آخر الأخبار

قراءة في موقف إيران من اتفاق وقف النار بغزة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

طهران- بعد عامين من النشاط الدبلوماسي الداعم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ، والمصاحب لعمليات عسكرية تحت عنواني "الوعد الصادق 1 و2″، دعما لحركات المقاومة المشاركة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، يضع اتفاق شرم الشيخ طهران أمام تحديات معقدة، وسط مخاوف من تجدد العدوان الإسرائيلي عقب استعادة الأسرى وتصاعد احتمالات عودة شبح الحرب إلى سماء الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ورسميا، تدعم طهران أي مبادرة إنسانية "توقف أعمال التطهير العرقي والجرائم الحربية والجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة"، وتشدد على أن أي قرار بشأن وقف إطلاق النار لابد أن "يتضمن وقف الإبادة وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع".

وفي بيان لها حول مفاوضات شرم الشيخ، تحدد الخارجية الإيرانية موقفا واضحا يقوم على "دعم القرار الفلسطيني المستقل" بما يتناسق مع الموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية التي ترفض أي وصاية خارجية على القضية الفلسطينية.

ويميز البيان الإيراني بشكل لافت بين وقف الأعمال العدائية على الأرض وبين مسألة المحاسبة الدولية لمجرمي الحرب، حيث يؤكد أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار "لا ينفي" مسؤولية المجتمع الدولي عن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين قضائيا، في إشارة إلى سعي طهران للحفاظ على ورقة الضغط القانونية ضد إسرائيل .

وفي خطوة تهدف إلى تقديم طهران كفاعل إقليمي مسؤول وشرعي في ملف غزة، تختتم الخارجية الإيرانية بيانها بتأكيد الجاهزية للمساهمة في الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار بالقطاع، بما يتناسب مع مساعيها لكسر الحصار عن غزة، محذرة من "الجوانب الخطيرة" لخطة ترامب وتكرار ما وصفته بـ"خيانة الكيان الصهيوني ونقضه العهود".

هزيمة إسرائيلية

ورغم السردية التشكيكية في بيان الخارجية الإيرانية الذي يخيم عليه عدم الثقة بنوايا "الكيان الصهيوني" وما يحمله من رسائل مبطنة ترمي إلى تحميل تل أبيب المسؤولية الكاملة عن أي إخفاق مستقبلي قد يطول الاتفاق، يرى مراقبون بطهران أن التصعيد الميداني المتزايد في الأيام الأخيرة قد شكل عامل ضغط حاسما أفضى إلى الإعلان عن وقف إطلاق النار بالقطاع المحاصر.

إعلان

من ناحيته، يقرأ الباحث السياسي مهدي عزيزي، البيانات التي أعقبت المفاوضات في منتجع شرم الشيخ المصري في سياق دعم رصيد طرفي المفاوضات إلى جانب "المساعي الأميركية الرامية إلی استغلال معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة لتقديم الرئيس دونالد ترامب کرجل سلام".

واعتبر وقف إطلاق النار –في حال دخوله حيز التنفيذ- مكسبا حقيقيا ل حركة حماس التي أفشلت المخططات الإسرائيلية في غزة.

وفي حديث للجزيرة نت، يوضح عزيزي أن الأداء العسكري للمقاومة الفلسطينية في غزة أجبر العدو الإسرائيلي على إعادة حساباته، بعد أن تعرض لعزلة سياسية حقيقية، مؤكدا أن نتنياهو -المطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في قطاع غزة والذي أراد القضاء على حركة حماس- أرغم بالفعل على اتفاق معها سيجبره على الانسحاب من غزة بعد أن تبجح بضم القطاع، -على حد قوله-، ناهيك عن أنه يواجه اعترافا عالميا بالدولة الفلسطينية التي لم تعترف بها تل أبيب بعد.

مصدر الصورة متظاهر يحمل العلم الإيراني احتجاجا على الأوضاع في غزة في برلين بألمانيا (رويترز)

عوامل ضاغطة

يأتي هذا المشهد المعقد في أعقاب صمود استثنائي أظهره سكان غزة الذين تمكنوا بفضل مقاومتهم من إفشال "محاولات الإبادة الجماعية"، وإن كان ذلك بتكلفة بشرية ومادية هائلة، -بحسب المتحدث نفسه-، الذي يرى بأن الأمل سيظل معلقا على جدية الأطراف الدولية والإقليمية في الوفاء بتعهداتها لوضع حد لمعاناة القطاع المحاصر في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.

وبرأي عزيزي، فإنه لا يمكن تجاهل دور وأهمية الضغوط الميدانية لكتائب المقاومة في قطاع غزة -إلى جانب العمليات العسكرية اليمنية التي دخلت مرحلة جديدة في الأيام الأخيرة- في مسار المفاوضات ب مصر ، مستدركا أن تشديد العزلة السياسية للاحتلال والتغير النسبي في الإدراك الإقليمي والدولي بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ، شكل عامل ضغط إضافي على النظام الإسرائيلي.

وعلى الرغم من الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، فإن التفاصيل التنفيذية والاتفاقات حول القضايا المصيرية لا تزال غير مكتملة في حين تلوح في الأفق إمكانية تحول الصراع نحو جبهات جديدة، مما يضع المنطقة أمام احتمالات متجددة للمواجهة حتى بعد تهدئة الوضع في القطاع.

وخلص عزيزي إلى أنه وبعد الإعلان عن التوصل إلى وقف إطلاق النار بغزة صدرت عدة بيانات رسمية تحمل رؤية وأمنيات أبرز الأطراف الفاعلة في مفاوضات شرم الشيخ.

ولفت إلى أن ترامب يقدم نفسه كـ"رجل سلام"، في حين يضع نتنياهو تحرير الأسرى على رأس مكاسبه من جراء الاتفاق، وتعتبر حركة حماس إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية ودخول المساعدات الإنسانية للقطاع إنجازات ستحققها للشعب الفلسطيني.



شبح الحرب

في غضون ذلك، يعتقد مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري، أن المشهد المستقبلي في غزة سيكون مرهونا بكيفية إدارة ملفات هامة جدا منها "نزع السلاح وحكم غزة والانسحاب الإسرائيلي من غزة" والتي تقع علی رأس هرم النقاط الخلافية، على ضوء فقدان حماس لورقة ضغط مهمة مع الإفراج عن الأسرى، وكذلك احتمال تحول بؤرة الاهتمام الإسرائيلية الأميركية نحو إيران كهدف تال بعد غزة.

إعلان

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى زواري في التصريحات الغربية والإسرائيلية التي سبقت الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، "منعطفا يحمل وجهين للسياسة الإيرانية"، مبينا أن الخطاب المرافق للاتفاق في لإعلام الغربي يوحي بنوايا أميركية وإسرائيلية لتحويله إلى منصة لاستهداف إيران مباشرة أو تقويض قدراتها من خلال عزلها دوليا وتهيئة الرأي العام لخيارات أكثر عدوانية ضدها.

وتابع أن الردود الإيرانية على التلويح بعودة شبح الحرب ضدها كانت سريعة ومتعددة المستويات وأن اللغة الواردة في المواقف السياسية والعسكرية الإيرانية توحي بوجود خطط محكمة للرد السريع والقوي. مضيفا أن ما يعزز الموقف الإيراني في وجه سيناريو التصعيد هو التركيز الواضح على التطور النوعي في القدرات الدفاعية.

ويستدرك الباحث الإيراني أنه رغم خطاب التصعيد الغربي فإنه لا يمكنه الجزم بأن الاتجاه حتمي نحو الحرب مع طهران، لكن التحذيرات التي تطلقها بعض الأطراف الغربية والإقليمية تكشف هواجس حقيقية من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة لا يُعرف مداها.

وختم زواري بالقول إن الموقف الإيراني من وقف إطلاق النار في غزة يعكس إدراكا عميقا للمتغيرات الإستراتيجية في المنطقة، وإن طهران تجد نفسها أمام واقع جديد يتطلب إعادة حسابات دقيقة، في وقت تتربص بها قوى إقليمية ودولية بعد نيتها إنهاء أحد أطول ملفات الصراع في الشرق الأوسط .

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا