في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بمقر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب بالعاصمة الرباط، التابع لأكاديمية المملكة المغربية، قدم المعهد الأكاديمي للفنون التابع للأكاديمية نفسها، أمس الأربعاء، أحدث كتب الناقد السينمائي والمخرج إدريس شويكة.
وفي تقديمه للكتاب قال محمد عبد الرحمان التازي، مخرج من رواد السينما والتلفزيون بالمغرب، إن شويكة “مناضل سينمائي وزميل طموح”، وكتابه هذا “عمل ثمين إذا لم أقل شجاع” لـ”مثقف دائم، وفيّ لأفكاره وأصدقائه (…) ومناضل من أجل كرامة السينمائيين وحرية تعبيرهم، وسينمائي محترف بأعماله”.
ويرى التازي في هذا الكتاب “إعلان حب لهذا النوع من الفن، المتعالي على الزمن والفضاء”، يستكشف عوالم السينما وأعلامها ودررها بـ”نوستالجيا مليئة بالأمل والشباب”، مع اهتمام بالمذاهب السينمائية، وأسماء من قبيل: البسطاوي، ومارلون براندو، وجون لوك غودار، ومصطفى الدرقاوي، وجين فوندا.
الناقد إدريس الجعيدي قدّم، من جهته، تفاصيل الأفلام التي اهتمت بها مقالات الكتاب، وسجّل أنها “تُذَكر بأفلام طبعتنا”، وتغني “الرؤية للسينما بشكل عام، والسينما في المغرب”، خاصة أن مقاربها كان فاعلا كبيرا في فيدرالية الأندية السينمائية ومهرجان السينما الإفريقية بخريبكة.
وأضاف أن الكتاب يشتغل على متون وشخصيات السينما العالمية والممثلين والثقافة السينمائية، ويفتح كلمته بتكريم مباشر للسينما الإفريقية. واسترسل مقدما أفلاما عالمية وعربية ومغربية، ونوعها، وإخراجها، وسياق إعدادها أو استقبالها نقديا، قبل أن يقول إنه بالنسبة للسينمائيين المغاربة كان مرتبطا بثلاثة سينمائيين، هم مصطفى الدرقاوي، ومحمد عبد الرحمان التازي، ومحمد مفتكر.
وأوضح المؤلِّف إدريس شويكة أن فكرة الكتاب جاءت بعد مبادرة من نعيم كمال دفعته إلى كتابة سلسلة مقالات أسبوعية حول السينما، ثم جاءت فكرة جمعها في مؤلف، بدعم من أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة.
وأضاف “استمددت العنوان من علاقتي الشخصية بالسينما لأني دخلت عالم السينما بحب (…) واهتممت كثيرا بالأفلام، وهذا اختيار شخصي، وحاولت الحديث عن الأفلام التي طبعتني في السينما العالمية، وأحيانا في السينما المحلية، والحديث عن المخرجين الذين صنعوا السينما، وطوروها بشكل فعال في تاريخها، والمشخصين والمشخصات الذين ساهموا بدور مهم في تاريخ السينما، والتيارات الكبرى للسينما، والمهرجانات التي هي منصة للسينما، وكتبت حول الثقافة السينمائية بشكل عام”.
وحول اختياره في الكتاب مقالات حول أسماء مغربية محدودة، ذكر شويكة أن هذا يعكس فكرة حول “تطور السينما الوطنية”، مع رائدين هما لطيف الحلو ومحمد عبد الرحمان التازي، وكان محمد مفتكر الاستمرارية؛ فهو “أكثر شبابا، ومن بين من حاولوا أن يعطوا نفسا جديدا للسينما المغربية، وهو ممثل لجيل كامل، ليس وحده، بل هناك نور الدين الخماري، وآخرون في سنوات الثمانينيات حاولوا إعطاء نفس جديد للسينما الوطنية، لا أتحدث حول إلى أي حد نجحوا في ذلك، بل عن كونهم قدموا رؤية جديدة”.
وأضاف “علاقتي بمصطفى الدرقاوي توشك أن تكون أبوية، فهو يذكرني بشبابي حين التقيت به، وكانت القدرة على الحديث معه أصلا خارقة للعادة بالنسبة لي، وقد كرمتُ مساره بشكل كبير”.
في هذا الكتاب، يتابع صاحبه، “حاولت أن أشرح للشباب أكثر الموجات الأساسية التي ساهمت في تطوير السينما العالمية، أو التي أخذت السينما في العالم وكان لها أثر في رؤية السينما، مثل الموجة الجديدة في فرنسا، حيث رأينا المخرج لأول مرة مثل كاتب، والواقعية الجديدة الإيطالية، والسينما الجديدة في أمريكا اللاتينية”.
وأردف قائلا: “لم تكن بالمغرب موجات سينمائية في الحقيقة الأمر، بل أخرجنا أفلاما، ولطيف الحلو في “شمس الربيع” ينتمي إلى الواقعية الجديدة الإيطالية، وهو نموذج مغربي لتطبيق النظرية، وإذا أخذنا أفلام إدريس المريني فهي تنتمي إلى نوع من السينما الواقعية الجديدة. لكن في المغرب يصعب تصنيف الأفلام وفق الموجات السينمائية”.
لم يقتصر النقاش خلال تقديم المعهد الأكاديمي للفنون للكتاب الجديد على نقود إدريس شويكة، بل امتد إلى واقع مشاهدة السينما في المغرب؛ حيث قال محمد عبد الرحمان التازي إن مشاهدة السينما في المغرب هوت بشكل مأساوي، ففي حين كان عدد المشاهدين داخل القاعات السينمائية بشكل منتظم في مطلع الثمانينيات أكثر من أربعين مليونا، هَوى العدد إلى مليون مشاهد رغم تضاعف عدد الساكنة.
وحول أسباب ذلك، قال التازي: “لما كنا تلاميذ كان الأساتذة في مولاي يوسف يشجعوننا على مشاهدة أفلام ومسرحيات ثلاث مرات على الأقل في الشهر، وفهمها”. إذن “نحتاج إدخال هذه الثقافة إلى الناشئة منذ المرحلة الابتدائية، أي تعليم الأشياء من سن مبكرة”، وإلا سيبقى الواقع هو الراهن، مشيرا إلى أن “وزارة الثقافة فتحت (مؤخرا) 50 قاعة سينمائية لا يحضرها أحد”.
الناقد السينمائي إدريس شويكة تحدث، من جهته، عن “تغيّر تقاليد المشاهدة كثيرا في العالم الثالث”، بينما “تستمر هذه التقاليد (مثل الذهاب إلى القاعات السينمائية) في بلد مثل أمريكا ولو توجد مشاكل وإضرابات في هوليوود، وممارسات في مجال السينما تتغير تماما”.
وتابع قائلا: “رغم تنامي المنصات الرقمية وقنوات المشاهدة على الإنترنت، تبقى السينما هي هي، فالذي يتغير هو الشاشة والمكان، أي طرق عرض وتوزيع الأفلام”، والذي ينبغي استمراره هو “السينما كطريقة تعبير، تجمع عددا من المشاهدين، الذين يستعملون الصورة وسيلةَ تعبير أساسية في المجال الثقافي”.