آخر الأخبار

تصاعد العنف الرقمي يرفع تحذيرات من تهديد الفضاء الافتراضي للتماسك الاجتماعي

شارك الخبر
مصدر الصورة

في ظل التطور المتسارع للتكنولوجيا الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الفضاء الافتراضي ساحة مفتوحة للتعبير والتفاعل. ومع ذلك، تشهد هذه المنصات تصاعدًا ملحوظًا في خطابات الكراهية والتحريض على العنف، ما يثير تساؤلات حول تأثير هذه الظواهر على التماسك الاجتماعي.

فبينما يتيح الإنترنت فضاءً حرًا للتواصل، تتزايد المخاوف من استغلاله في إذكاء النزاعات وتفاقم الانقسامات داخل المجتمعات. فهل يمكن أن يشكل الفضاء الافتراضي تهديدًا حقيقيًا للوحدة المجتمعية، وما هي الآليات التي يمكن أن تساهم في الحد من هذه المخاطر؟

انتشار الكراهية

في هذا السياق، حذر أستاذ العلوم الاجتماعية، سعيد بنيس، من التحول الخطير الذي يشهده الفضاء الرقمي، مشيرًا إلى أن البيئة الرقمية باتت ساحة لانتشار ثقافة الكراهية والتوتر بين روادها، نتيجة للحرية التي يتيحها هذا الفضاء للتعبير عن الآراء والمواقف التي قد لا يجرؤ الأفراد على التعبير عنها في العالم الواقعي.

وقال بنيس في تصريح لجريدة “العمق “: “إن الفضاء الافتراضي أصبح بؤرة للتوتر والصراعات ذات الطبيعة الهوياتية، اللغوية، والدينية، مما يؤدي إلى ظهور ما يمكن تسميته بالعصيان الافتراضي.”

وأوضح السوسيولوجي المغربي، أن هذا النوع من العصيان الافتراضي يتخذ أشكالاً مختلفة، حيث يُلاحظ تبادل النعوت القدحية بين الناطقين بالأمازيغية والناطقين بالعربية، إلى جانب الحروب الافتراضية بين أنصار فرق كرة القدم، أو التدوينات الديجيتالية المعادية للإسلام أو المدافعة عنه. كما تنتشر التعابير التمييزية ضد المرأة والنزاعات المرتبطة بالانتماءات الترابية المختلفة، مما يعزز ثقافة العنف الرقمي ويغذي خطاب الكراهية والإقصاء.

ووفقًا لما ذكره بنيس، فإن هذا التصعيد الخطابي والعدائي في الفضاء الرقمي يشكل خطرًا حقيقيًا إذا انتقل إلى العالم الواقعي، مؤكدًا أن تداعياته قد تكون خطيرة للغاية، نظرًا لقدرته على تحويل التوترات الافتراضية إلى صراعات مادية حقيقية.

وأضاف المتحدث ذاته، أن “الفضاء الرقمي الذي كان من المفترض أن يكون مساحة للتعايش والانفتاح أصبح اليوم جسرًا لانتعاش ثقافة العنف، والتنافر الوطني، والإقصاء”.

وتتزايد المطالب على أهمية تطوير آليات رقابية وتشريعية للحد من انتشار الكراهية والتنافر في الفضاء الرقمي، للحفاظ على تماسك المجتمع واستقراره.

تقنين التواصل الرقمي

في سياق متصل تتجه وزار الشباب والثقافة  والتواصل لتقنين وسائل  التواصل الاجتماعي، من أجل جعلها “آمنة وموثوقة ومسؤولة” ومكافحة عدد حملات التشهير والابتزاز وخطاب الكراهية والأخبار الزائفة التي تنشر عبرها، بحسب ما كشف الوزير محمد المهدي بنسعيد.

وأوضح الوزير أن الجواب على إشكالية تقنين الخدمات الرقمية بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي “يجب أن يكون جوابا شاملا يتطلب تنسيقا بين جميع الجهات الفاعلة للتمكن من إيجاد الحلول المناسبة لمحاربة الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية على الأنترنت”.

وأفاد، في جواب على سؤال كتابي للفريق الحركي بمجلس النواب، أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل بصدد التفكير في إطار شامل، وإجراء مشاورات لتقديم جواب لهذه الإشكاليات، يهدف إلى ضمان أن تكون هذه الخدمات الرقمية “آمنة وموثوقة ومسؤولة”، على غرار ما توصلت إليه التشريعات المتقدمة في هذا المجال.

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن التشريع الجنائي المغربي يحظر أي نوع من التشهير، سواء كان ذلك عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة أخرى، مشددا على أنه “لا يمكن أن تستعمل حرية الرأي والتعبير في الإضرار بحقوق الغير، أو تستغل لنشر معلومات كاذبة أو مضللة، أو التشهير بالأشخاص أو المؤسسات، والمساس بسمعتهم أو أنشطتهم المشروعة”.

قواعد أخلاقية

من جانبه يرى قال خبير أخلاقيات الإعلام والاتصال، هشام المكي، في حديثه عن وسائل التواصل الاجتماعي، إنه وباستثناء بعض القيود المعروفة على تداول محتويات بعينها (إباحية أو عنيفة مثلا…)، فإنه يلاحظ غياب قواعد أخلاقية واضحة لتنظيم استخدام منصات التواصل الاجتماعي خصوصا.

واعتبر أن هذا الأمر فوضى أخلاقية مقصودة، تسهل على الفاعلين الكبار مهمة استغلال الأفراد وبيع خصوصياتهم تجاريا. كما يمكن وصف الضوابط الأخلاقية الحالية “بأخلاقيات المحتوى”، إذ تقوم على تقييد أو حضر تبادل ونشر أنواع معينة من المحتويات. وأفترض أن الاجتهاد في تطوير أخلاقيات ضمن هذا التوجه هو مهم لكنه غير كافٍ نهائيا لتأسيس أخلاقيات فاعلة لمنصات التواصل الاجتماعي.

جاء ذلك في ملخص لورقتي بحثية تقدم بها هشام المكي في مؤتمر شبكات التواصل الاجتماعي والاستقطاب الإيديولوجي، المنظم من قِبل مركز الجزيرة للدراسات وجامعة قطر، والتي عنونها ب “‘أخلاقيات شبكات التواصل الاجتماعي: من أخلاقيات المحتوى إلى التصميم الأخلاقي. (فيسبوك نموذجا)‘”.

وأضاف المتحدث في ملخص ورقته البحثية، ‘”إن مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالتحيزات الكامنة ذات التوجهات التجارية والإيديولوجية والسياسية، في مقابل مستخدمين غير مؤهلين نهائيا لقيادة استخدامات واعية ومتحررة من تلك التوجيهات الخفية‘‘.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا