أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن العفو الضريبي الذي تم تطبيقه خلال السنة الماضية من المتوقع أن يسهم في تعزيز السيولة البنكية مع نهاية العام، مما سيؤدي إلى تقليص احتياجات إعادة التمويل ودعم استقرار جزئي في سوق النقد مع بداية عام 2025. وحسب مذكرة للمندوبية، فإن حاجة البنوك إلى السيولة تظل مرتفعة رغم تباطؤها على أساس سنوي، وهو ما يعود إلى اعتدال تداول النقد، إذ من المنتظر أن يقوم بنك المغرب برفع حجم تمويلاته للبنوك لتلبية احتياجات السيولة.
وتوقعت المندوبية ضمن تقرير حديث لها حول الظرفية الاقتصادية لشهر يناير 2025، أن تشهد الكتلة النقدية تسارُعًا، متوقعة أن تسجل زيادة بنسبة 7,1% على أساس سنوي، مقارنة بزيادة بنسبة 6,7% في الربع الثالث من العام ذاته، مع استمرار هذا النمو بنفس الوتيرة في الربع الأول من عام 2025.
وأوضح المصدر ذاته، أن الموجودات الصافية من العملة من المنتظر أن تسجل نموًا بنسبة 3,8% خلال الربع الرابع من عام 2024. وعلى الجانب الآخر، ستشهد الديون الصافية على الإدارة المركزية نموًا ملحوظًا، مع تسجيل زيادة بنسبة 7,7% في الديون النقدية للخزينة.
أما في ما يخص القروض المقدمة نحو الاقتصاد، ترى المندوبية أنها ستشهد انتعاشًا مع بداية عام 2025 بعد تباطؤ طفيف في نهاية 2024، إذ من المحتمل أن يسجل رصيد القروض زيادة بنسبة 5,6% خلال الربع الرابع من 2024، بعد زيادة بلغت 6% في الربع السابق.
وأشار التقرير إلى أن هذا التباطؤ يعود بشكل رئيسي إلى تراجع القروض المتعلقة بالخزينة الخاصة بالشركات، حيث واصل بنك المغرب دورة التيسير النقدي للفصل الثاني على التوالي في 2024، من خلال خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 2,50% في الربع الرابع، بعد خفض مماثل خلال الربع الثاني.
على صعيد آخر، يتوقع أن تشهد أسعار الفائدة في السوق بين البنوك استقرارًا عند مستوى سعر الفائدة الرئيسي، مسجلة انخفاضًا بنسبة 29 نقطة أساس عن متوسطها السنوي، فيما ينتظر أن تنخفض معدلات سوق سندات الخزينة بشكل ملحوظ، من خلال تراجعها بنسبة 56 و78 و89 نقطة أساس على التوالي للسندات ذات المدة سنة، 5 سنوات، و10 سنوات.
أما في سوق الأسهم، تشير البيانات إلى تحسن كبير في الأداء مع نهاية 2024، ومن المحتمل أن يرتفع مؤشر MASI بنسبة 22,2% على أساس سنوي، بعد زيادة بنسبة 21,1% في الربع الثالث من العام، كما من المتوقع أن تشهد القيمة السوقية توسعًا بنسبة 20,2%.
وحسب المندوبية، فإن هذا التحسن يعكس بشكل رئيسي زيادة في أسعار أسهم قطاعات الإنعاش العقاري، الصحة، النقل، التعدين، الشركات القابضة، الكهرباء والبناء، كما يتوقع أن تواصل سيولة سوق الأسهم نموها، مع زيادة حجم التداول بنسبة 35,1% على أساس سنوي في الربع الرابع.
ومع ذلك، تظل آفاق النمو الاقتصادي على المدى القصير محاطة بعدد من التحديات غير المؤكدة، كون أن التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا قد تساهم في تصاعد الضغوط التضخمية، مما يستلزم تدابير اقتصادية أوسع لدعم القدرة الشرائية. ومن جهة أخرى، ينتظر أن يشهد الطلب في منطقة اليورو تطورًا ديناميكيًا، مما قد يعزز النمو في الصادرات والصناعة الوطنية.
وخلص تقرير المندوبية بالتأكيد على أنه بالرغم من هذه العوامل الإيجابية، فإن الاقتصاد الوطني يواجه تحديًا آخر يتعلق بالظروف المناخية الشتوية، حيث تشير البيانات إلى انخفاض بنسبة 60,6% في إجمالي الأمطار مقارنة بموسم عادي حتى نهاية ديسمبر. وفي حال استمرار هذه الظروف الجافة، قد يؤدي ذلك إلى فقدان ما لا يقل عن 0,8 نقطة من النمو في الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالتوقعات الأولية.
جدير بالذكر أن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، كشف قبل أيام أن التسوية الضريبية الطوعية نتجت عن التصريح بأزيد من 127 مليار درهم، فيما استفادت خزينة المملكة من 6 مليارات درهم، مما يشكل دفعة تمويلية قوية لدعم الاقتصاد.