في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
فبعد مرور نحو عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، شنت إسرائيل سلسلة غارات عنيفة على مرتفعات جبلية في منطقة "علي الطاهر" بأطراف النبطية جنوب لبنان، بعد إعلانها مقتل 3 عناصر من الحزب في غارة سابقة على قرية كفرا، بينهم "علي قاروني" الذي قالت تل أبيب إنه كان ممثلا محليا للحزب.
واعتبرت إسرائيل أن هؤلاء خرقوا التفاهمات القائمة مع لبنان.
في المقابل، دعت كتلة حزب الله النيابية المسؤولين اللبنانيين إلى "مواجهة الهجمات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وعدم إشغال الرأي العام بأمور جانبية ناتجة عن حسابات خاطئة وانفعالات تسبب أزمات داخلية"، وفق تعبيرها.
وفي تطور لافت، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وافقت هذا الأسبوع على تقديم 230 مليون دولار لقوات الأمن اللبنانية، تشمل 190 مليون دولار للجيش و40 مليون دولار لقوى الأمن الداخلي، في إطار مسعى واشنطن لدفع بيروت نحو خطوات عملية لنزع سلاح حزب الله.
دعم أميركي في سياق قديم جديد
الكاتب والباحث السياسي علي شكر، اعتبر في تصريحات لسكاي نيوز عربية أن الخطوة الأميركية تأتي في إطار "مشروع قديم جديد هدفه العلني والواضح هو نزع سلاح الحزب".
وأوضح أن "الإدارة الأميركية اتخذت قراراً بمحاولة دعم الجيش انطلاقاً من هذا العنوان"، مشيراً إلى أن "الإجراءات العملية التي اتخذتها الحكومة اللبنانية واجهت عراقيل داخلية، خاصة مع موقف رئيس الجمهورية الذي أكد منذ البداية أن التعاطي مع مسألة سلاح الحزب يتطلب الحفاظ على السلم الأهلي وفتح حوار مباشر مع الحزب يخضع للخصوصية اللبنانية".
وأضاف شكر أن هذا الموقف أدى إلى "إرهاصات سياسية وصدام بين الرئاسة والحكومة، تعبيراً عن تعقيد المشهد اللبناني في هذه القضية"، لافتاً إلى أن الخطوة الأميركية الأخيرة تمثل "مزيداً من الدفع نحو الوصول إلى الهدف الأساسي الأميركي، أي نزع السلاح".
لكنه حذر في الوقت ذاته من أن " إسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما ظهر بوضوح في الموقف الأميركي المتنصل من الضغط على تل أبيب لاتخاذ خطوات عملية".
حزب الله بين رفض التسليم والتصعيد الإسرائيلي
من جانبه، رأى أستاذ العلاقات الدولية خالد العزي، أن حزب الله "لم يأتِ بجديد في خطابه، إذ يكرر دوماً أنه لن يسلم السلاح"، مضيفاً أن "الدولة اللبنانية معنية بتنفيذ الاتفاق 1701، لا بنزع سلاح الحزب".
واعتبر أن الحزب "يهرب من مسؤولياته إلى الأمام، وكأن على الدولة أن تحل مكانه في مواجهة إسرائيل، بينما مهمة الجيش اللبناني تقتصر على بسط السيادة على الحدود".
وأوضح العزي أن "الحزب يشارك في الحكومة ووافق على بياناتها الوزارية، لكنه في المقابل يلوح بالتهديد والوعيد إذا ما طرحت قضية السلاح، حتى وصل الأمر إلى الحديث عن معركة كربلائية"، محذراً من أن ذلك "يدخل البلاد في أزمة حقيقية قد تعطل المساعدات الأميركية والأوروبية".
وأضاف أن تصريحات المسؤول الإيراني علي لارجاني، من بيروت حول استعادة حزب الله قدراته الدفاعية تمثل "تحدياً للدولة والمجتمع الدولي، وتأكيداً على أن الحزب يعمل ضمن أجندة إيرانية"، مشيراً إلى أن هذا الموقف "يعني انخراط لبنان في صراع إقليمي وفق مصالح طهران".
أزمة سياسية داخلية تتعمّق
وعلى الصعيد الداخلي، زادت التطورات الميدانية من حدّة التوتر السياسي، فالعلاقة بين الرئيس عون ورئيس الحكومة نواف سلام دخلت مرحلة من البرود بعد حادثة "صخرة الروشة" في بيروت، حيث شدد سلام على "ضرورة تطبيق القانون ومحاسبة من أخلوا بتعهداتهم"، مجدداً الدعوة إلى "حصر السلاح بيد الدولة".
ويرى العزي أن "التباين بين أركان الدولة عميق وخطير، فالرئيس عون حدد في خطاب القسم الحوار مع حزب الله كأولوية، بينما الحزب لم يقدم أي استجابة إيجابية، بل حاول تكريس تفاهمات غير رسمية حول سلاحه"، وهو ما أدى إلى "تعميق الخلافات وخلق انقسامات داخلية".
في المقابل، أشار شكر إلى أن "الدبلوماسية اللبنانية شبه غائبة عن مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، بينما الأميركيون يتنصلون من أي التزامات تجاه تل أبيب"، مؤكداً أن "هذا المشهد يعكس غياب رؤية متكاملة لدى الدولة اللبنانية في التعامل مع الملفات الكبرى، والاكتفاء بخطوات مجتزأة تعكس عشوائية في إدارة الأزمات".
مشهد مفتوح على احتمالات
مع تزايد الغارات الإسرائيلية وتدفق الدعم الأميركي للجيش في سياق الضغط لنزع سلاح حزب الله، يتعقد الموقف اللبناني أكثر، خصوصاً مع اتساع الخلاف بين الرئاسة والحكومة حول طريقة التعاطي مع ملف السلاح، وانكشاف الساحة أمام تدخلات إقليمية ودولية متشابكة.
وفي ظل غياب رؤية وطنية جامعة، يبقى المسار اللبناني مفتوحاً على احتمالات تتراوح بين التصعيد الميداني والانقسام الداخلي، أو البحث عن تسوية سياسية تضع البلاد على طريق الاستقرار.