في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
غزة- على أعتاب العام الجديد، لا يزال قطاع غزة يعاني من تبعات حرب دامية طالت كل مناحي الحياة، وتركت أكثر من مليوني فلسطيني عالقين في الخيام على أمل أن يشهد 2026 حلولا لملفات سياسية واجتماعية وإنسانية ملحة.
في التقرير التالي ترصد الجزيرة نت ما ينتظر الغزيين في السنة الجديدة، وتقرأ ما سيؤول إليه المستقبل في ظل محاولات إسرائيلية لعرقلة جهود الوسطاء والحيلولة دون تغيير الواقع والوصول إلى مرحلة التعافي من الآثار الكارثية التي خلفتها حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال على القطاع.
تكشف الإحصاءات والمعلومات التي حصلت عليها الجزيرة نت من الجهات الحكومية والوزارات المختصة والهيئات المحلية، أن الملفات الإنسانية ستبقى ضاغطة على سكان غزة إذا لم يتم التدخل لحلها، وتشمل:
يصف المحلل السياسي الفلسطيني ياسر أبو هين عام 2026 في غزة بأنه عام ما بعد النار، يقف فيه القطاع على مفترق تاريخي نادر بعدما وضعت الحرب الواسعة أوزارها نسبيا، لكن المرحلة الثانية من ترتيبات وقف إطلاق النار التي يفترض أن تمثل "اليوم التالي" لا تسير في طريق مستقيم بقدر ما هي مسار متعرج تحكمه صراعات الأجندات الإقليمية والدولية، وتُلقى أثقاله في النهاية على كاهل الشعب الفلسطيني في القطاع.
ويرجح في حديث للجزيرة نت أن تبقى السنة الجديد "إدارة بلا سيادة وصراعا بلا حسم"، وتتمثل ملامحها في مرحلة انتقالية طويلة لن تدخل فيها غزة عام 2026 ككيان سياسي مستقر، بل "كمنطقة مُدارة من مجلس سلام دولي تقوده واشنطن مع دور مركزي عربي ووساطات متعددة، وحكومة تكنوقراط فلسطينية بصلاحيات محدودة، وغياب واضح لأي أفق زمني لإقامة دولة فلسطينية".
وأوضح أبو هين "هذا يعني أن الفلسطينيين في غزة سيعيشون عاما سياسيا معلق السيادة، لا حربا شاملة، ولا استقلالا فعليا، بل إدارة انتقالية قابلة للتمديد، مع محاولة السلطة الفلسطينية العودة إلى القطاع عبر بوابة الإصلاح والإدارة، لكنها تواجه رفضا إسرائيليا وفتورا شعبيا واسعا في غزة، مما يجعلها حاضرة إداريا وغائبة سياسيا".
أما على صعيد المقاومة، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن 2026 سيكون عاما لاختبار بقائها سياسيا دون اشتباك عسكري واسع، ولن تقصى حركة المقاومة الإسلامية ( حماس) وبقية الفصائل من المشهد، لكنها ستدخل مرحلة من تجميد أو ضبط للسلاح بدل نزع كامل، وإعادة تعريف لدورها السياسي، وستتعرض لضغوط مستمرة لعدم التأثير في "الإدارة الجديدة".
ويرى، في حديث للجزيرة نت، أن حياة سكان غزة ستبقى صعبة تحت إعادة إعمار بطيء ومسيس ومشروط، بحيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن إعادة الإعمار تحتاج أكثر من 70 مليار دولار، لكن الأموال غير مضمونة، والإعمار مشروط بالاستقرار الأمني، و الخط الأصفر ما زال يقيد العودة إلى مناطق واسعة شرق القطاع.
وباعتقاد القرا، فإن النتيجة المتوقعة في العام الجديد إعادة إعمار جزئية، مع استمرار السكن المؤقت في مخيمات النزوح، وبقاء فجوة كبيرة بين الوعود والواقع.
وقال إن إسرائيل ستبقى تراهن على خيار التهجير عبر الدفع بمؤسسات ودول لاستقبال الغزيين، لكن قرارات مثل إلغاء إعفاء التأشيرة للفلسطينيين في جنوب أفريقيا بعد كشف محاولات "الهجرة المُدارة"، تعكس أن ملف إخراجهم لم يُغلق، وهناك مسارات ضغط ناعمة بدل التهجير القسري، لذلك سيعيشون في 2026 هاجس البقاء على الأرض كجزء من المعركة اليومية.
من جهة أخرى، كشفت دراسة خاصة أصدرها المركز الفلسطيني للدراسات السياسية -حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- أن الحرب خلفت 21 ألفا و193 أرملة، و56 ألفا و348 يتيما.
وتطرقت إلى أن التأهيل والصحة النفسية باتا حاجة ملحة في القطاع بعد إصابة 2.1 مليون بأمراض معدية خلال النزوح، مما يترك امتدادات خطيرة متوسطة وبعيدة المدى. كما أن عشرات آلاف الأطفال يعانون صدمات نفسية عميقة حتى الآن والعدد في تصاعد، ما يزيد من مؤشرات أن تواجه غزة في العام المقبل وباء صدمات نفسية بلا أي منظومة دعم كافية.
ولخصت الدراسة أبرز التحديات المجتمعية في تفكك النسيج العائلي وإبادة بيئات سكانية بسبب النزوح بعد التدمير الكامل لمدن ومخيمات وقرى ما خلف الخط الأصفر، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وصدمات نفسية جماعية خصوصا لدى الأطفال.
ورجحت أن تكون 2026 سنة للترميم الاجتماعي البطيء، لا للتعافي الكامل، لأن المجتمع الغزي بات أكثر تشككا وحساسية لأي صيغة مفروضة من الخارج، وأقل ثقة بالوسطاء الدوليين، ويميل للمساءلة لا للشعارات. وأكدت أن أي إدارة لا تُنتج تحسنا ملموسا في الحياة اليومية ستواجه رفضا شعبيا صامتا.
المصدر:
الجزيرة