آخر الأخبار

المغرب يدعم إعادة إدماج النيجر وبوركينافاسو ومالي في الاتحاد الإفريقي

شارك

في خضم الاستقطاب الدولي الحاد في منطقة الساحل، التي شهدت تنامي أدوار المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي، يقود المغرب جهودًا دبلوماسية لتسريع إعادة دول المنطقة التي تمر بمراحل انتقالية، أبرزها مالي والنيجر وبوركينافاسو، إلى الاتحاد الإفريقي، مؤكدًا على أهمية تعزيز الحوار والتشاور معها.

وأطلقت الرباط، التي تترأس مجلس الأمن والسلم التابع للمنظمة الإفريقية سالفة الذكر، مشاورات غير رسمية مع الدول المعنية لإعادة إدماجها سياسيًا داخل الهيكل القاري، انطلاقًا من رؤية مغربية تركز على بناء نهج مؤسساتي يتجاوز نهج العقوبات ويدعم الاستقرار والتضامن الإفريقيين، كما يزكي خيار الوحدة والتعاون بين الدول من خلال إعادة بناء الثقة في ما بينها، ويطرح نموذجا تعاونيا قادرا على تطوير حلول جماعية للتحديات القائمة.

وسبق للمغرب أن عبر، على لسان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عن التزامه بأمن واستقرار دول الساحل ورفضه التدخلات الخارجية التي “تروم إعطاء دروس أو المزايدة على هذه الدول”، معتبرًا أن “الرباط تحتكم في تعاملها مع هذه البلدان إلى سياسة المواكبة والتتبع، وليس إلى سياسة استبدال هذه الدول، لأنها تؤمن بأن الأخيرة بلدان ناضجة ولديها من المعارف ما يكفي لتحديد معالم وخطط سياستها”، بتعبير ناصر بوريطة.

إطار منظم

قال عبد السلام مايغا، ناشط إعلامي وسياسي مالي، إن “مبادرة المغرب لمرافقة الدول التي تمر بمرحلة انتقال سياسي، مثل مالي، تأتي في إطار تعزيز التضامن الإفريقي وإعادة الإدماج المؤسساتي”، مضيفًا أن “المغرب، بصفته رئيسًا لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي خلال شهر مارس، يسعى إلى تشجيع حوار شامل لدعم الدول المعلقة خارج الهياكل القارية منذ سنوات، كما هو حال مالي التي تُستبعد منذ أكثر من خمس سنوات”.

وتابع مايغا في تصريح لهسبريس بأن “الرباط تؤكد من خلال هذه الدعوة على أهمية الحوار المفتوح والبناء، وتعزيز الثقة بين الدول الأعضاء، وتروّج لنهج عملي يرتكز على الاستماع إلى تطلعات الشعوب وابتكار حلول مستدامة، بدلًا من فرض عقوبات أو عزل دبلوماسي”، وزاد: “من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على هذه الحوارات تقترح المملكة المغربية إطارًا منظمًا لمرافقة المراحل الانتقالية، دون فرض نموذج مُسبق”.

وأكد المتحدث ذاته أن “هذه المبادرة تندرج ضمن إستراتيجية أوسع للمغرب تهدف إلى تعزيز نفوذه داخل الاتحاد الإفريقي، إذ يسعى هذا البلد إلى ترسيخ نفسه كفاعل لا غنى عنه في استقرار المنطقة”، مردفا: “مع ذلك لا تقتصر هذه الخطوة على اعتبارات القوة فقط، فهي جزء من رؤية أوسع لاستقرار منطقة الساحل الإستراتيجية بالنسبة للمغرب، بسبب روابطها التاريخية والثقافية والاقتصادية”.

وحول التحديات التي تواجه عودة دول الساحل الأخرى إلى الاتحاد الإفريقي، والدور المغربي المحتمل في تذليلها، أورد الناشط السياسي ذاته أن “هناك تحديات كبيرة، بما فيها شرعية الحكومات الانتقالية، واستمرار انعدام الأمن، ومواقف بعض الدول الأعضاء المتحفظة”، مواصلا: “هنا يمكن للمغرب أن يلعب دورًا محوريًا كوسيط، مستفيدًا من علاقاته التاريخية مع مالي ودول الساحل، وخبرته الدبلوماسية في تعزيز الحوار”.

وشدد مايغا على أن “إعادة إدماج مالي ودول الساحل في الاتحاد الإفريقي من شأنها إعادة تأكيد دور التكتل كفضاء للحوار الشامل، كما سيعزز ذلك من صورة المغرب كداعم لوحدة إفريقيا”، معتبرًا أن “المغرب في موقع جيد للعب دور الوسيط بين الدول التي تشهد مراحل انتقالية والاتحاد الإفريقي، بفضل علاقاته التاريخية وخبرته في الدبلوماسية النشطة”.

خيار إستراتيجي

أورد عبد الفتاح فاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن “المملكة المغربية ما فتئت تدعو إلى تغليب مبدأ الحوار والوحدة الإفريقية على باقي الخيارات الأخرى، حتى إن الدستور المغربي جعل من تقوية علاقات التعاون مع بلدان وشعوب القارة الإفريقية، ولاسيما بلدان الساحل والصحراء، واحدًا من الخيارات الإستراتيجية للدولة المغربية”.

وأضاف فاتيحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “دعوة الرباط إلى مواكبة وإعادة إدماج دول الساحل التي تمر بتحديات سياسية وأمنية مهمة نابعة بالأساس من إيمان المغرب والتزامه الراسخ بالبناء الإفريقي، وبتعزيز وحدة القارة في مواجهة هذه التحديات”، مشيرًا إلى أن “السياسات المغربية في إفريقيا، ولاسيما في الساحل، تركز على تفعيل الدبلوماسية متعددة الأطراف، ودعم جهود التنمية الاقتصادية ومواكبة الجهود الأمنية كذلك، من أجل بناء دول ومؤسسات إفريقية قادرة على مواكبة التطلعات التنموية للشعوب وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وأبرز المتحدث ذاته أن “المغرب ملتزم سياسيا وأخلاقيا بدعم الدول التي تشهد مراحل انتقالية حساسة في منطقة الساحل، في إطار سياسة تضامنية وتعاونية متجذرة في السياسة الخارجية للمملكة”، مردفا بأن “الرباط ترفض منطق العقوبات على هذه الدول التي تدفعها إلى نسج تحالفات معينة أو إفساح المجال للتدخلات الخارجية التي يرفضها المغرب كما يرفض محاولات الوصاية على قرارات هذه الدول”.

وتابع المحلل ذاته بأن “مواقف المغرب ومنذ بداية الأزمة في عدد من دول الساحل كانت هي دعم الانتقال الديمقراطي فيها، بل وعرض تجربته في هذا الصدد عليها”، مشيرًا إلى أن “المغرب عمل على تطوير نماذج مبتكرة من التعاون مع الأفارقة من خلال تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وإطلاق عدد من المشاريع الكبرى، كالمبادرة الأطلسية وأنبوب الغاز المغربي النيجيري؛ وكلها مبادرات تتطلب تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة ودعم إعادة بناء الدول من أجل تنزيلها وتفعيلها على أرض الواقع”.

وخلص فاتيحي إلى أن “الدعم المغربي لعودة دول الساحل إلى المنظومة الإفريقية ينطوي بالنسبة للمملكة على مجموعة من الأهداف الإستراتيجية، من ضمنها تعميق العلاقات مع هذه الدول وتعزيز أدوارها داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، بما يخدم قضايا السلم والأمن في القارة، إلى جانب دعم الجهود التعاونية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وطنيا وقاريا”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا