آخر الأخبار

خبراء يرسمون سيناريوهات أسعار النفط في خضم التوتر بالشرق الأوسط

شارك الخبر

مع تسارع وتيرة الضربات الإسرائيلية على بيروت وضاحيتها الجنوبية، فضلا عن كثافتها في معظم التراب اللبناني، منذ بداية الأسبوع الجاري، قفزت أسعار النفط العالمية بنسبة 2,5 في المائة في تداولات أمس الثلاثاء، “رغم مخاوف بشأن تراجع الطلب”.

وانتقلت الأنظار إلى “الجبهة الشمالية” وسط ترقب كبير سائد بين محللي الشؤون السياسية والعسكرية وخبراء المال والاقتصاد لتزايد حدة المخاطر في المنطقة المشتعلة قبل عام بسبب حرب إسرائيل على قطاع غزة، وهو ما يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي، خصوصا أسعار الطاقة ومنتجاتها.

انعكس التوتر الجيو-سياسي المتصاعد، في ظل سيناريوهات تتحدث عن “حرب شاملة”، على تداولات أسعار النفط والذهب، الثلاثاء، غير أن “عوامل أخرى” كانت فاعلة في هذا الأداء، أبرزُها “حزمة تدابير التحفيز الصينية وتزايد التوقعات بقوة وتيرة خفض الفائدة الأمريكية”.

ويشكل “التصعيد الأحدث” في التطورات المتسارعة تهديدا قد يتسبب في اضطرابات إمدادات النفط، فيما يقلص خبراء ومتابعون من “هذا الاحتمال الذي تتوقعه الأسواق بنسبة 5 في المائة، فقط”.

“تأثير محدود؟”

منذ السابع من أكتوبر 2023، تتحرك منطقة الشرق الأوسط على “صفيح ساخن” زادته اشتعالاً مناوشات عسكرية لم تهدأ طيلة عام كامل بين إسرائيل وما عُرف عسكرياً بـ”جبهات إسناد المقاومة الفلسطينية”، سواء “حزب الله” في لبنان والعراق أو “حوثيّو اليمن”.

في هذا الإطار، أكد مصطفى لبراق، خبير مغربي في اقتصاديات وأسواق الطاقة، سيناريو “التأثير المحدود للتطورات الجيو-سياسية على أسعار النفط، إلا في حالا نشوب حرب شاملة طويلة الأمد”، مفسرا فكرته بأنه التوتر الجيو-سياسي في الشرق الأوسط، “كان له أثر محدود على بقية دول واقتصادات العالم، في ظل رفع المحللين توقعاتهم للنمو العالمي، وسط استمرار التضخم في التباطؤ والانحسار”.

وقال لبراق، في تصريح لهسبريس، إن “رد الفعل المحدود على الصراع لم يظهر أثره الكبير على تدفقات النفط، إذ لم تُعطّل الحرب مرافق الإنتاج أو النقل، ما عدا ارتفاع بعض تكاليف النقل البحري والشحن بحكم طول المسافة بعد هجمات الحوثيين على ناقلات النفط الغربية”.

وقدّر الخبير الاقتصادي المغربي المتخصص في الشأن الطاقي أن تكون للتأثيرات “رقعة محدودة”، باسطا أسبابا أبرزها أن “الطلب على النفط كان أضعف من المتوقع خلال 2024” نظرا لضعف النمو الاقتصادي في أمريكا والصين كأقوى اقتصاديْن عالميين.

في المقابل، لفت المحلل الاقتصادي ذاته إلى أن المعروض من النفط ومشتقاته يظل وفيراً في السوق العالمية مع استمرار الإنتاج الروسي في الارتفاع، وكذا لجوء أمريكا للاعتماد على مخزوناتها الاستراتيجية (12 مليون برميل كمعدل إنتاج في اليوم)، مع استحضار “خلافات بعض دول “أوبك+” حول الخفض الطبيعي للإنتاج وتمديده.

عن السياقات التي قد تدفع في اتجاه “استقرار أكثر للأسعار الطاقية أو ارتفاعها المحدود”، ذكر الخبير الطاقي أن “شهريْ أكتوبر ونونبر يعرفان عادة الصيانة الاعتيادية لمصافي التكرير بالنسبة للنفط مدعومة بطلب أقل في الخريف على النفط الخام الذي قد يعرف ارتفاعا محدودا في سعره”.

وأبرز البراق، في حديثه لهسبريس، أن “النصف الثاني لـ2024 أخفُّ من حيث تكاليف إنتاج النفط، فضلا عن توجه متنام بين الدول المتقدمة والغرب عموما إلى الانتقال الطاقي المستدام نحو بدائل نظيفة (خصوصا سوق السيارات الكهربائية)… وكلها عوامل داعمة أيضا لسيناريو استقرار الأسعار إلّا في حال اتساع الصراع حيث يمكن تحيين التوقعات”.

خلخلة الإمداد

استند عبد الصمد ملاوي، خبير طاقي دولي، إلى “مستجدات الوضع الحالي والتطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة التصعيد الأخير بين لبنان وإسرائيل”، ليبرز أنه “قد تكون هناك تأثيرات محتملة على أسواق النفط العالمية”.

واعتبر محلل أسواق الطاقة أنه “من المتوقع أن تشهد أسعار النفط تقلبات وارتفاعات في المدى القصير نتيجة التوترات الجيو-سياسية والقلق من استمرار الحرب، وأن تستمر إمكانية عدم استقرار الإمدادات بشكل طبيعي مع زيادة تكاليف التأمين والشحن، خصوصا بالنسبة لدول الجوار أو ممرات دول الجوار”.

وشرح ملاوي، في إفادات تحليلية لـهسبريس، أنه “في حالة اندلاع حرب شاملة، قد تتعرض البنية التحتية لنقل النفط والغاز عبر حوض المتوسط للخطر، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية بما يفضي إلى خلخلة سلاسل الإمداد”.

ارتفاع في المغرب

“قد تواجه السوق المغربية بعض التذبذب مع ارتفاع طفيف في تكاليف الاستيراد من المحروقات، خصوصًا باستحضار أن جزءا من إمدادات المغرب من السوق الدولية يأتي من دول الشرق الأوسط، وبالتالي الناقلات تمر بمحاذاة منطقة التوترات، وهذا قد يؤدي إلى زيادة طفيفة في أسعار الوقود بصفه عامة محليا وضغوط تضخمية”.

وقال: “هذا في الحقيقة قد يدفع المغرب إلى اتباع إستراتيجية إيجاد مصادر أخرى لاستبدال النفط ومنتجات الطاقة الواردة من منطقة الشرق الأوسط”، مذكرا بـ “استثمار المغرب في الاستراتيجية الطاقية عبر تنويع المصادر للحد من هكذا تأثيرات أو تقلبات في بعض سلاسل التوريد”.

وعلى المدى القريب، وعلى اعتبار أن الحرب محدودة في بقعة معينة بين إسرائيل ولبنان، يضيف ملاوي، فالمتوقع “ألا يكون تأثيرها كبيرا جدا على ارتفاع سعر المحروقات بالمغرب، إلا أنه في حال استمرار الحرب وتوسيع الرقعة واحتمالية دخول بعض الأطراف الأخرى كإيران أو بعض الدول الأخرى كسوريا، فإن هذا يعرّض السوق الدولية إلى التخلخُل، وبالتالي قد ترتفع الأسعار رغم تنويع المغرب لمصادر استيراده بحكم أن السوق الدولية كلها ستعرف اختلال ميزان العرض والطلب، مع بعض التدخلات من الدول المُصدرة للنفط التي قد تلعب دورا في هذه الحرب للحد منها أو كذلك للتدخل فيها عن طريق سلاح النفط”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا