آخر الأخبار

كيف تطبق إسرائيل "الضم الصامت" في الضفة الغربية؟ محللون يجيبون

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

لا يقتصر الصراع على الضفة الغربية في كونه مواجهة يومية بين الفلسطينيين و الاحتلال الإسرائيلي ، بل يتجاوز ذلك إلى إستراتيجية متكاملة تسعى عبرها تل أبيب إلى تكريس ما يسمى بـ"الضم الصامت"، وهو مسار يبتلع الأرض تدريجيا ويحاصر السكان، دون الحاجة إلى إعلان رسمي يثير ردود الفعل الدولية.

أحدث فصول هذه السياسة تجسد في إغلاق معبر الكرامة، المنفذ الوحيد للفلسطينيين نحو العالم الخارجي، قبل أن يُعاد فتحه جزئيا للمسافرين بعد 3 أيام من الشلل التام.

اقرأ أيضا

list of 4 items
* list 1 of 4 بوليتيكو: ترامب تعهد لقادة عرب ومسلمين بمنع نتنياهو من ضم الضفة
* list 2 of 4 جدعون ليفي: الاعتراف دون وقف الإبادة والاستيطان هدية جوفاء
* list 3 of 4 إعادة فتح معبر الكرامة بين الضفة الغربية والأردن الجمعة
* list 4 of 4 صحف عالمية تتناول أسباب إظهار إسرائيل آثارا بالقدس ونقص عتاد جيشها end of list

هذا الإغلاق لم يكن مجرد إجراء أمني عابر، بل رسالة سياسية واضحة، كما يصفها الدكتور إبراهيم فريحات، أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث".

فالمعبر الذي يعبره يوميا نحو 14 ألف فلسطيني يمثل شريان حياة اقتصاديا واجتماعيا وصحيا، وتحويله إلى ورقة ضغط يكشف عن هدف أبعد، وهو تحويل الضفة إلى سجن مفتوح على غرار قطاع غزة ، وبذلك يؤكد الاحتلال أن السيادة الحقيقية على الأرض بيده وحده، وأن أي طرف آخر عاجز عن تغيير هذا الواقع.

في نظر الأكاديمي المتخصص بالشؤون الإسرائيلية الدكتور محمود يزبك، فإن قرار إغلاق المعبر لعدة أيام جاء من نتنياهو شخصيا، رغم أن التوصيات الأمنية كانت تقتصر على بضع ساعات.

عقاب مزدوج

وهذا التدخل السياسي يعكس -برأيه- رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي في توجيه رسائل للداخل الإسرائيلي المتطرف، وإظهار نفسه حاميا لمشروع الضم، كما يحمل القرار عقابا مزدوجا للفلسطينيين والأردنيين معا، إذ إن المعبر يشكل المنفذ الوحيد لسكان الضفة نحو الأردن والعالم، ما يجعله أداة حصار مقصودة.

هذه السياسة لا تقتصر على المعابر، بل تمتد إلى إعادة هندسة الجغرافيا والديمغرافيا، فكما يوضح الباحث الفلسطيني إبراهيم المدهون، فإن حكومة الاحتلال الحالية تنظر إلى الضفة باعتبارها أهم من تل أبيب نفسها، وتضعها على رأس أولوياتها حتى قبل غزة.

إعلان

ومن هنا تأتي خطة "الضم الصامت" التي تقوم على 3 أركان، هي التضييق الاقتصادي، تقويض السلطة الفلسطينية ، والتوحش العسكري، لتصبح الضفة الغربية مقطعة الأوصال ومحاصرة بالحواجز والمستوطنات والبوابات.

النماذج التي أشار إليها المحللون في الحلقة مثل القرى المحاصرة قرب القدس والتي بات سكانها يحتاجون تصاريح إسرائيلية لدخول بلداتهم، تمثل تجسيدا لهذه السياسة، فهي ضم عملي بلا إعلان، يحول الفلسطينيين إلى غرباء في أرضهم، ويمنح المستوطنات امتدادا متواصلا على حساب ما تبقى من الأراضي المصنفة "ج".

وهنا يرى الدكتور فريحات أن ما يجري اليوم ليس جديدا، بل هو استمرار لنهج بدأ منذ صعود نتنياهو في التسعينيات، لكنه الآن بات يُطرح علنًا دون مواربة.

أما الدكتور يزبك فيضع ما يجري في سياق أوسع، معتبرا أن إسرائيل تعلمت من "خطأ" 1948 حين بقي نحو 150 ألف فلسطيني داخل الخط الأخضر وتحولوا لاحقا إلى خمس سكان الدولة العبرية.

حدائق مغلقة

لذلك تسعى اليوم إلى ضم الأرض دون سكان، عبر سياسة الأسوار والمعازل، حيث تحيط كل مدينة فلسطينية بجدار يعزلها عن محيطها، فيما تغلق البوابات العسكرية مداخل القرى لتجعلها "حدائق مغلقة"، في صورة تدميرية للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية.

الولايات المتحدة حضرت في النقاش عبر تصريحات منسوبة إلى الرئيس دونالد ترامب ، الذي تعهد للقادة العرب في الأمم المتحدة بعدم السماح بضم رسمي للضفة.

لكن المحلل الأميركي توماس وولف أشار إلى أن المشكلة ليست في الوعود، بل في غياب المتابعة، فالإدارة الأميركية -بحسب رأيه- تركز على غزة أكثر من الضفة، وتترك لإسرائيل هامشا واسعا لتكريس سياساتها الميدانية، ما يجعل الحديث عن منع الضم الرسمي بلا أثر فعلي على الأرض.

وبينما يرى المدهون أن الوقت قد فات لمواجهة هذه السياسة، مؤكدا أن الضفة تحولت إلى سجون صغيرة محاطة بالمستوطنات والحواجز، فإن فريحات يعتقد أن التوازنات الإقليمية لا تزال قادرة على تغيير المعادلة.

من وجهة نظره، يمكن للنظام العربي -إذا أحسن استثمار اعترافات أوروبية متزايدة بالدولة الفلسطينية- أن يخلق نوعا من الردع السياسي في مواجهة المخطط الإسرائيلي، شرط أن يُترجم ذلك إلى خطوات عملية.

في المحصلة، يبدو أن "الضم الصامت" ليس مجرد تكتيك مرحلي بل إستراتيجية طويلة الأمد تسعى عبرها إسرائيل إلى إعادة تشكيل الضفة الغربية بما يضمن السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع أقل عدد من السكان.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا