آخر الأخبار

دراسة: إنشاء "التنسيقيات" يستهدف الإفلات من البيروقراطية في النقابات

شارك

انتهت دراسة علمية سوسيولوجية حديثة، قاربت إشكالية حضور الممارسات البيروقراطية في الفعل النقابي المغربي، إلى أن “استشراء ظاهرة الفئوية في صفوف العمال والموظفين، من خلال تنامي نضالات فئوية وانتظامها في تنسيقيات عديدة، أكبر دليل على تراجع العمل النقابي في المغرب، وفي غيره من البلدان المغاربية”، مرجعة ذلك إلى “تفشي مظاهر البيروقراطية النقابية التي ساهمت بشكل مباشر في تقويض أسس ومرتكزات الديمقراطية الداخلية في التنظيمات النقابية”.

وترى الدراسة، الصادرة ضمن أحدث عدد من مجلة العلوم الاجتماعية الدورية العلمية المحكمة التي تصدر عن المركز الديمقراطي العربي (الكائن مقره بألمانيا)، تحت عنوان “بيروقراطية العمل النقابي بالمغرب: دراسة سوسيولوجية في المحددات والتجليات والانعكاسات”، أن الطابع الإشكالي للبيروقراطية في التنظيمات النقابية بالمغرب يتجلى في “تحولها من أداة تنظيمية تساهم في تحقيق النظام والانضباط التنظيمي داخل الهياكل النقابية إلى عائق أمام الدينامية النقابية”.

وعدّ الباحثان معدا الدراسة، طيب العيادي والحسين الزهواني، من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن ذلك “يؤثر على فعالية التنظيمات النقابية، ويحد من أدوارها التمثيلية، ويمنعها من اتخاذ القرارات الصائبة في اللحظة المناسبة”.

ومن “أبرز مظاهر البيروقراطية في التنظيمات النقابية المغربية”، حسب الدراسة التي طالعتها هسبريس، “غياب الديمقراطية الداخلية”؛ إذ “تظل الديمقراطية في معظم هذه التنظيمات مجرد طقوس شكلية لا علاقة لها بواقع الممارسة النقابية التي تعاني من هيمنة أقلية بيروقراطية على سلطة اتخاذ القرار النقابي”.

أما الديمقراطية الحقة، كما رصد الباحثان، “فيتم الالتفاف عليها، سواء كمبدأ أو كممارسة عبر آليات عديدة؛ لاسيما في المحطات الانتخابية التي تنظمها النقابات، وأيضا عند انتداب المؤتمرين، وذلك بالاعتماد على أساليب الحشد والإنزالات البشرية الكثيفة بهدف ضمان الأغلبية للطرف المرغوب فيه”.

وأضافت الدراسة السوسيولوجية عينها أن “القيادات البيروقراطية المتنفذة في التنظيمات النقابية، بعد إحكامها قبضتها على الهياكل التنظيمية، تلجأ إلى ابتكار أساليب غير ديمقراطية لتكريس هيمنتها وتأمين سلطتها، وفي مقدمتها أسلوب انتداب الأمين العام للمركزية النقابية مباشرة من المؤتمر قبل انتخاب أي جهاز وطني آخر”.

ولفت المصدر نفسه إلى أن هذا الأسلوب “هو الذي اعتمدته قيادة الاتحاد المغربي للشغل منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وحذت حذوها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”، مُحذرا من أن “خطورته” تكمن “في كون الأمين العام للمركزية النقابية يصبح مسؤولا ليس أمام اللجنة الإدارية، بل أمام المؤتمر الذي انتخبه، ويمنحه ذلك صلاحيات واسعة تجعله ينفرد باتخاذ القرارات”. وتابعت: “حتى إن عرضها على اللجنة الإدارية أو المجلس الوطني للمصادقة عليها فإن ذلك لا يعدو كونه إجراء صوريا”.

“في ظل افتقاد القواعد النقابية آليات مراقبة القيادات للحد من سلطتها البيروقراطية في مختلف التنظيمات النقابية بالمغرب”، يضيف الباحثان، “تندمج هذه القيادات البيروقراطية في بنية النظام السياسي والاقتصادي السائد”؛ على أن “الأخطر من ذلك أنها تُساهم في إعادة إنتاج القيم والممارسات نفسها التي جاءت النقابات من أجل محاربتها ومناهضتها، من قبيل قيم الهيمنة والتحكم، واستبعاد الأصوات المعارضة … إلخ”.

ومن شأن ذلك، تُنبّه الدراسة السوسيولوجية، أن “يساهم في إضعاف تأثير النقابات في جلسات الحوار الاجتماعي، ويُفقدها كذلك القدرة على تنظيم أشكال احتجاجية منظمة، نتيجة عزوف القواعد النقابية عن تأييد مواقف القيادات النقابية البيروقراطية”.

ومن خلال مقارنة تجربة الحركة النقابية المغربية ونظيرتها التونسية اتضّح للباحثين، الحسين الزهواني وطيب العيادي، أن “هناك تشابها واضحا على مستوى مظاهر وتجليات البيروقراطية النقابية في كل من المغرب وتونس؛ حيث تعاني التنظيمات النقابية في كلا البلدين من هيمنة القيادات الهرمة التي تتشبث بالمناصب”.

وشدّدت الدراسة السوسيولوجية نفسها على أن ذلك “ينعكس سلبا على الديمقراطية الداخلية، ويُضعف عملية تجديد الهياكل النقابية”، معتبرة أن “المركزية المفرطة في اتخاذ القرارات النقابية تجعل القواعد النقابية غير ممثلة بشكل فعلي وديمقراطي، على نحو يترتب عليه تعميق الفجوة بين القيادة النقابية والقواعد العمالية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا