آخر الأخبار

تحقيق استقصائي للجزيرة عن خفايا التهجير السري للغزيين

شارك

تنشر الجزيرة على منصاتها الرقمية، مساء اليوم الجمعة، تحقيقا استقصائيا بعنوان "التهجير الناعم.. ما الجهات المسؤولة عن التهجير الخفي للغزيين؟ وما ارتباطات أفرادها بإسرائيل؟"، يتتبع عمليات تهجير منظمة لسكان قطاع غزة شملت حتى الآن المئات منهم نحو 3 دول في أفريقيا وآسيا.

ويكشف التحقيق الاستقصائي، الذي استند إلى مصادر ومعلومات وتقارير إعلامية، شبكة مُعقّدة ومُنظمة تقف وراء عمليات نقل مئات الفلسطينيين من قطاع غزة إلى هذه الدول، تورطت فيها جمعية "المجد"، وما يُسمى بمكتب "الهجرة الطوعية" الإسرائيلي الذي أُنشئ حديثا بشكل رئيسي.

وتشير التقارير إلى أنه بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة لنقل سكان غزة إلى خارج القطاع، قررت الحكومة الإسرائيلية تخفيف القيود على الفلسطينيين الراغبين في المغادرة، ومن بين الإجراءات تخفيف المعايير الأمنية بشكل كبير، لتتم الموافقة على ما لا يقل عن 95% من طلبات الخروج، على غير العادة.

وتفيد البيانات التي تتبعتها الجزيرة أن تهجير الغزيين يتم حسب مسارين رئيسيين، إما عبر مطار رامون الإسرائيلي إلى دولة ثالثة، وإما عبر جسر اللنبي عبورا نحو الأردن قبل التوجه إلى الوجهة الجديدة. وتتحدث الأرقام حتى الآن عن مغادرة نحو 7 آلاف فلسطيني من قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم ، إما باتجاه الأردن وإما للسفر إلى الخارج عبر مطار رامون.

كما تتبّع فريق الجزيرة حركات الطائرات التي يُعتَقد أنها نقلت الغزيين المهجّرين في رحلات جوية مشبوهة من أجل توثيق مسارات التهجير من رامون إلى أفريقيا وآسيا، وحاول رصد الواجهات "الإنسانية" لتهجير الغزيين، والشركات الوهمية التي تُمثّل الغطاء الرسمي لتفريغ غزة من سكانها، وصولا إلى البُعد السياسي للمخطط.

مصدر الصورة التحقيق الاستقصائي يتتبع مسار رحلات التهجير السرية بجميع محطاتها (الجزيرة)

الواجهة

وتكشف التقارير أن ما تُسمى "جمعية المجد أوروبا " (Al Majd Europe) هي الواجهة الرئيسية لعمليات التهجير تحت غطاء العمل الإنساني، وتقدم نفسها ككيان إنساني غير ربحي، يهدف إلى "دعم المجتمعات المسلمة المتضررة من النزاعات".

إعلان

ورغم الخطاب الإنساني الذي تقدّمه المنظمة في واجهتها الإلكترونية، فإن البيانات التي تم تحليلها للموقع وحساباتها الرقمية تكشف عن ثغرات بنيوية كبيرة تُثير الريبة، فمن هوية رقمية مصممة بعناية، إلى غياب تسجيل قانوني أو عنوان فعلي، وصولا إلى أرقام "واتساب" لجمع البيانات الحساسة، يترسّخ الانطباع بأننا أمام واجهة رقمية مُضلِّلة أكثر من كونها مؤسسة خيرية حقيقية.

أما حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجمعية فتكشف عن عدم تناسق بين تأسيس الجمعية (2010) وإطلاق المنصات (2024 و2025)، فضلا عن حالة خمول تام وعدم وجود أي محتوى أو نشاط يُذكر، كما أن مديريها ومتابعيها تجمع بينهم النقمة على الأوضاع في غزة وانتقاد حركة حماس ، إضافة إلى أن بعض الحسابات وهمية.

