آخر الأخبار

معارضة مجلس المستشارين تحذر من تخريب التنسيقيات للعمل النقابي

شارك الخبر

صبّت مداخلات فرق ومجموعات المعارضة بمجلس المستشارين، خلال جلسة عمومية خصصت للدراسة والتصويت على مشروع القانون التنظيمي 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، اليوم الإثنين، في اتجاه “التنديد” بالمنهجية التي اشتغل بها الجهاز الحكومي، مسجلة أن “العمل الاجتماعي أمام عملية تهريب واضحة لنص المشروع نحو مسطرة التشريع بالاعتماد على الأغلبية البرلمانية داخل الغرفتين”.

“مد التنسيقيات”

يوسف أيدي، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، قال إنه “منذ الاستقلال شكل الإضراب أداة أساسية للطبقة العاملة في الدفاع عن حقوقها المشروعة وتحسين ظروف عملها، ما يجعل تنظيمه القانوني مسألة بالغة الحساسية تستدعي موازنة دقيقة بين مختلف المصالح والحقوق”، معتبرا أن المشروع في صيغته الحالية “يثير العديد من الإشكاليات الجوهرية التي تمس بجوهر الحق في الإضراب وممارسته الفعلية”.

وأضاف أيدي في مداخلته أن “الإشكالية الأولى والأساسية تبرز في التعريف المحدود الذي يقدمه المشروع لحق الإضراب، إذ يقتصر على فئة الأجراء الخاضعين لقوانين الشغل والوظيفة العمومية، متجاهلاً واقع سوق الشغل المغربي الذي يتميز بانتشار العمل غير المهيكل وتعدد الفئات المهنية”، مشيرا إلى أن “هذا القصور في التعريف لا يتماشى مع المعايير الدولية التي تؤكد على شمولية هذا الحق وارتباطه الوثيق بالحقوق الإنسانية الأساسية”.

ومن منظور هيكلي يرى المتحدث أن “مشروع القانون يعاني من إشكالات بنيوية تتجلى في تكرار المواد وتداخل النصوص المتعلقة بالعقوبات، ما يخلق صعوبة في الفهم والتطبيق”، متابعا بأن “التعريف لم يعكس بالشكل المطلوب أهمية حق الإضراب كحق دستوري إنساني، ولم يبرز بوضوح التزام المشرع بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، وهو الأمر الذي يستدعي مراجعة شاملة للبناء القانوني للمشروع بما يضمن وضوحه وانسجامه مع المبادئ الدستورية والمعايير الدولية”.

ودعا رئيس الفريق الاشتراكي إلى “تقوية النقابات، والإسراع في إخراج قانون ينظمها، وفرض المراقبة المالية عليها ومراجعة الترسانة القانونية المنظمة للانتخابات المهنية؛ ذلك أن هذه المنطلقات هي سبب النتائج التي نناقشها اليوم”، مشيرا إلى أن “الحديث عن تقوية النقابات نقطة مفصلية في سياق مناقشة قانون الإضراب، على اعتبار أن التنظيم النقابي هو الأساس لتفعيل هذا النوع من القوانين داخل الوحدات المقاولاتية أو وحدات القطاع العمومي، إذ إنه خلال السنوات العشر الماضية تم ابتداع بدعة التنسيقيات”.

كما تأسف أيدي لكون “الحكومات السابقة فتحت للتنسيقيات المجال وأصبحت تجالسها وتتفاوض معها، ما ألحق ضرراً بالغا بالتمثيلية النقابية وبالمشهد النقابي”، موردا أن “قانون الإضراب الذي يناقش اليوم يرتبط بشكل وثيق بقانون النقابات، إذ تُعتبر النقابات الممثل الشرعي للعمال في تنظيم الإضرابات والدفاع عن حقوقهم، ما يجعلها الوسيلة الرئيسية لتنسيق وتنظيم الإضرابات بشكل قانوني ومنظم”.

