حرّك إعلانُ يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، “قرب تأطير العمل عن بُعد بقواعدَ تنظيمية محددة في مدونة الشغل، التي يتوقع مراجعتها في شتنبر أو أكتوبر المقبلين”، النقاشَ من جديد حول هذا النمط الذي برز بشكل ملحوظ خلال فترة الجائحة بالمغرب.
وكان السكوري، وفق ما نقله الموقع الرسمي لحزب الأصالة والمعاصرة، أكد على المعطى خلال لقاء بالدار البيضاء، بحر هذا الأسبوع؛ وهو اللقاء الذي تضمّن أيضا نقاشا حول “سبل الحفاظ على دينامية التشغيل في زمن الذكاء الاصطناعي”، حسب المصدر نفسه.
وشدّد نقابيون مغاربة على “الأهمية التي يكتسيها التنصيص على نمط العمل عن بعد ضمن النصوص التشريعية الوطنية، على رأسها مدونة الشغل التي يجب أن يُعاد النظر في مضامينها بعد أزيد من 20 سنة من العمل بها”، موضحين أن “الإبقاء على الأمور كما هي حاليا تمنح الأفضلية لفائدة أرباب العمل والإدارات العمومية على حساب المستخدمين والموظفين”.
وقال عبد الله اغميمط، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي، إن “العمل عن بُعد بات أمرا واقعًا منذ جائحة كورونا؛ غير أنه لا يزال يفتقر إلى إطار قانوني واضح يحمي حقوق المستخدمين والموظفين، خاصة في ظل تزايد حالات عدم استفادتهم من الامتيازات نفسها التي يتيحها الاشتغال الحضوري”.
وأضاف اغميمط، في تصريح لهسبريس، أن “تقنين العمل عن بُعد وعزمَ التنصيص عليه ضمن مدونة الشغل أمر بالغ الأهمية، لا سيما في ظل لجوء أرباب العمل إليه كبديل منخفض التكلفة مقارنة بالنمط التقليدي”.
كما شدد على “ضرورة أن تتحمل الإدارة أو المؤسسة الاقتصادية التكاليف المرتبطة بالعمل عن بُعد لفائدة الأجير أو الموظف، مع التنصيص على ذلك بشكل صريح ضمن مدونة الشغل”، مشيرًا إلى أن “هذا النمط، وإن بدا إيجابيًا من زوايا معينة، فإنه يحمل مخاطر حقيقية تتمثل في تحميل القوى العاملة عبء الإنتاج باستخدام وسائل ذاتية، بينما يظل المستفيد الأكبر هو الرأسمالي الذي يسعى إلى خفض التكاليف باعتماد هذا الأسلوب”.
وزاد موضحا: “هذه التحولات تندرج ضمن منطق النيوليبرالية التي تسعى إلى تقليص تكاليف الإنتاج؛ ما يوجب تحيين التشريعات المرتبطة بسوق الشغل لمواكبة هذه المستجدات وضمان حقوق جميع الأطراف”.
من جانبه، قال يوسف أيدي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، إن “العمل عن بُعد يمكن أن يكون خيارًا ممكنًا فقط في بعض مؤسسات القطاع العام أو في القطاعات غير المرتبطة بالإنتاج المباشر والمادي”، مؤكّدًا “دعم النقابات لأي خطوة مسؤولة في هذا الاتجاه”.
وأضاف أيدي، في تصريح لهسبريس، أن “تعميم هذا النمط يبدو صعبًا في ظل اعتماد الاقتصاد الوطني على قطاعات إنتاجية وصناعات تحويلية لا يمكن إدارتها عن بُعد؛ في حين يظل التقنين مهمًا إذا ما حدّد الواجبات والحقوق ونقاط الالتقاء بين الأجير ورب العمل، أو بين الموظف والإدارة العمومية”.
وفي هذا الصدد، تساءل الفاعل النقابي عن “مدى جدية الحكومة في فتح ورش تعديل مدونة الشغل، خاصة أن الزمن السياسي المتبقي لا يسمح بذلك، في وقت تنتظر فيه النقابات بفارغ الصبر إدخال تغييرات على هذه المدونة لحفظ حقوق الشغيلة المغربية”.