بالعاصمة الرباط، قدمت ندوة صحافية تفاصيل الوقفات والمسيرات والمبادرات التي دعت إليها “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، منذ سنة، أي منذ 7 أكتوبر 2023، تاريخ بدء معركة “طوفان الأقصى” من غزة، والقصف الإسرائيلي المستمر عليها وعلى لبنان، والذي مس مناطق أخرى بفلسطين المحتلة وسوريا واليمن وإيران، وقاد إلى اغتيال قياديين بارزين في الشق السياسي لـ”حماس”؛ من بينهم إسماعيل هنية وصالح العروري، واغتيال كثير من قياديي “حزب الله” اللبناني؛ وعلى رأسهم فؤاد شكر وأمينه العام حسن نصر الله.
الندوة الصحافية، التي استقبلها مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قالت إن المشكل في المنطقة “ليس التطبيع فقط؛ بل التعاون، والخيانة مع الاستعمار الإحلالي الذي يمثله الكيان الصهيوني”. كما كشفت تنظيم أزيد من 600 نشاط ضد التطبيع بالمغرب من لدنها، منذ سنة. كما دعت إلى النضال من أجل إسقاط تطبيع المغرب الرسمي مع إسرائيل؛ “لأنه خطر علينا كمغاربة، لا على فلسطين فقط، فمشروع الكيان الصهيوني لا يهتم إلا بقاطني الكيان، ويستغل جميع الدول والناس، لتحقيق مصلحته أيا كان الثمن، البيئي أو الصحي أو المجتمعي أو غير ذلك”.
احتفت الندوة الصحافية، المنظمة اليوم فاتح أكتوبر، بقرب حلول يوم “السابع من أكتوبر المجيد” أي “مرور عام على ملحمة طوفان الأقصى، التي سطر فصولها الشعب الفلسطيني الصامد ومختلف مناضلي محور المقاومة”، وفق تعبير “الجبهة”، التي دعت إلى مسيرة وطنية يوم الأحد 6 أكتوبر الجاري بالرباط، تكون بداية “فعاليات تعم مدن المغرب وقُراه، في إطار اليوم الوطني الاحتجاجي التضامني السابع عشر”.
وذكرت الندوة الصحافية أن تخليد هذه الذكرى يأتي “في ظل التطورات الكبرى التي يعيشها العالم وتعيشها القضية الفلسطينية، بعد اتساع دائرة العدوان التي شملت الشعبين اللبناني واليمني وارتفاع وتيرة اغتيالات الرموز السياسية والعسكرية؛ لعل أبرزها الاغتيال الغادر للقائد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، والاغتيال الجبان للسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وقياديين آخرين في المقاومة اللبناني وفصائل المقاومة الفلسطينية، التي حاول معها العدو الصهيوني والقوى الداعمة له والحليفة معه، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ضرب القدرات التنظيمية والعسكرية ومعنويات حركات المقاومة ورمزيتها في العالم، ومحاولة التغطية على نتائج ملحمة طوفان الأقصى”.
من هذه التداعيات، وفق ما ذُكر في الندوة الصحافية، “تهاوي السردية الصهيونية التي روجت لها لوبيات الإعلام الصهيوني في الغرب وأمريكا عقودا من الزمن”، علما أن “التجارب السابقة للمقاومة، التي خرجت منها أقوى رغم خسارة قادتها، تبدد وهم الاحتلال في القضاء على المقاومة بسياسة الاغتيالات الجبانة”.
وشدد متدخلو الندوة الصحافية على أن “العالم لم يكن يوما بمثل هذا الوعي وهذا التعاطف مع الشعب الفلسطيني، حيث لم تكن الجرائم النازية الفاشية للكيان الصهيوني يوما بمثل هذا الوضوح والانكشاف؛ فجرائم الحرب والعدوان والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية صارت شهادات خزي وعار على الكيان الصهيوني وداعميه السياسيين والعسكريين، توثقها المنظمات الدولية الأممية والمستقلة وتشهد على ذلك الانتصارات الكبرى التي حققها الشعب الفلسطيني على مستوى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة، نتيجة جرائم الإبادة الجماعية” التي قامت بها إسرائيل، والتي وصلت، حسب آخر نتائج وزارة الصحة بغزة يوم 30 شتنبر 2024، إلى أزيد من 41 ألف شهيد منذ 7 أكتوبر 2023، 70 في المائة منهم أطفال ونساء.
وطالبت الندوة الصحافية بإسقاط “خطيئة التطبيع” التي تستمر رسميا “رغم سقوط كل مبررات التطبيع التي تذرع بها مهندسو اتفاقيات الخزي والعار، وموقعوها، ومروجوها، والتي تأكد للقاصي والداني أنها تشكل تهديدا لمصالح المغرب وأمنه ومقدراته ونسيجه الاجتماعي”.
قال عبد الإله بنعبد السلام، القيادي في الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، إنها “مستمرة في أنشطتها، وخلال سنة من الصمود والنضال، منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى، راكمت عددا من الأنشطة؛ منها مسيرات ومهرجانات وندوات ووقفات على امتداد خارطة الوطن عبر 26 فرعا في سائر جهات المغرب، لتعبئة الشعب المغربي في موقفه الأصيل من القضية الفلسطينية، وضد عملية التطبيع المشؤومة التي شهدتها البلاد”.
وأضاف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا يتوج بمسيرة وطنية كبرى يوم الأحد 6 أكتوبر، التي ستليها يوم 7 أكتوبر الجاري “تظاهرات على امتداد خارطة الوطن، للهيئات المنضوية تحت لواء الجبهة، لتخليد ذكرى الملحمة”.
يذكر في هذا الإطار أن من بين الهيئات السياسية والمدنية التي تضمها “الجبهة” فيدرالية اليسار الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد والدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي العمالي والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والجامعة الوطنية للتعليم -التوجه الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة والحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل والجمعية المغربية للنساء التقدميات.
السعدية ولوس، قيادية في جبهة دعم فلسطين ومناهضة التطبيع، قالت بدورها إن “التطبيع خطر على المغرب، لا فلسطين فقط، والصهاينة منذ كم من سنة حتى قبل التطبيع كانوا يعدون لهذه المرحلة، كما سبق أن قاموا بذلك مع الأردن ومصر، بزراعة ما يستفيدون منه”.
وأضافت في تصريحها لهسبريس: “كنت أقول هذا منذ فترة نضالي حتى تبقى “تمور المجهول” مغربية قبل عشر سنوات، ونستمر في فضح الصهاينة في كل المجالات مثل التربية التي يدعون فيها تعليمنا إلى التسامح، وهم يريدون أراضي ومياه الدول، ولا يهتمون بأي دولة إلا أن يعيشوا هم مهما كان الثمن، ولا أدري هل نحن مستعمَرون ولم نعِ ذلك بعد (…) لا نتساءل ما أسباب الشح المائي الذي نعيشه، وارتفاع أثمنة خضروات وفواكه كانت معتادة في الموائد المغربية، بسبب زراعات يحتاجونها لتصديرها إلى أوروبا مثل فاكهة “الأفوكا” المستهلكة للمياه الجوفية بشكل مهول ولا شأن لهم، طبعا، بنتيجة ذلك على المغرب، وما كان يجري بشكل متوار، ظهر بشكل واضح بعد التطبيع”.
أبو الشتاء مساعف، القيادي في جبهة دعم فلسطين، ذكر من جانبه أنه “بعد سنة من ملحمة طوفان الأقصى، نؤكد على رسائلنا وأهدافنا التي أنشأنا من أجلها الجبهة، التي كانت رائجة ومتميزة في تفاعلها ودعمها للمعركة، من حيث تنظيم فعاليات وصلت 600 فعالية؛ من بينها 180 مسيرة محلية، و8 مسيرات وطنية بالبيضاء والرباط وطنجة. وقد أبدعت في تنظيم يوم وطني احتجاجي تضامني، متوزع على مستوى الجغرافيا، ومحدد في الزمن”.
ثم أردف قائلا: “نؤكد دعمنا للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وواهمٌ هذا الكيان المجرم الغاصب إن ظن أنه باستهدافه للقيادات وباستهدافه للبنية سينتصر، وإلى حد الساعة لم يحقق ولو انتصارا واحدا مما ذكره في بداية المعركة، (من تهجير تام، وسيطرة على القطاع، واستعادة للأسرى، وقضاء على “حماس”)؛ بل ما حققه هو التشريد والإبادة الجماعية التي يشهد عليها للأسف المنتظم الدولي الذي ظل صامتا ويكيل بمكيالين في العقوبات عندما يتعلق الأمر بجرائم الكيان الإسرائيلي”.
وواصل: “الشعب يسقط التطبيع، والجبهة جاءت رد فعل على التطبيع المشؤوم الذي وقع رسميا، ونحن مستمرون في دعم المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني ضد الجرائم الصهيونية والمطالبة بإسقاط التطبيع، ودماء الشهداء لن تذهب سدى، والتاريخ سيظهر مزيدا من الحقائق، وقد أحيت المعركة ضمائر الأمة وضمائر الأحرار، وأسقطت مجموعة من الأقنعة التي تغنت بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل. أما الصمت المطبق للأنظمة العربية الإسلامية لا داعي لذكره، فقد خذلت القضية الفلسطينية”.