خلف أبواب موصدة يعقد حزب الاستقلال اليوم السبت مجلسه الوطني لانتخاب اللجنة التنفيذية للحزب، بعد أشهر من مفاوضات عسيرة قادها الأمين العام للحزب نزار بركة أسفرت عن اختيار لائحة تضم 30 مرشحا من أصل 107 ترشيحات توصل بها لشغل عضوية قيادة “الميزان”.
وطبقا لمقتضيات النظام الأساسي لحزب الاستقلال كما صادق عليه المؤتمر العام 18 للحزب، ستتواصل أشغال جلسة المجلس الوطني للحزب يوم السبت 5 أكتوبر 2024 بقاعة المؤتمرات الولجة بمدينة سلا، للمصادقة على لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية التي سيعرضها الأمين العام للحزب على المجلس الوطني، وذلك وفقا لأحكام الفصلين 64 و69 من النظام الأساسي.
ومن المتوقع أن تشهد هذه الدورة نقاشات حادة، نظراً للأهمية التي تحملها التوجيهات الملكية بشأن تخليق الممارسة الحزبية وإبعاد الفاسدين عن العملية السياسية.وذلك باستحضار مضامين الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، والتي أكد فيها الملك محمد السادس، أنه “من أبرز التحديات التي ينبغي رفعها للسمو بالعمل البرلماني، ضرورة تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية”.
وحسب مصادر الجريدة، فإن اللائحة التي من المقرر أن يعرضها بركة على أنظار المصادقة بالمجلس الوطني الملتئم مساء هذا اليوم بسلا، لم تحمل كثيرا من المفاجآت، حيث احتفظت بأغلبية الأسماء القيادية التي تعاقبت على اللجنة التنفيذية، في حين تم تأثيث التركيبة الجديدة المقترحة ببعض الوجوه الجديدة في محاولة لامتصاص غضب القواعد التي أقلقها تعثر تشكيل اللجنة التنفيذية لأكثر من خمسة أشهر بعد المؤتمر الوطني الأخير.
لكن المقابل، تؤكد مصادر الجريدة، أن بركة يوجد في “حرج كبير” وفي وضع لا يحسد عليه، إزاء اختيار الرئيس السابق للفريق النيابي للحزب بالبرلمان نور الدين مضيان، ضمن تشكيلة اللجنة التنفيذية الجديدة، بعد الضجة الكبيرة التي أثارتها قضية “التسجيل الصوتي”، الذي دفع زميلته في الحزب رفيعة المنصوري إلى جره للقضاء بتهم “السب والقذف والتهديد والابتزاز والمس بالحياة الخاصة للأشخاص واستغلال النفوذ والتشهير والتهديد بإفشاء أمور شائنة”.
وفي في تطور جديد لقضية رفيعة المنصوري ونور الدين مضيان، دخلت “الجمعية المغربية لحقوق الضحايا”، على خط القضية بعد أشهر من وضع شكاية أمام وكيل الملك بطنجة، تتهم فيها البرلمانية الاستقلالية السابقة رئيس الفريق البرلماني لحزبها نور الدين مضيان بـ”السب والقذف والتهديد والابتزاز والمس بالحياة الخاصة للأشخاص واستغلال النفوذ والتشهير والتهديد بإفشاء أمور شائنة”.
وعلى خلفية هذه القضية، التي دخلت منعطفا جديدا على أبواب انعقاد دورة المجلس الوطني لحزب الاستقلال المخصصة لانتخاب اللجنة التنفيذية للحزب، أشارت الجمعية إلى إصدارها بلاغ بتاريخ 18 مارس 2024 للتضامن مع الضحية والتنديد بالعنق الذي مورس عليها معتبرة أن “ما تضمنه التسجيل الصوتي يعتبر عن وضعية ومعاناة النساء في المجال السياسي ويفضح حقيقة مواقف بعض السياسيين من قضايا النساء التي يتم استغلالها فقط للترويج الإعلامي الانتخابوي”.
ويتخوف قياديون ومناضلون في صفوف الحزب الاستقلالي المشارك في حكومة أغلبية أخنوش، من تفجر هذه القضية دورة المجلس الوطني المخصصة لنقطة فريدة تتعلق بانتخاب اللجنة التنفيذية للحزب، مؤكدين عن عدد من أعضاء الحزب يرفضون سقوط الأمين العام في منطق “الكيل بمكالين”، عبر تجاهل القضية التي أحدثت توترا غير مسبوق داخل الحزب، وتسببت في المس بصورته لدى الرأي العام.
وأوضحت مصادر الجريدة، أن الأمين العام مطوق بالتوجيهات الملكية الرامية إلى تخليق الممارسة الحزبية والسياسية، وأنه ملزم بأيضا تطبيق مقتضيات ميثاق الأخلاقيات الذي اعتمده الحزب، وهو ما يجعله مطالبا بغلق باب اللجنة التنفيذية بين كل من تحوم حوله شبهات فساد أو من يوجد في وضعية مخالفة أمام القانون أو متابعة أمام القضاء.
واعتبرت ذات المصادر، أنه إذا كان بركة قد قرر إبعاد عدد من المتابعين أمام القضاء عن تشكيلة اللجنة التنفيذية انسجاما مع روح المقتضيات السالفة التذكير، فإن اختياره لنور الدين مضيان الذي يواجه شكاية أمام النيابة العامة بتهم جنائية، يجعله يقع في المحظور وفي مخالفة التوجيهات الملكية الداعية إلى ضرورة الرفع من جودة النخب وتخليق العمل السياسي.
وفي هذا الصدد، يؤكد أشرف ولاد عبد الله عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، أنه “لم يعد مقبولا أن يكون في صفوف الحزب من يسيئ لقيمه وثوابته، فبالأحرى أن يكون ضمن موقع القيادة إلى جانب الأمين العام كل من هو محل شبهة أخلاقية أو موضوع ملاحقة قضائية”.
وشدد المحامي الاستقلالي بهيئة الحسيمة، على أنه من المفروض أن تكون القيادة الجديدة لحزب الاستقلال قدوة في الانضباط الحزبي والتنظيمي وإسوة حسنة في التحلي بدماثة الأخلاق وفضائل الإيثار ونكران الذات، معتبرا أن “ما صدر عن نور الدين مضيان من سلوك مشين اشمأز له كل ذي ضمير حي وذوق سليم فيما بات يعرف بفضيحة التسجيل الصوتي لم يسئ فقط لرفيعة المنصوري وعائلتها الصغيرة والكبيرة، بل أساء أيضا للمرأة المغربية عموما والمرأة الاستقلالية تحديدا”
وسجل عضو “برلمان الميزان”، في مقال خص به “العمق المغربي”، أن تضمين لائحة اللجنة التنفيذية المرتقب المصادقة عليها، اسم نور الدين مضيان كما تم تداوله إعلاميا، يشكل حقيقةً معاكسة صريحة لرسائل الملك محمد السادس الداعية لتخليق الحياة السياسة، بل انتحارا سياسيا لحزب الاستقلال وإعلانا عن إعدام مسار حزب طالما شكل قدوة للعمل الحزبي والسياسي بالمغرب.