أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أنه تم تحديد سن 18 سنة كاملة للزواج مع إمكانية تخفيض السن عند 17 سنة في حالات معينة، مشددا على أن التعدد أصبح مقترنا بشرط إصابة الزوجة الأولى بالعقم أو بمشاكل تمنع المعاشرة الزوجية.
وأوضح وهبي، في لقاء تواصلي مع وسائل الإعلام، صباح الثلاثاء بالرباط، لعرض المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة، أنه تم تحديد أهلية الزواج بالنسبة للفتى والفتاة في 18 سنة مع وضع استثناء لهذه القاعدة يحدد فيها سن القاصر للزواج عند 17 سنة مع تأطير ذلك، وفق تعبيره، في عدة شروط ليبقى التطبيق في دائرة الاستثناء.
ومن التعديلات المقترحة أيضا، حسب المسؤول الحكومي، إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء تطبيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه والتنصيص على ذلك في عقد الزواج، مبرزا أنه في حال اشتراط عدم التزوج عليها في العقد فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه للشرط.
وفي حال غياب هذا الشرط في عقد الزواج، حسب وهبي، فإن المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد، سيصبح محصورا في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية
كما ستنص المدونة، يضيف وهبي، على إمكانية توثيق الخطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج، مع إمكانية عقد الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك.
كما تقرر إحداث هيئة غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدنيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مهمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار، مع جعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يغطي جلها، وتحديد أجل ستة (6) أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق
وتقرر أيضا تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، مع اعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق مع قبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة.
كما سيتم اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية مع إمكانية امتداده في حال الاتفاق بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سكنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفربه
ومن بين المقترحات أيضا، عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها، مع وضع معايير مرجعية وقيمية تراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهم في تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها.
ومن المضامين الجديدة لمدونة الأسرة، جعل “النيابة القانونية” مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يتأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يرجع، في ذلك، إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون.
وسيتم تحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفات التي يجريها وليه أو وصيه أو المقدم عليه، مع حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون
وسيتم تفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى بخصوص موضوع “إرث البنات”. القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحكمية مقام الحيازة الفعلية، مع فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين في حال اختلاف الدين.
وبالنظر إلى أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، فسيتم، حسب وهبي، تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات سيما إذا توقف العمل بها في منظومتنا القانونية والقضائية.
وأكد وهبي أن مضامين مراجعة مدونة الأسرة، تهدف إلى تجاوز بعض النقائص والاختلالات التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا
وتابع: “فنحن اليوم، أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات كما حددتها الرسالة الملكية السامية، ووفق الضوابط والحدود التي وضعتها؛ غايتها إنجاز صيغة جديدة لمدونة الأسرة تناسب مغرب اليوم، قادرة على الاستجابة للتطورات المجتمعية التي يشهدها، في حرص شديد على أن تكفل مقتضياتها، في الآن ذاته تعزيز مكانة المرأة وحقوقها وحماية حقوق الأطفال، والمحافظة على كرامة الرجل.