في أعقاب بلاغ الديوان الملكي الصادر يوم 23 دجنبر الجاري حول مراجعة مدونة الأسرة، وإعلان الحكومة عن الخطوط العريضة لهذه المراجعة في 24 ديسمبر 2024، عبرت شبكة نساء متضامنات عن اهتمامها البالغ بالإصلاحات التي طرأت على المدونة، والتي تم الإعلان عنها في البلاغات الملكية والحكومية.
وأشادت الشبكة، التي كانت من الفاعلين الأساسيين في المسار التشاوري الواسع الذي شهدته المملكة حول الموضوع، باعتماد المسار التشريعي الاعتيادي للمصادقة على نص المدونة. كما أعربت عن دعمها لاستمرار الاجتهاد الفقهي المتنور لمعالجة الإشكالات الأسرية والاجتماعية، بما يضمن الانسجام مع القيم الكونية ويسهم في رفع الظلم والحيف، وتحقيق المساواة.
وسجلت الشبكة عبر بلاغ لها التي قالت إنها تعمل جمعياتها في كل جهات ومناطق المغرب، بالمدن والقرى، وتشتغل مع آلاف النساء والأطفال والأسر، وتلتقط نبض الإشكالات التي يعانون منها جراء التمييز والحيف القانونيين وانتظاراتهم في العدل والانصاف والمساواة، (سجلت) أن الإصلاح الجديد لمدونة الأسرة أتى بمكتسبات إيجابية ومهمة نحو تعزيز حقوق النساء، وحماية كل أطراف الأسرة ومعالجة عدد من الإشكالات القائمة والمآسي الاجتماعية والاقتصادية
وقد اعتبرت شبكة نساء متضامنات أن الإصلاحات المقترحة في المدونة جاءت بمكتسبات إيجابية، أبرزها تعزيز حقوق النساء وحماية كافة أفراد الأسرة، والتطرق للعديد من الإشكالات الاجتماعية والاقتصادية، من بينها الاحتفاظ بحقوق الحضانة للأم المطلقة بعد زواجها، وتخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية. كما تم وضع معايير مرجعية جديدة لتقدير النفقة بعد الطلاق، مع توفير الحضانة والنيابة القانونية المشتركة بين الزوجين.
ومن ضمن الإيجابيات، أشارت الشبكة إلى تقليص أنواع الطلاق وتسهيل إجراءات الطلاق الاتفاقي، بالإضافة إلى اعتبار العمل المنزلي للزوجة مساهمة في الأموال المشتركة للأسرة. كما تمت إتاحة إمكانية الزواج للمغاربة المقيمين بالخارج دون الحاجة للشهود، وإيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة. وتم استحداث هيئة للصلح والوساطة مستقلة عن القضاء.
من جهة أخرى، نوهت الشبكة بالتعديلات التي تضمنت تنقيح المدونة من العبارات المشينة والمسيئة للكرامة، كما دعت إلى تسهيل إجراءات الزواج للأشخاص في وضعية إعاقة وتعزيز قضاء الأسرة عبر الرقمنة وتحديث البنيات، وملاءمة باقي القوانين والإجراءات ذات العلاقة بالأسرة، بالغضافة إلى تأهيل المقبلين على الزواج
في المقابل، الشبكة عبرت عن أسفها لعدم تطرق المراجعة لبعض التوصيات التي كانت قد طالبت بها، ومنها الاعتراف بالمسؤولية المادية والمعنوية المتساوية بين الأزواج، ورفض لحوق النسب للأطفال باستخدام الخبرة الجينية، واستمرار السماح بالتعدد وزواج القاصرين في سن 17 سنة، إلى جانب عدم إلغاء التمييز في منظومة المواريث، ورفض زواج المسلمة بغير المسلم.
وفي هذا السياق، أكدت شبكة نساء متضامنات على التزامها التام بالمشاركة الفاعلة في الحوار والتشاور لإصدار نص قانوني يتضمن مقتضيات واضحة وصريحة لمدونة الأسرة، داعية إلى تعزيز المسار التشاوري في المرحلة القانونية المقبلة. كما دعت الشبكة إلى استحضار التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وضرورة تفعيل اجتهاد فقهي متنور لمعالجة الإشكالات الأسرية العالقة.
وتابعت دعوتها لجميع الفاعلين المدنيين والسياسيين والحقوقيين لدعم الإصلاحات المتقدمة في المدونة، مع مواصلة الترافع حول المطالب التي لم تُستجب، والتصدي لمحاولات التشويه والتأجيج. كما شددت على ضرورة الحوار البناء والتشاور بين جميع الأطراف المعنية، وتدبير الاختلاف بشكل حضاري، وتبني مقاربة تستند إلى المبادئ الإنسانية والحقوقية والقيم الكونية التي تحفظ كرامة النساء والأطفال والرجال وتحمي مصالح الأسرة واستقرارها.