“قانون تكبيلي”

فاطمة زكاغ، مستشارة عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قالت في مداخلة لها إن حق الإضراب يعتبر من الحقوق الكونية التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مسجلة أن “منظمة العمل الدولية اعتبرته ملازما للحق النقابي، ومضمونا بمقتضى الاتفاقية الدولية الأساسية رقم 87 ومن خلال توجيهات وقرارات لجنة الحرية النقابية، بالإضافة إلى ضمانه بمقتضى كل دساتير بلادنا منذ 1962 إلى دستور 2011”.

وأشارت زكاغ إلى أن “الحركة النقابية خاضت عبر التاريخ إضرابات مطلبية وتضامنية قومية، وقبلها خاضت الطبقة العاملة المغربية إضرابات من أجل استقلال بلادنا وطرد المحتل”، معتبرة أن هذه الممارسة أسست لتجربة الحوار الاجتماعي ببلادنا بعد أن أسفر عن اتفاق فاتح غشت 1996، وزادت: “تجربة غنية وممارسة تاريخية لحق الإضراب طبعتها المسؤولية والروح الوطنية واستحضار مصلحة الوطن أولا”.

وتابعت المستشارة عينها: “اليوم سيسجل في تاريخ بلادنا على هذه الحكومة أنها كبلت وضيقت على هذا الحق الدستوري والكوني”، موردة أنها “حكومة انحازت لمصلحة الرأسمال بمنطق استبدادي وفهم ضيق لمعنى الديمقراطية واختزالها في الأغلبية العددية وتمرير قانون تنظيمي يخص موضوعا مجتمعيا كان من المفروض أن يتم التوافق حوله في طاولة الحوار الاجتماعي، وتوسيع دائرة الحوار مع كل تعبيرات المجتمع والإنصات لصوت الشارع”.

وحذرت الفاعلة النقابية مما “ستؤول له الأوضاع أمام الإصرار على ضرب المكتسبات التاريخية الاجتماعية والحقوقية للطبقة العاملة ولعموم المواطنين”، مبرزة أن “المغاربة يكتوون بنار غلاء الأسعار وارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى أرقام قياسية، وعوض الانكباب على معالجة هذا الوضع الاجتماعي المأزوم يصر الجهاز الحكومي على المزيد من القوانين التكبيلية وتكميم الأفواه”.

“حيلة حكومية”

خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، قال: “كنا نتمنى أن تشكل هذه المحطة لحظة للإجماع والتوافق، لأننا انتظرنا هذا النص القانوني أكثر من 60 سنة، لكن، مع الأسف، غلبت الحكومة منطق الأغلبية العددية وصمت آذانها عن خطاب الملك لسنة 2015 الذي دعا فيه إلى فتح مشاورات موسعة حول هذا النص”، مسجلا أن “الاتحاد قرر خوض إضراب وطني عام بمعية 4 مركزيات نقابية أخرى”.

ونبه السطي وزير التشغيل يونس السكوري إلى كونه أحضر اليوم في هذه الجلسة 10 تعديلات، أي ما يمثل ثلث القانون، معتبرا أنها “حيلة ذكية لتفادي النقاش في اللجنة”، وتساءل: “أوليس هذا تعطيلا للمؤسسة التشريعية واستخفافا بممثلي الأمة؟”، وزاد: “مهما اجتهدتم في اختيار الكلمات وتنميق العبارات لن تتمكنوا أبدا من إقناع أنفسكم قبل إقناعنا بأن هذا القانون الذي مررتموه بالقوة لا ينسجم مع المعايير المتعارف عليها ولا يحمي نهائيا حق الإضراب”.

وأردف المتحدث ذاته: “إن الإجهاز على هذا الحق الدستوري، وإضعاف الحركة النقابية التي تعتبر مؤسسات وساطة بامتياز، قد يؤدي بنا إلى المجهول”، موضحا أن “لها رصيدا عظيما منذ فجر الاستقلال، حيث ساهم زعماء نقابيون في تطوير جيش التحرير واستقلال المغرب ومنهم مؤسس نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الدكتور عبد الكريم الخطيب، إلى جانب رفيقيه في النضال بن عبد الله الوكوتي والمهدي بنعبود وآخرين”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا