آخر الأخبار

مدارس الريادة تتوسع وسط نقاش تقييم المجلس الأعلى للتربية والتكوين

شارك

أثار التقرير الأخير الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي نقاشا واسعا حول تجربة “مدارس الريادة”، التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في إطار تنزيل خريطة الطريق لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2022-2026. فعلى الرغم من إشادة التقرير بالتحسن الملموس في مستوى التحصيل الدراسي للتلميذات والتلاميذ، لا سيما في مجالات اللغات والرياضيات، إلا أنه أشار في الآن ذاته إلى عدد من التحديات والصعوبات التي تعترض التجربة، وهو ما فتح الباب أمام قراءات متباينة، تراوحت بين من رأى في هذه الإشارات مؤشرات على خلل بنيوي، ومن اعتبرها ملاحظات طبيعية تواكب أي إصلاح هيكلي طموح.

وفي سياق هذا الجدل، خرج عدد من المسؤولين والفاعلين التربويين لتسليط الضوء على النتائج الإيجابية المحققة ميدانيا، وتوضيح بعض الملابسات المرتبطة بقراءة التقرير، مؤكدين أن أغلب التحديات التي أشار إليها لا تمس جوهر المشروع بقدر ما ترتبط بأمور لوجستيكية وتقنية يمكن تداركها.

وعلى صعيد المديرية الإقليمية للرباط، تشهد تجربة “مدارس الريادة” توسعا متواصلا، إذ تم اعتماد 47 مؤسسة ابتدائية خلال الموسم الدراسي الحالي من أصل 66، أي بنسبة تقارب 71%. ومن المرتقب أن يتم تعميم البرنامج خلال الموسم المقبل ليشمل كافة المؤسسات الابتدائية، في وقت انطلقت فيه أيضا تجربة نموذجية على صعيد التعليم الثانوي الإعدادي، شملت أربع مؤسسات.

في هذا الإطار، تحدث عبد القادر حاديني، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالرباط، عن نتائج إيجابية وتقييمات مشجعة، قائلا ضمن تصريح لهسبريس إن “المؤشرات الأولية، حسب ما تمت معاينته ميدانيا، تشير إلى تحقيق نتائج إيجابية على مستويات متعددة، سواء من حيث تحسن المردودية التربوية داخل المؤسسات، أو من حيث مستوى رضا الأطر التربوية والمفتشين والأسر. وقد لوحظ تطور ملحوظ في أداء المتعلمات والمتعلمين، خصوصا في مجالي اللغات والرياضيات، وهو ما يشكل إحدى الغايات الأساسية للبرنامج”.

وأكد حاديني أنه على الرغم من أن هذه الحصيلة تستند إلى تقييمات داخلية، إلا أن التجربة عرفت مواكبة بتقارير ودراسات خارجية، من أبرزها ثلاث دراسات أجريت خلال الموسم الدراسي الماضي، الذي عرف انخراط 626 مؤسسة تعليمية. ومن بين هذه الدراسات، تقرير أنجزه المرصد الوطني للتنمية البشرية، استهدف قياس درجة رضا الفاعلين التربويين الأساسيين، وعلى رأسهم الأساتذة، والمفتشون، وأولياء الأمور، مذكرا بأن الدراسة خلصت إلى “وجود رضا عام، يعكس الأثر الإيجابي للإجراءات المتخذة، خصوصا في ما يتعلق بتحسين التعلمات وتوسيع مجالات التفتح لدى التلاميذ، ما أسهم في تقليص التوترات داخل الفصول الدراسية والحد من الهدر المدرسي”.

وتحدث المدير الإقليمي عن تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الصادر مؤخرا، قائلا إنه “تضمن إشادة صريحة بالتقدم المسجل على مستوى التحصيل الدراسي في مؤسسات الريادة، لا سيما في مجالات اللغات والرياضيات. كما نوه التقرير بنسبة التطابق الكبيرة التي وصلت إلى ما بين 79% و100%، بين النتائج المسجلة داخل المؤسسات التعليمية والبيانات التي توصلت إليها الهيئة الوطنية للتقييم”.

وعلق حاديني بالقول: “على الرغم من إثارة بعض النقاط المرتبطة بالتحديات التي تواجه المشروع، والتي تم استخلاصها من خلال مقابلات مع الفاعلين، فإن المعنيين بالشأن التربوي يؤكدون أن هذه الملاحظات تدخل ضمن سياق طبيعي لتتبع وتجويد أي تجربة إصلاحية”.

وردا على الملاحظات التي اعتبرت أن التجربة تركز على عناصر جزئية، قال حاديني إن “الإصلاح المعتمد في مدارس الريادة هو إصلاح شمولي، لا يقتصر فقط على الجوانب المعرفية أو التقنية، بل يشمل كذلك تعزيز المهارات الحياتية لدى المتعلمين، عبر ترسيخ قيم الابتكار، والتواصل، والإبداع، والثقة بالنفس. وتُترجم هذه الأبعاد التربوية من خلال الورشات الصفية التفاعلية التي تشهدها المؤسسات”.

وأكد أن “التتبع الميداني المنتظم، سواء على المستوى المركزي أو الجهوي أو الإقليمي، يُمكّن من رصد مكامن القوة والضعف، والعمل على تعزيز النجاحات وتدارك النقائص، في إطار مقاربة تشاركية ومنفتحة على جميع الملاحظات والاقتراحات”.

وخلص المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالرباط إلى أن “النقاشات المثارة حول المشروع، سواء تعلق الأمر بالإشادة أو الملاحظات النقدية، تشكل دليلا على انخراط مختلف الفاعلين في مسار الإصلاح، وهو ما يعزز الأمل في بناء مدرسة عمومية متجددة، منصفة ودامجة”.

من جانبها، قالت عائشة هناوي، مفتشة تربوية للتعليم الابتدائي بمدينة الرباط، إنه فيما يتعلق بتقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين، “كانت بعض القراءات التي ضخّمت بعض ما ورد في التقرير واعتبرته سلبيا بالمطلق، قراءات مجتزأة أو غير دقيقة”.

وأضافت هناوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “من يقرأ التقرير قراءة شمولية وموضوعية سيلاحظ أنه تضمّن إشارات واضحة إلى مجموعة من الإيجابيات المرتبطة بتجربة المدرسة الرائدة، كما أشار أيضا وبكل واقعية إلى الصعوبات والإكراهات التي واجهها المشروع، وهي أمور لا يمكن لعاقل أن ينكر وجودها، خاصة في ظل الفوارق الجهوية وصعوبات التنسيق في بعض الحالات”.

وذكرت المتحدثة أن “هذه الإكراهات لا ترتبط بالجانب البيداغوجي للمشروع، بل تعود في معظمها إلى الجوانب التقنية والإدارية، مثل صعوبات تدبير الصفقات المتعلقة بطباعة الكراسات وتوفير العُدة التعليمية. أما على المستوى البيداغوجي، فالأمور تسير بشكل سلس، حيث يتوصل جميع الأساتذة بالدروس والموارد التربوية في وقتها”.

وأكدت هناوي أنه كان “هناك تأخر في تنزيل بعض الدروس على البوابة الرقمية في بعض الأحيان، وقد تعرضت المنصة التقنية لمشكل مؤخرا، لكننا تعاملنا مع هذا الأمر بحكمة ومرونة، حيث تم تعويض التأخر عبر تقاسم الدروس مباشرة مع المفتشين والأساتذة من خلال مختلف الوسائل المتاحة، مثل البريد الإلكتروني وتطبيقات التواصل كواتساب، في انتظار استكمال الإصلاحات التقنية اللازمة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا