آخر الأخبار

الاستعانة بالذكاء الاصطناعي.. هل يفلح بركة في وقف نزيف تقهقر الاستقلال؟ - العمق المغربي

شارك الخبر

وسط حالة “الترهل” التي يعيش على وقعها حزب الاستقلال منذ أكثر من أربع سنوات، لجأ حزب علال الفاسي إلى “بدعة سياسية” لمواجهة النزيف التنظيمي الذي صار يهدد “الميزان” على بعد أقل من سنة ونصف من نهاية الولاية الحكومية، التي يبدو أن الاستقلال خسر فيها أكثر مما ربح، وذلك بفعل تراجع وهَجِه في عهد نزار بركة الذي حملته أمواج التوافق لقيادة الحزب لولاية ثانية.

واختار حزب الاستقلال تخليد الذكرى 81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، للإعلان عن إطلاق مبادرتين: الأولى تتعلق بتطوير أول مناضلين رقميين استقلاليين من نوعهم، والثانية تتعلق بصياغة عقد اجتماعي متقدم للشباب. وقال الحزب إن “هذه المبادرة ستشكل إضافة نوعية لحضور الحزب على الساحة الرقمية، كما ستساهم في تعزيز تواصله مع المواطنات والمواطنين، خاصة الشباب”.

ففي خطوة وصفها الحزب المتموقع في الصف الثالث من الائتلاف الحكومي الذي يقوده التجمع الوطني للأحرار بـ”غير المسبوقة”، أعلن حزب الاستقلال عن إطلاقه لأول مناضلين استقلاليين رقميين من نوعهم تم تطويرهما عبر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويتبنى الحزب من خلال هذه المبادرة أحدث التقنيات في مجال التواصل السياسي.

“بدعة سياسية”

مصادر استقلالية أوضحت أن ما وصفتها بـ”البدعة السياسية”، والغريبة عن تاريخ حزب علال الفاسي الذي وسم الذاكرة الوطنية بمناضلين أفذاذ من طينة الراحل امحمد بوستة والعربي المساري وأحمد بلافريج وغيرهم، تأتي في ظل “حالة الترهل” التي أصابت الجسم الاستقلالي على المستويين الوطني والمحلي، والتي تعود إلى الصدمة التي تعرض لها مناضلو ومناضلات الحزب من استوزاء أسماء من خارج الاستقلال ضمن التركيبة التي تمثل الحزب داخل الائتلاف الحكومي الحالي، والذي تكرس بعد التعديل الحكومي الأخير.

وسجلت المصادر نفسها أن هذا القرار الذي يتحمل الأمين العام للحزب نزار بركة وزره، كانت له تداعيات سلبية على الداخل الحزبي، وأن جرح هذه الخطوة التي أظهرت فقدان الثقة في كفاءات الاستقلال لم يندمل بعد، وذلك رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على تشكيل الحكومة. مؤكدة أن حزب الاستقلال دخل مرحلة “كمون غير مسبوقة” في تاريخه الذي عرف بشراسة مواقفه المدافعة عن كثير من القضايا المجتمعية.

وأرجعت مصادر قيادية تحدثت للجريدة سبب ما أسمته بـ”الوضع الكارثي” الذي يعيشه حزب علال الفاسي منذ وصوله إلى الحكومة إلى التدبير العشوائي الذي يتحمل فيه الأمين العام للحزب نزار بركة القسط الأوفر من المسؤولية بعد تعطيله لمؤسسات الحزب في أعقاب أزمة تشكيل اللجنة التنفيذية التي انتهت بتركيبة تغيب عنها الكفاءة والنضالية ومبدأ الاستحقاق.

فشل سياسي

المصطفى القريشي أستاذ العلوم السياسية بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، أكد أن فكرة المناضل الرقمي ترتكز بالأساس على استخدام التكنولوجيا والتطور الرقمي، وخاصة الذكاء الاصطناعي، للوصول إلى أكبر قدر من المواطنين والمواطنات وخاصة الشباب، وتقديم خطاب حزبي وسياسي في حلة رقمية.

واعتبر القريشي، ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أنها خطوة تدل بشكل ملموس على فشل الحزب في تأطير نخبة من السياسيين والمناضلين الشباب بالخصوص للتواصل مع الشباب، والتمكن من الخطاب السياسي للحزب ورؤية الحزب لعدد من القضايا، بل وفشلهم في استقطاب مناضلين ومنخرطين جدد.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الخطوة تشكل موت المناضل الفعلي داخل الأحزاب، الذي يمكن أن يكرس جهده ووقته وتفكيره للدفاع عن أفكار وتصورات الحزب، والتنقل للأحياء والتفاعل المباشر والقريب مع المواطنين وخاصة الشباب، بل وعجز ذلك المناضل الفعلي عن الدفاع عن برنامج وموقف الحزب بخصوص عدد من القضايا.

وانتقد القريشي الاستعانة بروبوتات افتراضية تعمل ليل نهار، يتم شحنها بعدد من الكلمات والأفكار ليرددها، لملء الفراغ الذي تولد بسبب غياب الفعل التأطيري الميداني داخل الأحزاب، مسجلاً أن هذه خطوة يعترف فيها الحزب بشكل واضح بفشل الخطاب التواصلي لعدد من مناضليه وقياداته في استقطاب الشباب، نظراً لغيابهم عن التأطير الفعلي الميداني والقريب من هموم وانشغالات الشباب.

انتكاسة حزبية

ولفت إلى انشغال الحزب بالعمل الحكومي وإغفال العمل الحزبي في التأطير، ومع قرب الانتخابات، مما جعله يتنبه لضرورة الاستعداد، لكنه لم يجد مناضلين يمكن أن يقوموا بالمهمة، فاتجه للاستعانة بمناضلين افتراضيين، معتبراً أن هذه الخطوة جد متسرعة بل وخاطئة، ستكون لها نتائج عكسية، ستجعل الشباب ينفرون أكثر من العمل السياسي لأن الحديث لمناضل روبوت يردد بعض الكلمات بطريقة جافة ومكررة دون تفاعل حسي عاطفي وجداني.

وقال أستاذ العلوم السياسية: “سننتقل من لغة الخشب إلى لغة الآلة الحديدية الخيالية، لأن المناضل الافتراضي سيردد ما تمت برمجته به من قبل بعض المبرمجين الذين قد يسيئون للعمل السياسي أكثر، بالإضافة للمسؤولية الأخلاقية للعمل السياسي المتعارف عليها في الأدبيات السياسية”.

وخلص المتحدث ذاته إلى أن هذه الخطوة هي إعلان عن موت المناضل الفعلي والعمل السياسي للأحزاب السياسية، وهي انتكاسة حقيقية لأكبر حزب تاريخي بالمغرب يعجز عن تأطير مناضلين يمكن أن يكون لهم خطاب سياسي قوي ومقنع وقريب من هموم الشباب، يمكن أن يستقطب الشباب للعمل السياسي.

“حالة الكمون”

وسجلت المصادر ذاتها أنه “مما يُؤسف له ويبعث على الحسرة، اختيار القيادة الحالية “صمت القبور”، من خلال غياب الحزب عن أبرز النقاشات العمومية والقضايا الحارقة، وعلى رأسها النقاش الجاري حالياً حول التعديلات المرتقبة حول منظومة القانون الجنائي ومدونة الأسرة، سيما في ظل توجهات المدونة نحو إقرار اختيارات حداثية، وهي المواقف التي تناقض المرجعية الدينية والإيديولوجية لحزب علال الفاسي، الذي عرف بمنافحته الشديدة لقضايا الهوية والمرجعية الإسلامية”.

وأرجعت المصادر ذاتها “حالة الكمون” التي بدأت تدب في أوصال حزب علال الفاسي، الذي باتت مواقفه خلال الفترة الأخيرة دون لون ولا طعم، إلى أن أغلب المناضلين والمناضلات أصبحوا يشعرون بعدم الانتماء إلى حزب عريق من حجم الاستقلال، وهو الشعور الذي كان المحرك الأساسي لمواقف الحزب التاريخية في عدة محطات بغض النظر عن مواقعه في الحكومة أو في صفوف المعارضة. مشيرة إلى أنه على خلاف عدد من أحزاب الأغلبية وحتى المعارضة، التي تحرص باستمرار على تنظيم لقاءات تواصلية مع المناضلين والمنتخبين، هناك حالة من الجمود والرتابة تعيش على وقعها أغلب مفتشيات الحزب وفروعه على الصعيد الوطني.

وأعلن حزب الاستقلال عن تطلعه بلورة “عقد اجتماعي متقدم” مع شباب المغرب من أجل تمكينه، من جهة، من أسباب الارتقاء والازدهار الذاتي والاستقلالية والإبداع والابتكار، وتمكينه من جهة ثانية من كفاءات وآليات المشاركة المواطنة الفاعلة في ديناميات المجتمع والحياة العامة.

وقال حزب “الميزان”، إن هذه المبادرة التي يضعها حزب الاستقلال بين يدي الشباب المدعو لتملّكها واحتضانها، تعبر عن مغرب الغد وتروم التأسيس لمستقبل قائم على التشاركية والبناء الجماعي ولِيجعل منها منطلقاً واعداً لطموحات الشباب المغاربة في القرى والمدن وكذا شباب مغاربة العالم.

وسجل حزب الاستقلال أن الشباب مدعو أيضاً لصياغتها وبنائها، انطلاقاً من الأفكار والمقترحات التي ستفرزها الاستشارات واللقاءات الشبابية المحلية والجهوية والوطنية التي سيطلقها الحزب طيلة سنة 2025، والتي ستشكل منصة لإسماع صوت الشباب والتعبير عن طموحاتهم من أجل المساهمة في بلورة رؤية المستقبل وإشراكهم في وضع السياسات العمومية، بما يضمن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا