آخر الأخبار

مثقفون مغاربة ينشغلون بسؤال الترجمة.. الحجمري: فن يبعث الحياة في الحروف

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

“لماذا نترجم؟” سؤال شغل بال المتدخلين خلال لقاء ثقافي، نظم مساء الجمعة بالمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، تراوحت الإجابة عنه بين فوائد الترجمة وعلاقتها بالفلسفة وهاجس سعي المترجم إلى تجاوز وضعية نقل النص الأصلي إلى التفكير فيه.

اللقاء الذي يأتي بمناسبة اليوم العالمي للترجمة، والذي نظّمته أكاديمية المملكة المغربية وهيئتها العليا للترجمة، وضع فيه الأكاديمي عبد الفتاح الحجمري ثلاث مداخل هي:

“الترجمة لأنها تحقق مفهوما للكينونة والتواجد عبر العالم، وتتيح للكائنات أن تتواجد، وأن تشكل لفهم بينها/ الترجمة فعل تحرر من اللغة الأصلية/ غربة المترجم في النص الأصلي”.

الحجمري أبرز خلال مداخلته “تحديات الترجمة مع ظهور تقنيات جديدة وهي تحاول النيل من وظيفة المترجم”، لافتا إلى أن “العامل البشري لا يمكن تعويضه في مجال الترجمة”.

وأضاف أن “الترجمة فن يجب حمايته، وهي ليست نقلا حرفيا للنصوص، بل فنا يبثّ الحياة في الحروف من جديد”.

اللقاء عرف حضور المفكر والمترجم والأستاذ الجامعي عبد السلام بنعبد العالي، الذي قدّم مداخلة عنوانها “وماذا لو كانت اللغة هي التي تترجم ؟”، أوضح فيها، وهو يستدل بمقولات كتب حول هذا المفهوم، أن هناك “علاقة واضحة توجد بين الترجمة والفلسفة”.

ويرى بنعبد العالي، وهو يحاول وضع إطار مفاهيمي، أن “ترجمة النصوص الفلسفية لا تقتصر عند نقل ما يوجد في الكتاب فقط، بل تتعدى ذلك إلى ممارسة الفلسفة”، موردا أن “سؤال اللقاء دفعه لينزع عنه الطابع الشخصي ويوجّهه إلى اللغة”.

وتابع قائلا: “بعض الفلاسفة المعاصرين وجدوا أن الفلسفة ليست ممارسة خادمة، بل وسيلة للإبداع، وهناك فئة وجدت أن نصف عملية التفلسف يكمن في فعل الترجمة نفسه”، لافتا إلى أن “الترجمة هي حوار بين بين نصوص ولغات”.

وواصل بنعبد العالي تنقيبه عن ضرورة الترجمة ليصل إلى “دورها في كشف نقص النص الأصلي (ليس بمعنى الكشف عن فضائحه)، بل عن الدلالات الحقيقية”، مبينا أن “الترجمة تلقي الضوء على النص الأصلي، وهي تنقل وتفكر، وفعالة للنص الفلسفي، وكاشفة لخباياه، وتساهم في توليده، وأحيانا لا ترضى عن عملها الأصلي”.

“الفلاسفة يعون أن ترجمة النصوص من صميم الممارسة الفلسفية، وهناك أسماء عديدة من هايدغر إلى حنفي، كل منهم لم يفتأ أن يعدل ترجمة النصوص التي كان يستثمرها، وهؤلاء لا يكتفون هنا، بل يعتبرون الترجمة مرحلة للتفكير وإعادة الترجمة”، يتابع المتحدث.

والترجمة ليست تفكيرا في النصوص، بل تفكيرا بها، يقول المفكر ذاته، معتبرا أن “التفلسف والترجمة وجهان لعملية واحدة، والترجمة تتلبس اللغة والممارسة الفلسفتين، وهي تتجدد وتصاحب التفكير دائما”.

ومن مفهوم الفلسفة إلى الترجمة كمرآة وجسر، هي المداخلة الثانية التي قدّمها المترجم والأستاذ بالتعليم العالي عبد المجيد جحفة، الذي أكد أن “الإجابة عن سؤال لماذا نترجم يدفعنا بالضرورة إلى تخيل عدم وجود الترجمة بالأساس”.

واعتبر جحفة أن “الترجمة مهمة للغاية، خاصة لدى الطالب الباحث، وفي المغرب كان لزاما على الطلبة أن يدرسوا لغتين، وعند تقدّمهم في مسارهم كان لزاما عليهم أن يكتسبوا اللغة الثانية من أجل المعرفة”.

وتحدّث جحفة عن ضرورة تغييب (سوء الفهم) عند المترجم وهو يترجم نصا آخر لأن الترجمة، وفق تعبيره، تكمن في “نقل حقيقة النص الأصل، كما تتطلب اكتساب اللغة المصدر حتى لا يكون المترجم في حضرتها”.

ورفض جحفة اعتبار الترجمة خارج البحث العلمي، مؤكدا أنه “يصعب تخيّلها خارج هذا الوضع، أو أنها حرفة منفصلة، لأن حدوث هذا الأمر يثير الكثير من الإشكالات”.

وأبرز المتحدث ذاته أهمية الترجمة بشكل عام باعتبار العالم دونها “متصلّب، وتنتصب فيه الحدود بين المجتمعات، وتكون الأفكار فيه تمرح دون احتكاك”، مشيرا إلى أن “الترجمة كجسر ومرآة تنضاف إليها هواجس الأزمنة، وبين كل هذا يقع المترجم الذي يتوسّط نص المؤلّف الأجنبي الأصلي والقارئ المحلي في وضعية غير مريحة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا