميز لفائدة الحاصلين على الباك +2، وتبني نموذج مرن لإعادة التوجيه مع ترصيد المكتسبات”.
العربي المحرشي، عن فريق حزب الأصالة والمعاصرة، سجل وجود “إنجازات حقيقية على أرض الواقع: مدارس جماعاتية، تسوية وضعية نساء ورجال التعليم، ومبادرات واقعية ومهمة”.
واستدرك المحرشي بالقول: “لكن، نلتمس الالتفات إلى النقل مدرسي؛ (…) هناك ضرورة لمبادرات خاصة من طرف الحكومة، لأن البرنامج تتدخل فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لاوالجماعات”.
وتابع النائب عن فريق حزب الأصالة والمعاصرة: “لاحظنا أن أبرز الاحتجاجات التي ترافق الدخول المدرسي كانت بسبب النقل المدرسي، والمشكل يطرح بحدة في العالم القروي، خصوصا في صفوف الفتيات، حيث إن أكبر نسبة للهدر المدرسي في هذه الفئة تعود إلى غياب وسائل النقل”، لافتا إلى أن “الصندوق الخاص بالنقل المدرسي أدرج في ميزانية 2025، لتمكين الحكومة من التدخل المباشر وتزويد الأقاليم والجماعات بهذه الخدمة الأساسية والحيوية”.
ودعا النائب ذاته إلى “مواصلة الجهد الكبير، في تتبع إنجازات ملاعب القرب التي تم توقيع اتفاقياتها منذ سنة 2015. فبعد أن توقفت حينها، جاء تحرك الحكومة الحالية لتُعيد إطلاق هذه المبادرة، وبدأت الإنجازات”، وزاد: “نطلب المواكبة والتتبع، لأن الأمر يستدعي تدخلا خاصا؛ إذ لا يوجد في الأكاديميات أو المديريات الإقليمية مسؤولون مكلّفون بالشأن الرياضي”.
أما حنان الماسي، عن فريق “حزب الجرار”، فقد أوردت أن “بناء اقتصاد حقيقي، وتنمية شاملة، وتحقيق الأوراش الكبرى(..) يمرّ حتما عبر توفير رأس مال بشري مبتكر، ومؤهل، ومتخصص، ومكوَّن تكوينا جيدا”.
وتابعت الماسي: “ولهذا، لم تدّخر الحكومة جهدا في إيلاء قطاع التعليم العالي الأهمية المستحقة؛ وهو ما تدل عليه النتائج المحققة على هذا المستوى في ظرف زمني قياسي”.
وشددت النائبة عينها على أن “الإنجازات المحققة في هذا القطاع يجب أن تواكبها استمرارية في العمل، فيما تبقى من عمر هذه الولاية الحكومية، بهدف الرفع من تصنيف الجامعات المغربية قاريا وعربيا وعالميا، وتعزيز الشراكات بين الجامعات المغربية ونظيرتها الدولية، حتى تكون جامعتنا في مصاف الجامعات العالمية المرموقة”.
كما أكدت على “أهمية التركيز على الشعب والتخصصات الجامعية التي تسهّل الاندماج في سوق الشغل، وتحقيق التكامل بين منظومة التربية والتعليم العالي والتكوين المهني وسوق الشغل، عبر انسجام حقيقي بين هذه المستويات الثلاثة”.
وزادت: “ولن تفوتنا الفرصة دون التنويه بالمجهودات المبذولة على مستوى قطاع التكوين المهني؛ من خلال إحداث عدد جديد من مؤسسات التكوين، باعتبارها رافعة من روافع النهضة الشاملة لبلادنا”.
محمد الطيبي، النائب عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، قال إن “الحكومة حرصت على جعل التعليم مسالة وطنية بعد قضية الوحدة الترابية وإعطائها الأولوية في تدبير السياسات العمومية والقطاعية، سواء من خلال الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع التربية والتعليم، التي عرفت زيادة تصاعدية ملحوظة بشكل غير مسبوق وصلت إلى 85.6 مليارات درهم، إلى جانب الغلاف المالي المخصص لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي قدره 16.4 مليارات درهم”.
وأشار الطيبي إلى “الورش الكبير المتعلق بإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي كما جاء به القانون الإطار، وكذا اعتماد خارطة الطريق 2022/2026 التي تأتي في إطار التوجيهات الملكية التي تجعل من التعليم أداة حقيقية للانخراط في عالم المعرفة والتواصل والاندماج في سوق الشغل والارتقاء الفردي والاجتماعي؛ وعلى أساس الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 من أجل مدرسة الانصاف والجودة والارتقاء”.
وسجل النائب أنه “بالرغم من مختلف هذه الجهود المبذولة المرتبطة بالسياسة التعليمية، والامكانيات الضخمة التي رصدت لها، فإن النتائج والآثار والمردودية تؤكد أن النهوض بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والابتكار وتطويرها لا يرتبط فقط بالموارد المالية والاستراتيجيات والمخططات والبرامج المعتمدة، في ظل ما تعرفه هذه المنظومة من صعوبات من شأنها أن تحول دون تحقيق طموح التكريس الكامل لجودة المنظومة التعليمية وتحسين أدائها وتقوية دورها في نقل المعرفة”.
وتحدث كذلك عن الحيلولة دون “تعزيز مساهمتها في التحول الاقتصادي المنشود يتمتع من خلاله جميع المغاربة بنفس فرص النجاح بما فيها أساسا: الهدر المدرسي، اكتظاظ الأقسام، ارتفاع أسعار الكتب والمقررات واللوازم المدرسية، ضعف البنيات التحتية المدرسية، تأهيل الموجود منها، خاصة بالعالم القروي؛ الوسائل والتجهيزات البيداغوجية والادوات العلمية المتطورة؛ الفجوة الرقمية بين المدن والقرى، استعمال التقنيات الحديثة للإعلام والتواصل في العملية التعليمية –التعلمية”.
من جانبه، أكد النائب الاستقلالي عبد الحليم المنصوري أن “إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي كل لا يتجزأ؛ وبالتالي لا ينبغي النظر إليه كسياسة قطاعية بمدلولها الضيق، بل العمل على جعله في قلب السياسات العمومية حتى تتحمل جميع الأطراف المعنية بالمسار الدراسي العمومي كامل مسؤولياتها في ربح هذا الرهان الوطني”، مسجلا “ما يتطلبه ذلك من تعبئة شاملة وسياسة مستدامة ومقاربة تشاركية قادرة على ضمان الالتقائية والتنسيق والتعاون والتكامل والحكامة الجيدة”.
وشدد المنصوري على أن الوضعية “لا تقبل الحلول المرحلية، من أجل الإسراع بتنفيذ الأوراش والبرامج الكفيلة بتجاوز إشكالية هدر الزمن التعليمي، وإعادة الثقة في المدرسة العمومية، وضمان حق التلميذ والطالب في التعليم النافع بشكل مستمر ومنتظم، وفي ظروف ملائمة، وعلى أساس مبدأ تكافؤ الفرص، ومراعاة مصلحة تلميذ اليوم الذي سيكون مواطن الغد”، مشيرا إلى “ضرورة الانتقال من تعليم مبني على التلقين والحفظ وشحن ذاكرة التلميذ إلى تعليم يعتمد على بيداغوجية تُفجر طاقاته وتصقل مهاراته وتقوي قدراته التعليمية”.