وخلص التحقيق إلى أن المشرفين على حسابات الجمعية إما شخصيات وهمية، وإما شخصية من دون صورة شخصية ولا معلومات واضحة عنها بالفضاء الرقمي.

كما خلص إلى أن المؤسسة تعتمد على صور وقصص مُختلَقة أو مسروقة لتضليل الرأي العام، وإضفاء شرعية إنسانية زائفة على نشاطها، في حين أن الأدلة تثبت عكس ذلك تماما.

أما الواجهة الثانية التي كشفها التقرير الاستقصائي فتتمثل في ما يُسمى "مكتب الهجرة في إسرائيل"، الذي أُنشئ إثر إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وافق على إنشاء "مكتب للهجرة الطوعية لسكان غزة الراغبين في الانتقال إلى دول ثالثة".

وقد أحدث المكتب في الفترة نفسها التي أُنشئت فيها صفحة "جمعية المجد أوروبا" على فيسبوك ، وهذا التزامن يشير إلى أن "جمعية المجد أوروبا" ليست مجرد "منظمة إنسانية" عادية، بل هي جزء من شبكة منظمة تتعلّق بعمليات الهجرة واللجوء، التي تتم تحت مظلة رسمية أو شبه رسمية، مدعومة بمكاتب وخدمات الهجرة التي ترى في هذا الوقت فرصة لتنفيذ مخططات الاحتلال.

مصدر الصورة تومر ليند رجل أعمال يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والإستونية وهو الشخصية المحورية في عمليات التهجير السرية (الجزيرة)

شخصية محورية

ويذكر تحقيق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن شخصا إسرائيليا إستونيا يُدعى تومر ليند يقف خلف جمعية "المجد" الإنسانية، حيث ظهر اسمه في الوثائق والمراسلات المرتبطة بعمليات السفر، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والإستونية.

وأسس ليند شركة وهمية وشركات ثانوية مرتبطة بها، أغلبها بلا أي موظفين مسجلين، وتقدم خدمات غير واضحة وبحجم مبيعات لا يتماشى مع رأس مال الشركة المعلن، مما يثير شكوكا كبيرة حول حقيقة هذه الشركة.

ومثل جمعية المجد، لهذه الشركة وضع مشابه من حيث عدم التسجيل وغياب وجود دليل مثبت على أرض الواقع في الدول التي أعلنت أن لها فروعا بها، وهذا الأمر يثير تساؤلات وشكوكا حول مصداقية هذه المؤسسات وشفافية نشاطها.

واستنادا إلى نتائج التحقيق، ثبت أن مؤسس الشركة والوحيد ذا الوجود الحقيقي كجزء من أعضاء هذه الشركة هو المدير التنفيذي تومر ليند، الذي تم التحقق من حساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، أما بقية الأعضاء "كما يدعون" فتبيّن أنهم استخدموا أسماء مختلفة بمواقع أخرى أو مشكوك في وجودهم الحقيقي.

وهذا يشير إلى أن هيكل الشركة وأصولها مبنيان على معلومات مُضللة أو مُزيّفة، مما يعزز فرضية أن الشركة ذات طابع وهمي وغير حقيقية، وتُستخدَم لأغراض مشبوهة مثل "جمعية المجد أوروبا" تماما.

إعلان

ويخلص التحقيق الاستقصائي، الذي أجرته الجزيرة، إلى أننا أمام عملية "تهجير ناعم" ممنهجة، تُدار بواسطة شبكة معقدة يقودها رجل أعمال إسرائيلي (تومر ليند) عبر شركات وهمية، وتتمتع بغطاء سياسي وأمني من أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية (مكتب الهجرة، وزير الدفاع).

كما تستغل هذه الشبكة الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، وتستخدم الخداع الرقمي والواجهات "الخيرية" المزيفة لجمع بيانات الغزيين، وتسهيل نقلهم إلى دول في آسيا وأفريقيا، مما يخدم المخطط الإسرائيلي الإستراتيجي لتفريغ القطاع من سكانه.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا