صوّت مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، في جلسة عمومية، بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب “المثير للجدل” في نسخته الجديدة، قبل المرور إلى مجلس المستشارين، وسط شدّ وجذب بين الحكومة والمعارضة حول مجموعة من المواد.
وفي جلسة عمومية امتدت لساعات طويلة برّر وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، رفض الحكومة عددا من مقترحات تعديلات فرق ومجموعات المعارضة البرلمانية، خاصة في ما يتعلق بمدة بدء الإضراب بعد إخطار المشغّل بالملف المطلبي، والفئات التي يُسمح لها بخوض الإضراب، وتمكين مندوبي الأجراء من طلب السماح بخوض الإضراب، والإضراب الفردي، واحتلال المضربين أماكن العمل، واقتطاع أجور المضربين.
وقال السكوري إن موضوع “الأجر مقابل العمل” يطرح إمكانية قيام النقابات بتعويض المضربين، مشيرًا إلى أن “هذا أمر يمكن أن يؤخذ بعين الاعتبار في ضوء وجود استعداد حكومي لدعم هذا التوجه خارج مشروع القانون التنظيمي هذا، وفي إطار قانون النقابات القادم”.
وأضاف الوزير ذاته أنه “في ما يتعلق بأجل خوض الإضراب بعد إخطار المشغّل فإن غالبية دوافع الإضراب لا تكون من خلال الملفات المطلبية، بل بسبب رفض المشغّل الجلوس إلى طاولة التفاوض؛ ولذلك استجابت الحكومة لإمكانية تخفيض هذه المهلة من شهر إلى عشرة أيام خارج الإضرابات المتعلقة بالملفات المطلبية، وإلى ثلاثة أيام في ما يتعلق بالإضرابات المعلنة على ضوء قضايا خطر الحال”.
وتحدث السكوري في ما يتعلق بمواد تحديد إعلان الإضراب من جديد والمقيدة في حدود سنة عن استحضار الحكومة في هذا الشق “حسن نية المشغّل”، مؤكداً أن “هذا الأمر يأتي لتشجيع التفاوض وليس العكس، وبه يجب الحفاظ على هذه المدة لتحقيق السلم الاجتماعي”.
واستعرضت المعارضة النيابية مقترحات تعديلات تتعلق بمواد تعيق إحلال المضربين بمكان العمل، التي اشتكت من خلالها من “وجود تضييق على ممارسة الإضراب”.
وأكد الوزير أن مشروع القانون التنظيمي الذي سيحال على المحكمة الدستورية يجب أن يحقق التوازن عبر حماية حرية العمل، وأن الحكومة عازمة على تجويد مفهوم “احتلال أماكن تنفيذ العمل”، مشددًا على أن “إعاقة هذه الحرية ممنوعة تمامًا”.
وعرضت الحكومة تعديلاتها الجديدة على مشروع القانون التنظيمي، التي شملت، على سبيل المثال لا الحصر، الإضراب بالمرافق الحيوية المشروط بتوفير حد أدنى من الخدمة، والمادة المتعلقة بمنع استقدام عمال آخرين مكان المضربين.
وأعلن السكوري في هذا الصدد عن إضافة مرافق بنك المغرب وموظفي الملاحة الجوية إلى فئة المرافق الحيوية المشروطة بتوفير حد أدنى من الخدمة، ومن جهة أخرى أشار إلى إضافة “أشخاص آخرين” في مادة تعويض العمال المضربين، مشددًا على أن “هذا الأمر يتصدى لاستقدام المتدربين من قبل المشغّل أثناء الإضراب”.
واقترحت المعارضة النيابية، في ما يخص القضاء الاستعجالي، تعويضه بأدوار مفتشي الشغل. وردّ الوزير بأن “دور القضاء الاستعجالي في هذه القضايا سيكون دقيقًا”، مقرًا بأن “هذا الموضوع بشكل عام يحتاج فعلاً إلى قضاء متخصص”.
ورفضت الحكومة مقترحات تعديلات همّت السماح بالإضراب الفردي، مبررة ذلك، على لسان السكوري، بأن “هذا الأمر يعد خلافًا فرديًا يُعالج وفق قانون الشغل، والأمر ذاته ينسجم مع إمكانية الموافقة على الإضراب المقدم من طرف مندوبي الأجراء”.
وانتقدت المعارضة البرلمانية رفض هذه التعديلات، مؤكدة أن “الأمر يهدد حق الإضراب ويحرمه في المقاولات التي بها أجير واحد”؛ ومن جهة أخرى اعتبرت أن “مفهوم المصلحة الاجتماعية والاقتصادية الوارد في مواد مشروع القانون التنظيمي فضفاض، ويمكن للمشغّل أن يؤوله لصالحه كما يريد”.
كما رفضت الحكومة مقترحات تعديلات المعارضة التي همّت تخفيض أرقام الغرامات المالية التي جاءت في مواد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب. وأكد السكوري أن “الأمر الذي يأتي وسط نجاح إبعاد العقوبات الحبسية يحتاج إلى مزيد من الوقت للتفكير في خفض الغرامات”.