أثار التأجيل المتكرر لانعقاد اللجان النيابية بمجلس النواب بطلب من الحكومة، دون تقديم أسباب واضحة، تساؤلات من نواب المعارضة حول مدى احترام الحكومة للعمل البرلماني، مطالبين بتغريم الوزراء كلما طالبوا بتأجيل انعقاد اللجان.
ويُنظر إلى اللجان النيابية على أنها ركيزة أساسية في العمل البرلماني، لما تتيح من مشاركة أوسع في صنع القرار، وتحسين جودة التشريعات من خلال دراستها بشكل معمق وإجراء التعديلات اللازمة، فضلاً عما يُنتظر منها أن تمارسه من رقابة على عمل الحكومة من خلال استجواب الوزراء ومناقشة التقارير.
عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبّر خلال جلسة الأسئلة الشفوية أمس الإثنين عن استيائه من التأجيلات المتكررة التي تطلبها الحكومة، مشيراً إلى أن هذه التأجيلات تكبّد مجلس النواب خسائر مالية تقدر بحوالي 200 ألف درهم لكل جلسة مؤجلة، داعياً إلى فرض غرامات مالية على الوزراء الذين يتسببون في تأخير انعقاد اللجان.
من جهته، انتقد رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، هذا السلوك الحكومي، مشيراً إلى تأجيل اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، الذي كان مبرمَجاً بطلب من الفريق الحركي، لمناقشة تعديلات مدونة الأسرة، بحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، قبل أن تعهد الحكومة إلى طلب تأجيله.
وفي هذا السياق، يؤكد الدستور المغربي على أهمية التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يمنح الفصل 67 من الدستور الوزراء حق حضور جلسات كلا المجلسين واجتماعات لجانهما، كما يتيح الفصل 68 من الدستور للجان الدائمة للبرلمان عقد اجتماعات مشتركة للاستماع إلى بيانات حول قضايا وطنية هامة.
ويخول الفصل 102 من الدستور للجان النيابية طلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، بحضور الوزراء.
في هذا السياق، أوضح الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، عبد الله الهندي، أن “التأجيل المتكرر لانعقاد اللجان النيابية يؤثر سلباً على العمل البرلماني، ويضعف من دور البرلمان في الرقابة والتشريع”، مشيراً إلى أن هذا التأجيل قد يشير إلى عدم تقدير الحكومة لأهمية اللجان ودورها في تعزيز الديمقراطية، كما أنه يثير تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بمبدأ فصل السلطات والتعاون بينها.
وأضاف الهندي في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، “يجب على الحكومة أن تقدم أسباباً واضحة ومقنعة لتأجيل انعقاد اللجان، وأن تلتزم بمبدأ التعاون مع البرلمان في إطار احترام الدستور والقانون، كما يجب على البرلمان أن يمارس دوره في الرقابة على عمل الحكومة بشكل فعال، وأن يطالب باحترام أحكام الدستور والقانون.”
ولفت الباحث نفسه، إلى أن “تعزيز الديمقراطية في المغرب يتطلب تفعيل دور البرلمان وتعزيز استقلاليته، وذلك من خلال ضمان انعقاد اللجان النيابية بشكل منتظم وفعال، ومساءلة الحكومة عن أعمالها وقراراتها.”