قالت صحيفة هآرتس إن إسرائيل، حتى وهي تكذّب أرقام الضحايا التي تنشرها وزارة الصحة في قطاع غزة ، فإنها تنشر من البيانات ما يؤكد في النهاية مصداقية هذه البيانات، بل وتتيح أرقاما عن الضحايا تزيد على ما تنشره الوزارة الفلسطينية.
وفي تقرير مطول، ذكرت هآرتس كيف أن قائد الأركان الإسرائيلي السابق هرتسي هاليفي تحدث عن مقتل وجرح 10% من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، خلال زيارة قبل 10 أيام بإحدى مستوطنات غلاف غزة ، اعتذر فيها لسكان المستوطنة عن إخفاقات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووصف الحرب الحالية بـ"غير اللطيفة".
وكتبت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث في مارس/آذار الماضي عن القضاء عن 13 ألفا من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية ( حماس )، ومعدل قتلى بين المدنيين يصل إلى 5 مقابل كل مقاتل.
وقالت الصحيفة إن كل هذه الأرقام الإسرائيلية تؤكد مصداقية ما تنشره وزارة الصحة في القطاع، وذكّرت بأن الوزارة لا تكتفي بنشر محض أرقام، بل تدعمها بالاسم الكامل للقتيل واسم أبيه وحتى جده، فضلا عن رقم بطاقة الهوية التي تصدرها أصلا إسرائيل.
وكتبت الصحيفة أن امتناع إسرائيل عن تكذيب هذه البيانات -بكل التفاصيل التي تحملها- يرقى إلى إقرار بمصداقيتها.
وأضافت أن النقاش -في كل مكان باستثناء وسائل الإعلام الإسرائيلية- لا يكاد يدور عن عدد الضحايا، وإنما عن هويتهم: كم من مقاتلي المقاومة وكم من المدنيين.
وتشير إلى أن أن قائمة طويلة من التحقيقات والتقارير الدولية تثبت أن المدنيين هم الأغلبية الساحقة من ضحايا الحرب في غزة، وأن معدل من يُقتل منهم أعلى مما كانت تدعيه الحكومة الإسرائيلية وهو واحد لكل مقاتل، وأعلى من كل حرب أخرى في القرن الـ21، بحسب وصفها.
وحسب هآرتس، يمكن أن يخلص المرء أيضا إلى ارتفاع معدل القتلى المدنيين من سكوت المتحدث العسكري الإسرائيلي عن بعض العمليات التي تصفها إسرائيل بالدقيقة، كما حدث عندما طلبت الصحيفة قبل 3 أسابيع تعليقه على 29 من هذه الهجمات وُثقت في أغسطس/آب الماضي، وأدت إلى مقتل 180 فلسطينيا.
وقالت هآرتس إن المتحدث لم يقدم في أغلب الحالات أجوبة تحمل أدلة حقيقية على سبب الهجوم وهوية القتلى.
وخلصت إلى أن الانشغال بالأرقام ربما يخفي المأساة الإنسانية وراءهم، وتحدثت عن شهادات انتشرت في الأيام الأخيرة عن جثث وأشلاء منتشرة في شوارع غزة، بينها صورة أختين ممددتين جنبا إلى جنب ورضيع احترق وحملت أشلاؤه إلى شاحنة.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي مذكرتي توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في العدوان الحالي الذي خلّف -حسب وزارة الصحة في غزة- نحو 66 ألف شهيد، و230 ألف جريح، فضلا عن آلاف المفقودين.