“احتقان غير مسبوق” ذلك الذي تعيش على وقعه العلاقة بين المهندسين الغابويين وإدارة الوكالة الوطنية للمياه والغابات خلال الوقت الراهن، حيث يصر الطرف الأول على فتح “حوار جاد ومسؤول” حول مستقبله داخل المؤسسة ذاتها التي خضعت لإعادة الهيكلة قبل سنوات.
واشتد هذا الاحتقان بين المهندسين الغابويين والوكالة ذاتها خلال الفترة الماضية، إذ واصلت جمعية خريجي المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين إصدار بلاغات شديدة اللهجة تتضمن التأكيد على تسوية وضعية هذه الفئة.
وتأتي نداءات المهندسين الغابويين في هذا الصدد على مقربة من نهاية مدة إلحاقهم التلقائي بالوكالة ذاتها، والتي كان من المنتظر أن تنتهي خلال شهر أبريل المقبل بعد ثلاث سنوات؛ الأمر الذي دفعهم إلى ملاقاة أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. هذا الأخير أمر بتمديد فترة إلحاقهم بالمؤسسة نفسها إلى حين تسوية وضعيتهم.
وفي هذا الإطار، طالبت جمعية خريجي المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين بـ”ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مقترحاتها فيما يخص تعديل القانون المحدث للوكالة والنظام الأساسي الخاص بموظفيها؛ وذلك لضمان انسجامهما مع خصوصيات مهنة المهندس الغابوي، إذ إن الدور متعدد الأبعاد لهذه الفئة، كونه يجمع بين المهام الهندسية والتنموية والمسؤوليات الأمنية والضبطية، يفرض الإبقاء على الطابع الخاص لمهندسي المياه والغابات من خلال إقرار نظام أساسي خاص بهم ضمن الوظيفة العمومية”.
كما أكدت الجمعية على أولوية “إشراك المهندسين الغابويين في عمليات اتخاذ القرارات الاستراتيجية المرتبطة بالتدبير المستدام للموارد الغابوية، بما يضمن تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على المنظومة البيئية”، وفق بلاغ لها في هذا الصدد.
وشددت الهيئة ذاتها باعتبارها ممثلة للمهندسين الغابويين داخل الوكالة المذكورة على “ضرورة تعديل القانون المحدث للوكالة لضمان الإبقاء على صفة الموظف العمومي والحفاظ على هوية المهندس الغابوي، بما يراعي خصوصيات هذه الفئة”، مشيرة إلى أن “النظام الأساسي الحالي للموظفين التقنيين والعلميين العاملين بالمياه والغابات يكرس اختلالا في التوازن المالي بين الفئات، ويؤدي إلى تقليص الحقوق والضمان المكتسبة”.
ولم يتوقف المصدر ذاته عند هذا الحد؛ بل سجل كذلك “صعوبات تنظيمية وتأثيرا سلبيا لفترة الانتقال المؤسساتي، التي تميزت بعدم الاستقرار، في ظل التواصل شبه المنعدم للإدارة مع الموظفين، مما أثار مخاوف مشروعة بشأن الاستقرار الوظيفي”، بحسب تعبيره.
وقال مصدر من داخل الجمعية سالف الذكر لجريدة هسبريس: “لا مشكل لدينا بتاتا مع الوزير الوصي على القطاع؛ لكن مشكلتنا مع الوكالة الوطنية للمياه والغابات التي جرى إلحاقنا بها تلقائيا قبل ثلاث سنوات، بعدما كنا تابعين لمديرية المياه والغابات؛ فنحن اليوم نتشبث بخصوصيتنا المهنية داخل الوكالة، ونتطلع إلى نظام أساسي يعتبرنا موظفين عموميين وليس مستخدمين، في حالة ما سيتم إدماجنا داخلها”.
وأوضح المصدر ذاته أن “تحركاتنا كجمعية في الآونة الأخيرة، لا سيما بعدما التقينا بالوزير الوصي على القطاع، أزعجت المسؤولين داخل الوكالة، لاسيما مديرها، إذ لمسنا توجها نحو إقصائنا من الحوار داخل المؤسسة باعتبارنا جمعية؛ فنحن كأصحاب الصفة الضبطية لا نتوفر على الحق في الانتماء النقابي”، وفق تعبيره.
وزاد: “صفة المهندس الغابوي ظلت غائبة داخل القانون المحدث للوكالة والنظام الأساسي، وهو ما نحاول تصحيحه من خلال طلب مجالسة الوزير أحمد البواري؛ في حين أن التوجه لا يزال داخل الوكالة نحو الاقتصار في الحوار على النقابات دون إشراكنا كجمعية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أنه “لم يتم أخذ مقترحاتنا بعين الاعتبار”، مردفا: “لذلك، نشدد على أنه من الواجب الحفاظ على صفتنا الضبطية وخصوصيتنا المهني كفئة، فضلا عن الاحتفاظ بصفتنا كموظف عمومي، خلافا لما جاء ضمن القانون المحدث للوكالة، والذي يحيل على لفظ مستخدم”.
وكان بيان لجمعية خريجي المدرسة الوطنية الغابوية للمهندسين قد استنكر ما وصفه بـ”الإقصاء الممنهج لممثلة المهندسين الغابويين في اللجنة المديرية لمؤسسة النهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية لموظفي قطاع المياه والغابات من حضور مراسيم توقيع عقود التأمين الخاصة بالتغطية الصحية التكميلية، والتأمين عن العجز والوفاة، فضلا عن المساعدة الطبية والنقل الطبي لفائدة منخرطات ومنخرطي المؤسسة، رغم كونها منتخبة من طرف المهندسين الغابويين لتمثيلهم”.