احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، أمس الأربعاء، ندوة وطنية تحت عنوان “مشروع قانون المسطرة المدنية: المكاسب والانتظارات”. وقال المنظمون إنها تأتي في إطار متابعة الإصلاحات التشريعية في المملكة، خاصة مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23، الذي يعتبر من الركائز الأساسية لتحقيق العدالة الناجعة وتعزيز دولة الحق والقانون وضمان حقوق المتقاضين.
وفي هذا السياق، استعرض مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل، رشيد الوظيفي، في كلمة له خلال الندوة التي عرفت مشاركة عدد من الخبراء والأكاديميين والمسؤولين القضائيين الأبعاد القانونية والإجرائية للمشروع، مشيرا إلى الإصلاحات الهامة التي أدخلت عليه، وخاصة ما يتعلق برقمنة الإجراءات القضائية، مؤكداً أن هذه الرقمنة ستسهم في تحسين شفافية الإجراءات وتسريعها.
من جانبه، تناول الدكتور سعيد بعزيز، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، الجوانب التشريعية للمشروع، حيث استعرض التعديلات المقترحة مثل الاختصاص القيمي وإجراءات التحقيق، وأكد على ضرورة توافق النصوص مع الدستور المغربي ومعايير المساواة بين المتقاضين. كما أشار إلى أهمية معالجة الإشكاليات المرتبطة بالتبليغ وضمان الأجل المعقول للتقاضي.
وفي مداخلته، عبر الدكتور الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، عن ملاحظاته بشأن فعالية المشروع، مبرزا التحولات الإيجابية التي شهدها، لكنه أبدى قلقه من بعض المقتضيات التي قد تضر بحقوق المتقاضين. وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في بعض المواد مثل الاختصاص القيمي والغرامات المرتبطة بسوء النية، التي قد تؤثر سلباً على حقوق الأفراد، كما سلط الضوء على إشكاليات تنفيذ الأحكام ضد الدولة ومؤسساتها.
أما الدكتور بلال العشيري فقد أبرز بعض الملاحظات الجوهرية المتعلقة بمستجدات المشروع، حيث أشار إلى تعارضه مع بعض المبادئ الدستورية الأساسية مثل استقلال السلطة القضائية. كما تطرق إلى تحديات الطعن بالنقض وتطبيق مبدأ المساواة بين المتقاضين، مؤكداً أن بعض المواد، مثل المادة 17، قد تؤثر سلباً على حقوق المتقاضين وحجية الأحكام القضائية.
واختتمت الندوة بتقديم مجموعة من التوصيات، أبرزها تعزيز الرقابة على تنفيذ مشروع القانون وضمان توافقه مع الدستور المغربي، ومراجعة بعض النصوص التي قد تؤثر سلبا على حقوق المتقاضين. كما دعا المشاركون إلى تكثيف الجهود لتفعيل الرقمنة في المنظومة القضائية وتنظيم المزيد من الورشات العلمية والنقاشات الأكاديمية لتعميق دراسة المشروع ومعالجة الإشكاليات المحتملة.