آخر الأخبار

لحجمري: الترجمة في المغرب الوسيط كانت أداة لاستيعاب الفكر الوافد

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

قال الأكاديمي والكاتب عبد الفتاح لحجمري، منسق الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة، إن الترجمة في الفضاء المغربي الوسيط “لم تكن نشاطا تقنيا معزولا، بل أداة لتوطين المعارف واستيعاب الفكر الوافد”، مسجلا أنه “منذ القرن الحادي عشر الميلادي، شهدت العواصم الفكرية الكبرى مثل فاس وسلا ومراكش نوعا من التوتر الخلاق بين المعارف المترجمة والمعارف المؤسسة”.

مصدر الصورة

وأضاف الحجمري خلال الجلسة الافتتاحية لندوة بعنوان “الترجمة والفكر والتاريخ.. المغرب الوسيط والحديث من خلال النصوص العربية والعبرية والفارسية”، تنظمها الهيئة سالفة الذكر التابعة لأكاديمية المملكة المغربية، اليوم الاثنين، أن النصوص “انتقلت عبر قنوات متعددة من العربية إلى العبرية، ومن الفارسية إلى العربية، ثم لاحقا من هذه اللغات الثلاث إلى اللاتينية والفرنسية والإسبانية في العصر الحديث”.

وأورد الأكاديمي المغربي أن “الترجمة، بهذا المعنى، كانت تمارين على التملك الثقافي والهيمنة المعرفية، ومجالا للصراع والتفاوض حول المعنى والسلطة”، مسجلا أهمية “السعي إلى تسليط الضوء على دور الترجمة في تشكيل الفكر وتدوين التاريخ خلال حقبتي المغرب الوسيط والحديث من خلال دراسة معمقة للنصوص العربية والعبرية والفارسية”.

مصدر الصورة

ولفت منسق الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة إلى أنه “في تاريخ الثقافات، نادرا ما كانت الترجمة مجرد نشاط لغوي محايد”، موضحا أنها “كانت دوما فعلا حضاريا مركبا، يتداخل فيه التفسير بالتأويل، والسلطة بالمعرفة والهوية بالاختلاف في هذا الأفق، تشكل الترجمة مدخلا لفهم تاريخ الفكر كما تسرب عبر اللغات، وتحول في صيغ التعبير وتوزع في خرائط الجدل المعرفي”، مشددا على أن النقاش في الموضوع لديه “راهنيته وعمقه، لكونه يسمح لنا بالنظر إلى فعل الترجمة بوصفه أفقا لفهم المغرب في امتداداته التاريخية والثقافية”.

وأشار المتحدث إلى أن “الترجمة، بما هي وسيط حضاري ومعرفي، شكلت فضاء خصبا للتفاعل الثقافي كما أسلفت، حيث أسهمت في صياغة الرؤى الفكرية وإعادة تشكيل الهوية التاريخية للمغرب”، مشددا على ضرورة مناقشة “إشكالات التأويل ونقل المفاهيم”، و”البحث في أوجه التفاعل بين الثقافات الثلاث عبر المدونات التاريخية والفكرية، بهدف إبراز عمق الترابط بين الترجمة وإنتاج المعرفة في سياقات التحولات السياسية والاجتماعية”.

مصدر الصورة

ووضّح منسق الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة أن “هذه الندوة تدعو إلى تفكيك التاريخ المغربي المكتوب بلغات اليهودية، من العبرية إلى الجوديو-عربية، وهو تاريخ لم يُدمج بعد في السرديات الكبرى لتاريخ المغرب”، مضيفا أن “قراءة هذا التاريخ تكشف عن تنوّع أنماط العيش والفكر، وعن تعايش اللغات، وتعلّق النصوص الدينية مع الحكاية الشعبية، والحكمة الفلسفية مع الخبرة الاقتصادية والاجتماعية”.

أما البعد الفارسي، يقول لحجمري، فإنه “ينفتح (…) على أفق قلّما تم استقصاؤه في الدراسات المغاربية”، لافتا إلى أنه “بينما ارتبط الحضور الفارسي غالبا بالمشرق، فإن آثاره في المغرب، خصوصا في التصوف، والشعر، والنثر الرمزي، تحتاج إلى إعادة اكتشاف منهجي”، وزاد: “يكفي أن نستحضر الأثر الرومي أو السهروردي في الكتابة المغربية الصوفية، أو تأثير نماذج البلاغة الفارسية في بعض المتون الأدبية المغربية، لندرك أن هذا الحضور لم يكن عرضيا، بل جزءا من شبكة عبور حضاري واسعة تم تجاهلها في التأريخ الكلاسيكي”.

مصدر الصورة

وتطرق الأكاديمي عينه إلى “التأمل في المدارس النحوية وأعلامها قبل القرن التاسع الميلادي، حيث كان علماء المغرب يشاركون في بلورة اللسانيات العربية الأولى ضمن حقل متنازع عليه بين البصرة والكوفة، وكان للمدارس المغاربية رأي واجتهاد وأثر”، مبرزا الانفتاح من خلال الندوة “على دراسة الترجمات المغربية للنصوص المقدسة، وهي ترجمات تمارس التأويل الثقافي بقدر ما تمارس الترجمة الحرفية، وتكشف عن تحولات الرؤية الدينية داخل المجتمع المغربي، في لحظات التوتر أو الإصلاح أو التجديد”.

وأشار إلى بداية اللقاء بمحاضرة للأكاديمي الباحث في الدراسات العبرية أحمد شحلان “ليبرز فيها الخطوط العريضة لمشروع إنشاء معجم عبري-عربي فلسفي في العصر الوسيط بوصفه أداة لاسترجاع التراث العربي الإسلامي الذي ترجم إلى العبرية وفقدت أصوله العربية”، وقال: “لقد ترجمت أعمال كبار الفلاسفة المسلمين، من أمثال الفارابي وابن سينا وابن رشد، إلى العبرية منذ القرن الثاني عشر وما بعده، فأسهمت في تشكل الفلسفة اليهودية الوسيطة”.

مصدر الصورة

واستدرك لحجمري مبينا أن “النسخ الأصلية العربية لتلك النصوص المترجمة إلى العبرية ضاعت أو ظلت حبيسة خزائن نُسيت مع الزمن”، خالصا إلى أن “الترجمة من العبرية إلى العربية اليوم لا تقتصر على عملية لغوية فحسب، بل تُمثل رحلة استرجاعية في الزمن تهدف إلى استعادة الذات الفكرية والثقافية عبر ما أنتجته الحضارة الإسلامية واغترب عنها”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا نتنياهو

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا