آخر الأخبار

هل يغطي النظام الجزائري على سجن صنصال بطرد نائب القنصل المغربي؟

شارك

خلال اليوم ذاته أصدر القضاء الجزائري حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات في حق الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، بتهمة “المساس بوحدة الوطن”، وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية طرد نائب القنصل المغربي في وهران، خليد الشيحاني، بذريعة “تصرفات مشبوهة”.

التزامن بين الحدثين أثار تساؤلات حول ما إذا كان النظام الجزائري سعى من خلال هذا الطرد إلى صرف الأنظار عن الانتقادات الدولية الحادة التي واجهها حكم صنصال، خاصة من فرنسا التي اعتبرت الحكم “سياسيًا” و”غير عادل”.

ويأتي هذا التزامن في سياق توتر دبلوماسي متصاعد بين الجزائر وكل من فرنسا والمغرب، إذ أدى اعتراف باريس في يوليوز 2024 بمغربية الصحراء إلى تفاقم الأزمة مع الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو. وفي الوقت نفسه تستمر العلاقات المغربية-الجزائرية في التدهور، مع استمرار إغلاق الحدود منذ 1994 وسلسلة من الإجراءات التصعيدية من الجانب الجزائري.

وفي هذا السياق يرى مراقبون أن قرار طرد نائب القنصل المغربي قد يكون محاولة لتحويل الأنظار عن الأزمة الداخلية والدولية الناتجة عن محاكمة صنصال، بينما يعتبر آخرون أن التزامن قد يكون مقصودًا لتعزيز سردية “العدو الخارجي” التي يعتمدها النظام الجزائري لتغطية إخفاقاته.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي لحسن أقرطيط أن التزامن بين الحكم على بوعلام صنصال وطرد نائب القنصل المغربي “لم يكن صدفة، بل قرارًا مقصودًا من النظام الجزائري”، موضحاً أن “الحكم بخمس سنوات سجنا على صنصال سيسبب أزمة داخلية بسبب طبيعته الصادمة التي تذكّر بالطابع الديكتاتوري للنظام، كما سيعمق الأزمة الدبلوماسية مع فرنسا التي نددت بالحكم”.

وأضاف أقرطيط، في حديث لهسبريس، أن اختيار توقيت طرد نائب القنصل يهدف إلى توجيه الأنظار نحو “العدو المفترض”، أي المغرب، للتغطية على هذه الأزمة المزدوجة، مبرزاً أن “النظام الجزائري، بطبيعته العسكرية، يعتمد على سردية العدو الخارجي كآلية للبقاء وتعزيز الجبهة الداخلية”.

وأورد المتحدث أن “هذه الإستراتيجية معروفة في الأنظمة الشمولية، حيث يتم اختلاق أعداء خارجيين لصرف الانتباه عن الإخفاقات الداخلية”، مشيراً إلى أن “النظام يحاول من خلال هذا التزامن إيهام الرأي العام الجزائري بوجود ارتباط بين محاكمة صنصال و’مؤامرات خارجية’ يقودها المغرب، وهو ما يعزز من سردية المؤامرة التي يروج لها النظام لتبرير سياساته القمعية”؛ كما يرى أن “طرد نائب القنصل المغربي في هذا التوقيت بالذات يعكس محاولة النظام لتسويق فكرة ‘الاستهداف الخارجي’، ما يساعده على حشد الدعم الداخلي تحت مظلة ‘الدفاع عن السيادة'”.

وخلص أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي إلى أن “التزامن بين الحدثين يعكس بوضوح طبيعة النظام الجزائري الذي يعتمد على نظرية المؤامرة وفبركة العدو الخارجي للحفاظ على بقائه”.

من جانبه اعتبر العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، أن النظام الجزائري من خلال الواقعتين سالفتي الذكر “يسعى إلى فرض سياسة الأمر الواقع على المجتمع الدولي، متوهمًا أنه دولة عظمى”، وزاد: “كما أصبحت الجزائر دولة تتطاول على دول الجوار وتتجاهل الحقوق الفردية والجماعية”.

وأضاف الوردي، ضمن تصريح لهسبريس، أن الحكم على بوعلام صنصال بخمس سنوات سجنا “يحمل رسالة موجهة إلى فرنسا، وليست للمغرب علاقة مباشرة بها”، مردفا: “ومع ذلك فإن طرد نائب القنصل المغربي في توقيت الحكم على صنصال نفسه يكشف عن تطاول دبلوماسي من النظام الجزائري”.

وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أن البيان الجزائري جاء “فضفاضًا” دون تحديد الأسباب الحقيقية للطرد، “ما يثير علامات استفهام”، مؤكداً أن الإشارة إلى اتفاقية فيينا في هذا السياق هي “استغلال سيئ للمعاهدات الدولية، ودليل على تصريف الأحقاد والضغائن من جانب واحد”، ولافتا إلى أن “الجزائر تكيل بمكيالين في سياساتها الخارجية، إذ تتعامل بعنجهية مع دول الجوار بينما تخشى المواجهة مع الدول العظمى”.

وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن “هذه الأحداث تؤكد أن الجزائر تعيش أزمة دبلوماسية وسياسية عميقة، إذ يحاول النظام العسكري التغطية على إخفاقاته الداخلية بمثل هذه التصرفات”، داعيًا إلى “ردع النظام الجزائري دوليًا لوقف هذا الضلال الذي يهدد استقرار المنطقة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا