آخر الأخبار

محللون يجيبون: كيف نجحت إسرائيل في اغتيال الطبطبائي بمنطقة محصّنة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

اتفق محللون على أن اغتيال القيادي البارز في حزب الله هيثم الطبطبائي داخل الضاحية الجنوبية لبيروت يشكّل تحولا نوعيا في المواجهة الجارية بين الحزب وإسرائيل ، مؤكدين أن العملية تحمل رسائل أمنية وسياسية تتجاوز الساحة اللبنانية وتمتد إلى الحسابات الإقليمية والدولية.

ويرى الخبراء أن اختيار المكان والتوقيت يعكس انتقالا إسرائيليا إلى مرحلة أكثر جرأة في الاستهداف المباشر داخل العمق اللبناني، في ظل توسع الغارات، خلال الأسابيع الأخيرة، على مناطق في البقاع والجنوب قبل وصولها إلى قلب الضاحية، إحدى أكثر المناطق تحصينا في لبنان.

وتأتي العملية وسط توتر متصاعد على الجبهة الشمالية وحراك دبلوماسي مكثف لمنع انزلاق لبنان إلى مواجهة شاملة، بينما يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه سيردّ على أي هجمات "بمنتهى القوة".

مصدر الصورة الغارة الإسرائيلية تستهدف القيادي البارز في حزب الله أبو علي الطبطبائي (مواقع التواصل الاجتماعي)

ضغط إستراتيجي

وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى للجزيرة نت، إن الاغتيال يشكّل "حلقة جديدة من سياسة التصعيد" التي تعتمدها إسرائيل، موضحا أن الهدف لم يكن الشخص ذاته، بل "فتح حدود جديدة في الاستهداف ونقل المواجهة إلى الضاحية مباشرة".

وأضاف أن اسرائيل تستخدم ادعاء التخطيط لهجمات كذريعة للتصعيد، لكنها تتحرك ضمن "ضغط سياسي وعسكري مستمر لنزع سلاح حزب الله "، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يستفيد سياسيا من هذه الضربات في الداخل الإسرائيلي.

ويرى مصطفى أن إسرائيل تعتبر عملياتها منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2024 جزءا من "تنفيذ" وقف إطلاق النار لا خرقه، وهو ما يمنحها -وفق قوله- هامشا واسعا لاستنزاف الحزب عسكريا والدولة اللبنانية سياسيا.

كما يؤكد أن العملية الأخيرة "تمّت بتنسيق واضح مع الإدارة الأميركية" ضمن إستراتيجية تهدف إلى منع أي تهديد محتمل على الحدود بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

اختراق أمني واسع

وفي قراءة لطبيعة الخرق الأمني الذي سمح بتنفيذ الاغتيال داخل منطقة توصف، أنها من الأكثر حساسية في لبنان، قال الخبير في الشؤون العسكرية علي أبي رعد، إن العملية تعكس "اختراقا أمنيا كبيرا" تقوده منظومات التفوق التقني الإسرائيلي عبر المسيّرات التي "تستبيح الأجواء اللبنانية على مدار الساعة"، إلى جانب طائرات استطلاع غربية.

إعلان

وأوضح أن العامل البشري حاضر أيضا، لكنه يرتبط بالطبيعة السكانية الكثيفة والمتنوعة للضاحية الجنوبية، وليس باختراق داخل حزب الله نفسه.

وأضاف في مقابلة للجزيرة نت، أن الشخصية المستهدفة كانت "تحت مراقبة لصيقة منذ سنوات"، بحكم دور الطبطبائي العسكري وخبرته التي جعلته هدفا دائما للملاحقة الإسرائيلية.

ويرى أبي رعد أن العملية ستترك "تداعيات سياسية وعسكرية واسعة" في المرحلة المقبلة، مرجحا أن يرد حزب الله "ردا محسوبا يحفظ هيبته دون الانجرار إلى مواجهة شاملة"، لافتا إلى أن إسرائيل تسعى لاستدراج الحزب إلى رد كبير يتيح لها شن قصف جوي موسّع دون الدخول في حرب برية.

توسع في الاستهداف

ومع تزايد مؤشرات الاختراق الأمني، تبرز تساؤلات عن ما إذا كانت إسرائيل تتجه نحو توسيع دائرة الاستهداف لتشمل العاصمة بيروت بشكل أعمق.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان، إن التفوق التقني الإسرائيلي يشكّل "المحرّك الأساسي" في عمليات الاغتيال، معتبرا أن العامل البشري لا يُلغى، لكنه يظل "ثانويا" أمام القدرات التقنية المتقدمة.

وأشار -في تصريحات للجزيرة نت- إلى أن إعلان جيش الاحتلال ملاحقة الطبطبائي منذ سنوات يؤكد وجود "محاولات اغتيال سابقة فاشلة"، ويرى أن العملية تعكس توجها إسرائيليا نحو توسيع الاعتداءات لتشمل العاصمة وضاحيتها الجنوبية.

وأضاف شومان أن حزب الله لا يزال يعتمد نهجا يقوم على "الوقوف خلف الدولة اللبنانية" منذ وقف إطلاق النار، تاركا لها الهامش الدبلوماسي الأكبر.

ويرى شومان أن الرهان اللبناني في ملف الردع لا يقوم فقط على قدرات المقاومة، بل أيضا على "حراك عربي ودولي قادر على لجم الاعتداءات الإسرائيلية ومنع انزلاق لبنان إلى مواجهة مفتوحة".

وخلص المحللون إلى أن العملية تمثل اختبارا حساسا للواقع الأمني في لبنان، بعدما أظهرت قدرة على تجاوز مستويات الحماية التقليدية والوصول إلى هدف شديد الأهمية داخل منطقة معقدة.

ورأى الخبراء أن التوسع في نمط الاستهداف يحمل مؤشرات على مرحلة أكثر ضغطا على الساحة اللبنانية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى موازنة الردع مع تجنب انفجار المواجهة. وبحسب تقديراتهم، فإن شكل رد حزب الله وتوقيته سيحددان ملامح المرحلة المقبلة ومدى استعداد الأطراف لاحتواء التصعيد أو الانجرار إلى مسار أوسع.

ويأتي هذا التقدير في وقت تتعامل فيه إسرائيل مع الاغتيال بوصفه جزءا من مسار تصعيدي أوسع، إذ أعلن نتنياهو أن بلاده "لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قوته أو تشكيل تهديد جديد"، في حين رفعت القيادة العسكرية الجاهزية تحسبا لأي رد.

وفي المقابل، حذّرت السلطات اللبنانية من أن استهداف الضاحية الجنوبية يمثّل خرقا خطرا قد يدفع المنطقة إلى توترات أكبر، في حين تؤكد واشنطن أنها تتابع التطورات بقلق وتتوقع جولات إضافية من الضغط المتبادل على الجبهة الشمالية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا