في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يلف الغموض مدينة الفاشر ، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان ، بعد قطع الاتصالات ومنع دخول المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، في وقت تتحدث فيه منظمات محلية عن فظائع يتعرض لها المحاصرون داخل المدينة.
وكشف مراسل الجزيرة طاهر المرضي عن معلومات واردة من بعض المنظمات وشبكة الأطباء تفيد بوجود أعداد كبيرة من المدنيين عالقين داخل المدينة وغير قادرين على الخروج منها، حيث انعدمت في المدينة مقومات الحياة بعد حصار استمر أكثر من 500 يوم، انتهى بسيطرة قوات الدعم السريع عليها أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأدى الحصار المطول إلى انعدام الغذاء والماء الصالح للشرب والعلاج، خاصة بعد تعرض المستشفيات لدمار كبير، وتشهد المدينة وضعا إنسانيا متدهورا على نحو غير مسبوق، في ظل تقارير عن انتهاكات جسيمة وعمليات قتل واغتصاب ونزوح جماعي.
وأكدت شبكة أطباء السودان أن قوات الدعم السريع لا تزال تحتجز آلاف المدنيين داخل المدينة وتمنعهم من المغادرة، كما صادرت القوات وسائل النقل التي كانت تُستخدم في إجلاء النازحين، وأعادت بعض الفارين إلى داخل المدينة، منهم مصابون بالرصاص وآخرون يعانون سوء التغذية.
ونجح أكثر من 15 ألف نازح، رغم الظروف القاسية، في الخروج من الفاشر إلى منطقتي قولو ومدينة طويلة، حيث يفر آلاف المدنيين سيرا على الأقدام نحو بلدة طويلة على بعد 60 كيلومترا، عبر ما سُمّي بـ"طريق الموت"، حيث يواجه الناجون العطش والجوع والانتهاكات المتكررة أثناء محاولتهم الهرب.
وأعلنت المنظمات الإنسانية حالة الطوارئ ، وتحاول تقديم المساعدات رغم قلتها، ويواجه النازحون أزمة إيواء خانقة، حيث أصبح المأوى نادرا ويعيشون في العراء، ولم تُفتح الممرات الإنسانية حتى الآن، ولم تفلح الضغوط الدولية في تحقيق نجاح كبير في ما يتعلق بحماية المدنيين.
ونزح جزء آخر من السكان نحو الشمال، تحديدا إلى مدينة الدبة، حيث قطعوا مسافة تقارب ألف كيلومتر في ظروف قاسية وعبر طرق غير آمنة، ووصلوا في حالات صحية صعبة للغاية.
وأشار مراسل الجزيرة أسامة سيد أحمد إلى أن آلاف النازحين وصلوا إلى مدينة الدبة في الولاية الشمالية، معظمهم من النساء والأطفال، بعد أن واجهوا ظروفا إنسانية قاسية تبدأ بالجوع والعطش ومشقة السير ولا تنتهي بانتهاكات تعرضوا لها على الطريق.
وبادر سكان القرى المحيطة بمخيمات النازحين في الدبة لتقديم وجبات غذائية في محاولة لتخفيف المعاناة، إلى جانب وسائل إيواء قدمها الهلال الأحمر السوداني ومفوضية العون الإنساني.
وأكد مسؤول إغاثي الحاجة الماسة لدعم أكبر "نحن في احتياج كبير للمطبخ المركزي وبعض التدخلات العاجلة من إخواننا. كما ندعو شركاء الحركة الدولية في جمعيات الهلال الأحمر و الصليب الأحمر للتدخل العاجل ودعم الاحتياج الموجود الكبير".
ويصل عشرات الأسر يوميا إلى مدينة الدبة، نجوا من الموت لتنتظرهم قسوة النزوح والتشرد، وتتوقع السلطات المحلية موجة نزوح غير مسبوقة خلال الأيام القليلة القادمة، مما يضع المدينة أمام تحديات كبيرة وواقع إنساني أكثر تعقيدا، وحاولت المنظمات الإنسانية تقديم بعض المساعدات في شمال السودان، لكنها تبقى ضئيلة مقارنة بحجم الكارثة.
وبسقوط الفاشر بات الدعم السريع يسيطر على كل مراكز ولايات دارفور الخمس غربا من أصل 18 ولاية بعموم البلاد، وفي المقابل، يسيطر الجيش على أغلب مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، بما فيها العاصمة الخرطوم .
ولفت المرضي إلى استمرار التوترات حتى في شمال كردفان، حيث يجري تحشيد في مناطق عسكرية أخرى، وأن لأوضاع في تصاعد وليست في انخفاض، رغم الانخفاض الواضح في العمليات العسكرية والمواجهات المباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ويبقى سلاح المسيرات فاعلا، حيث استهدف الجيش السوداني قبل يومين مواقع لقوات الدعم السريع في جنوب وغرب كردفان، ويقدم الجيش الآن تعزيزات إضافية لقواته في كردفان لمحاولة استعادة مدينة بارا ووقف زحف قوات الدعم السريع شمالا.
المصدر:
الجزيرة