آخر الأخبار

هل تضعف "الأنانية السياسية" التنسيق بين أحزاب المعارضة البرلمانية؟

شارك

أشار أكاديميان باحثان في العلوم السياسية إلى أن “ضعف مفعول التنسيق بين أحزاب المعارضة النيابية يرجع إلى تلك الرغبة التي تحكم كلّ حزب في احتكار الصورة وقيادة المقطورة التي تريد تعقب زلات التدبير الحكومي”، على اعتبار أن “مجابهة حكومة كاسحة تتسنى انطلاقًا من تحالفات تضع الإيديولوجيا جانبًا، دون إلغائها، كي يلعب التنسيق فعلاً دوره ويحدث فرقاً داخل التوازنات السياسية الوطنية المختلة”.

ويحاول التكتل الذي يجمع حزب الحركة الشعبية والحزب الديمقراطي الوطني والحزب المغربي الحر، وفقًا لمتتبعين، “لعب دور مؤثر في المشهد السياسي الوطني”، وقد تداول في اجتماعه الأخير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلد. لكن المتحدّثين لجريدة هسبريس شددا على أن “التحالفات في المغرب، في حالات كثيرة، تخلق الحدث ثمّ تمرّ مباشرة إلى خزانة العمل السياسي”.

“هاجس الطليعة”

عبد الحفيظ أدمينو، أكاديمي أستاذ جامعي بكلية الحقوق التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن التشتت الذي يلاحق المعارضة منذ بداية الولاية الحكومية “طبيعي”، لكونها “لا تقوم بتحالفات مبنية على تعاقدات سياسية، وإنما هناك تمسك بالخلفيات المذهبية والإيديولوجية”، وزاد: “هذا يضعف تأثيرها في ظل القوة العددية للأحزاب التي تشكل الأغلبية الحكومية والنيابية معًا”.

وأشار أدمينو، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن مبادرات مماثلة تواجه دائمًا تحديات مرتبطة بـ”التمسك بهذه الخصوصية الذاتية لكل حزب”، مضيفًا أيضًا “الرغبة التي تسكن كل حزب في أن يكون في الطليعة وأن يكون هو قاطرة هذه التكتلات”. وتابع: “هذه العوامل حدّت من مبادرات سابقة ولم تصل في النهاية إلى تحقيق أهدافها، رغم أن التنسيقات ذات الطبيعة السياسية ممكنة بغض النظر عن المنطلق الإيديولوجي”.

كما شدد الأكاديمي ذاته على أن “التنسيق بين مكونات المعارضة ضروري للعمل السياسي، خاصة في ظل التعددية الحزبية التي لا تنعكس على مستوى الهيئات المنتخبة”، موضحا أن “تمثيلية الأحزاب السياسية، سواء في البرلمان بمجلسيه أو في الجماعات المحلية، محدودة في قلة من الإطارات الحزبية، علمًا أننا نحصي أزيد من 30 تنظيمًا سياسيًا بالمغرب”.

واعتبر أدمينو أن “التّكتلات تضفي نوعا من المصداقيّة على التعددية الموجودة في المغرب، والتنسيق يمكن أن يكون وفق منطلقات مرجعية أو مرتبطا بطبيعة سياسية أو باستحقاق انتخابي”، قائلا إن “ثمة أسئلة بخصوص قدرتها على خلق نوع من الضغط في المشهد السياسي، وبالتالي المساهمة في تقليص التشتت الحزبي، لكن الأمر متروك للتدبير الذاتي لأحزاب المعارضة”.

“رغبة في الهيمنة؟”

عبد العزيز القراقي، أكاديمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أفاد بأن “الانتخابات الأخيرة أفرزت أغلبية حكومية مكونة من 3 أحزاب، ومعارضة متفرقة على 5 فعاليات سياسية، بالإضافة إلى النواب غير المنتسبين”، مشيرا إلى “استمرار صعوبات تعترضها لاتخاذ مبادرات تجمعها أو تجتمع حولها كي تكون فعالة حقّا وتقوم بالدور المناط بالمعارضة سياسيًا ودستوريًا”.

وقال القراقي لهسبريس إن “الانتخابات الأخيرة رمت في المعارضة أحزاباً لا يجمع بينها أي شيء على المستوى النظري الفكري إذا ما استثنينا حالتين نادرتين. ولكن أغلب المكونات يصعب جمعها من الناحية المذهبية أو من حيث الدفع بالمسار السياسي ليكون جسراً لعبور كل مذهب إلى الآخر”، موضحا أن “المعارضة مازالت تواجه صعوبة كذلك بسبب رغبة كل طرف في قيادة التحالف والظهور في الواجهة”.

ووضح أن “المبادرات التي يتمّ القيام بها أو يتم السعي إليها انطلاقًا مما يوحّد إيديولوجيا بين بعض أحزاب المعارضة، تصطدم بالرغبة في الهيمنة واكتساح المقدمة”، مضيفا أن “هذه التحديات تنعكس على عملها وتجعل دورها جد محدود رغم كبر الإمكانيات وما أتاحه الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب. يظهر إلى حد الآن ضعف كبير انعكس على مراقبة العمل الحكومي والمبادرات التشريعية ومستويات أخرى”.

وانتقد الفاعل الأكاديمي ما وصفه بـ”الرغبة في الهيمنة”، موضحا أن “المعارضة في وقت سابق كانت تتكون من أحزاب سياسية معدودة، لكن قبل دستور 2011 لم تكن تتوفر على صلاحيات تشريعية ورقابية كبيرة”، وقال: “فازت المعارضة بمكاسب عدة، لكنها اكتشفت أنه من الصعب جدًا التخلص من الإيديولوجيات الحزبية، وهي التي تشوش على فعالية أي تنسيق مهما كان نوعه”.

تجدر الإشارة إلى وجود “تنسيق” بين مكونات المعارضة بالغرفة البرلمانية الأولى. غير أن عدم تداول قضاياه المشتركة مؤخراً إعلاميا جعل تأثيره، وفق متخصصين، “منخفضًا”، في الوقت الذي كانت فيه قوى سياسية كبيرة تعول عليه كـ”عقد نيابي جديد”، ليكون خطّة محكمة تستطيع كبح ما تسمّيه عناصر المعارضة نفسها “تغول الحكومة واستقواءها بالإسناد الذي تقدمه أغلبيّة غرفَتَيْ القبّة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا