آخر الأخبار

رُحل الجنوب الشرقي المغربي يكابدون برد الشتاء وارتفاع كلفة الأعلاف

شارك الخبر

في عمق الجنوب الشرقي للمغرب، حيث تمتد سهول وجبال الأطلس الكبير والصغير، يعيش الرُحل على وقع واحدة من أقسى المعارك التي يخوضونها سنويا ضد الطبيعة بين البرد القارس والثلوج القادمة وبين مواشيهم التي تعد مورد رزقهم الوحيد، يواجه هؤلاء الرحل ظروفا بالغة الصعوبة تهدد استقرارهم وحياتهم اليومية.

ومع اقتراب موجة الثلوج المنتظرة، تعالت أصوات الرحل الذين يوجدون بمناطق جبلية واعرة، مطالبة وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بالتدخل العاجل لتوفير الشعير والأعلاف لإنقاذ مواشيهم التي تعني لهم الحياة نفسها.

“المواشي ستموت إن لم تصلنا الأعلاف”، بهذه العبارة المؤثرة وصف إبراهيم أسغمو، أحد الرحل المستقر حاليا بمنطقة قريبة من أزيلال، الوضع الصعب الذي يعيشه وزملاؤه في ظل غياب الدعم الكافي.

وأضاف بنبرة مشوبة بالخوف: “الثلوج في طريقها إلينا، والمرعى سيختفي قريبا.. إذا لم نحصل على الشعير والأعلاف، سنفقد مواشينا، وهي كل ما نملك لتوفير ظروف عيش عائلاتنا”، وفق تعبيره.

وشدد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، على أنه ومع حلول فصل الشتاء، يصبح الرحل في الجنوب الشرقي خاصة بالمناطق الجبلية في مواجهة مباشرة مع الطبيعة القاسية، بسبب التساقطات الثلجية التي تغطي المراعي الطبيعية وتقطع مصدر الغذاء الرئيسي للمواشي؛ ما يجعلهم في حاجة ماسة إلى الأعلاف والشعير لتفادي كارثة نفوق قطعانهم. وتعتبر المواشي، وخاصة الأغنام والماعز، العمود الفقري لحياة الرحل، وفق تعبيره.

“كلنا نعلم أن الثلوج ستأتي قريبا وبقوة، ومعها ستنتهي المراعي، ماذا نفعل؟ هل ننتظر أن تموت الأغنام؟ نحن بحاجة إلى الشعير والأعلاف قبل فوات الأوان”، قال حمو أوبلعيد، أحد هؤلاء الرحل الذي أكد في اتصال هاتفي أنه يستقر بمنطقة قريبة من ورزازات، مشيرا إلى أن هناك “نقصا كبيرا حاليا في الشعير والأعلاف وعلى المسؤولين توفير هذه المواد لإنقاذ مواشينا”.

مصدر الصورة

وفي تصريحات متطابقة، سجل عدد من الرحل أن الوضع الحالي لا يحتمل الانتظار، مطالبين الوزارة الوصية بالتدخل العاجل لتوفير الأعلاف والشعير المدعم بأسعار مناسبة، خاصة أن أسعار الأعلاف في السوق الحرة مرتفعة بشكل لا يمكنهم تحمله.

وطالب هؤلاء الرحل الحكومة، وخاصة وزارة الفلاحة، بإطلاق برامج خاصة لدعم هذه الفئة الهشة خلال فصل الشتاء، الذي يعتبر الأصعب بالنسبة لهم، مؤكدين أن توفير الشعير المدعم والاعلاف بشكل مبكر سيجنبهم كارثة فقدان مصدر رزقهم الوحيد وسيساعدهم على تجاوز هذه المرحلة الحرجة.

يعيش الرحل في الجنوب الشرقي على هامش الحياة العصرية، بعيدا عن الخدمات والبنية التحتية، ورغم ذلك، فهم لا يطلبون الكثير، فقط الدعم الكافي للحفاظ على مواشيهم التي تعني لهم كل شيء، قال جمال الدين آيت بلعربي، فاعل حقوقي بإقليم ميدلت.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح خاص لهسبريس، أن “الرحل لا يطلبون المستحيل، فقط الشعير والأعلاف، حتى يعبرون هذه الفترة الصعبة”.

وزاد الفاعل الحقوقي قائلا: “هؤلاء كأبناء الجبال، اعتادوا على قسوة الحياة؛ لكن لا يمكنهم مواجهة الشتاء وحدهم. لذلك، يناشدون الوزارة الوصية على قطاع الفلاحة أن تنظر إليهم بعين الرحمة”، وفق تعبيره.
في انتظار استجابة الجهات المعنية لمطالب هذه الفئة، يعيش الرحل أياما من الترقب والخوف من المستقبل، بسبب الثلوج القادمة، والمراعي ستختفي، والمواشي مهددة.. بين رحمة الطبيعة وقسوة الإهمال، يظل صراع البقاء هو عنوان حياة هؤلاء السكان الذين ينتظرون إجراءات ملموسة تنقذهم قبل فوات الأوان، أضاف الحقوقي سالف الذكر.

وفي هذا السياق، صرح مصدر مسؤول تابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في تصريح خاص لهسبريس، “نحن على علم بالتحديات التي تواجهها فئة الرحل، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وتساقط الثلوج”، لافتا إلى أن “الوزارة تعمل على وضع خطط طارئة لتوفير الأعلاف والشعير المدعم بأسعار معقولة لهذه الفئة، بالتعاون مع السلطات المحلية والجمعيات المعنية”.

وأضاف المصدر ذاته أن الوزارة “تكثف جهودها لتوزيع الإمدادات في الوقت المناسب، لضمان تفادي أي خسائر محتملة في قطعان المواشي، التي تعد مصدر رزق رئيسي للرحل”، مشيرا إلى أن المصالح المختصة للوزارة تقوم بدراسة الموضوع بتنسيق مع المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي ومصالح أخرى للتعامل مع هذه المطالب بشكل إيجابي.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

الأكثر تداولا اسرائيل سوريا لبنان إيران

إقرأ أيضا