في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكد عبد الرحمان اللمتوني، الوكيل القضائي للمملكة، أن “المنازعات ضد الإدارات العمومية صارت ترهق ميزانية الدولة، مما يستدعي تدعيم جهود الوقاية منها، على اعتبار أن عددا من هذه المنازعات يتم تكرارها من قبل المؤسسات التابعة للدولة، بما يضيّع على الخزينة الكثير من الموارد المالية التي تعتبر مالا عاما”.
وقال اللمتوني، في إطار محاضرة له برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بمدينة الرباط، اليوم الأربعاء، إن “توفير مبلغ معين من تدبير منازعة ضد الدولة يعني بطريقة مباشرة تمويل مدارس وطرق، بما يوجب بشكل مباشر حماية المال العام عوضا عن ضياعه في منازعات كان بإمكاننا تجنّب الوقوع فيها”.
وأوضح أن “التشخيص الذي تم القيام به وسبق إطلاق المخطط الاستراتيجي للوكالة 2024ـ2028 خلص إلى مجموعة من العناصر التي تقف وراء ارتفاع منسوب المنازعات ضد الدولة، بما فيها ضعف وقاية المؤسسات العمومية لنفسها من السقوط في هذه المنازعات التي تثقل كاهل الدولة، فضلا عن كون إدارات تعيد ارتكاب الأفعال نفسها التي تترتب عنها بشكل مباشر مسؤولية الدولة”.
ومن بين النقاط التي أشار إليها المسؤول المذكور، “ضعف المعرفة بالوكالة القضائية ومهامها وما تقوم به، خصوصا على المستوى الجهوي، إذ إن إدارات لا تعرف أساسا جوانب أساسية من عمل الوكالة. زد على ذلك أن جزءا من منازعات الدولة يرجع إلى طبيعة النص القانوني، حيث لا يكون مفر للدولة من السقوط في خوض غمار المنازعات، وذلك بفعل وجود نص قانوني، وهو ما ينطبق مثلا على قضايا نزاع الملكية”.
ووفق المسؤول عينه، نجد كذلك من بين العناصر التي تقف وراء ارتفاع المنازعات القضائية ضد الدولة “صدور مجموعة من النصوص التي رفعت من مسؤولية الدولة، من بينها الخطر القضائي الذي نص عليه الدستور في فصله 122 وأكد حق كل متضرر منه في الحصول على تعويض من الدولة، ثم كل ما يتعلق بضرر التشريع، إلى جانب صدور نصوص تثير مسؤولية الدولة كذلك، بما فيها القانون المتعلق بتطبيق العقوبات البديلة”.
ولدى حديثه عن أدوار الوكالة القضائية للمملكة المؤسسة سنة 1928، لفت عبد الرحمان اللمتوني إلى أن الوكالة بمثابة “تجسيد ومثال عن دولة القانون، وذلك من خلال خضوع الدولة كذلك للقوانين التي وضعتها”، مفيدا بأن هذه الأخيرة “تستند إلى ظهير 02 مارس 1953 الذي يجيز لها تمثيل الدولة في جميع القضايا التي تنتج عنها مسؤولية الدولة”.
في سياق متصل، تطرّق الوكيل القضائي للمملكة، المعيّن في منصبه منذ شتنبر 2023، لمسألة تتعلق بطريقة تدبير منازعات الدولة وإدارتها، إذ لفت إلى أن “تدبير هذه الأخيرة يعرف نوعا من الشتات، على اعتبار أنها غير ممركزة”، مؤكدا في السياق نفسه أن “تدبير منازعات الدولة يعرف نوعا من الشتات وليس بالممركز، والسبب الأساسي في ذلك هو القانون، لأن ظهير سنة 1953 الذي عرف بعضا من التعديلات أعطى لبعض الإدارات إمكانية تنصيب محامين”.
وتابع شارحا: “بفعل هذا الأمر تصعب معرفة عدد القضايا المرفوعة ضد الدولة ولفائدة من تصدر الأحكام بخصوصها؛ فثلث القضايا هي التي تصلنا فقط كوكالة قضائية للتكفل بها، وهو ما يوجب مركزة هذه القضايا، سواء لفائدة الوكالة القضائية أو أي جهة تراها الدولة كفيلة بذلك، فإذا كانت المحاكم الإدارية تعرف نشاط 60 ألف قضية، فإنه تصلنا منها فقط 20 ألف قضية، على سبيل المثال”.
وأكد عبد الرحمان اللمتوني أن “هذه المنازعات ترهق ميزانية الدولة، ولذلك من الضروري أن تتكاثف جهود جميع القطاعات وجميع الشركاء لوضع تصور قائم أساسا على الوقاية من هذه المنازعات لترشيد النفقات العمومية”، موردا أن “تدبير هذه الأخيرة تدبيرا مبنيا على الحكامة يوجب مركزتها، غير أن ذلك لا يعني تدبيرها من جهة واحدة، بل تدبيرها حسب القانون، وذلك بغرض تتبعها وتقييم النتائج المحققة واقتراح حلول من أجل تطوير الأداء في هذا الإطار”.