"والله لنموت في دورنا، والله ما نطلع من الشمال".. فلسطيني جريح يوجه رسالته داعيا إلى الثبات والصمود، وبجانبه جثمان شهيد، بعد أن خرج مصابا من تحت أنقاض منزله الذي قصفه الاحتلال في منطقة الزرقاء شمال مدينة #غزة#حرب_غزة pic.twitter.com/llDGRDKVCJ
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 8, 2025
غزة – كثَّف جيش الاحتلال الإسرائيلي الضغط على سكان مدينة غزة والنازحين إليها من شمال القطاع لإجبارهم على مغادرتها جنوبا تجاه المواصي غربي محافظة خان يونس بزعم أنها "منطقة إنسانية آمنة".
ويستخدم جيش الاحتلال شتى وسائل القتل والتدمير والترهيب النفسي لدفع أكثر من مليون فلسطيني إلى خارج المدينة، الذين بدورهم يواجهون محاولاته بالتنقل من مكان لآخر داخل أحيائها رفضا لمخطط التهجير.
ويصرّ سكان غزة على عدم تكرار تجربة النزوح التي عاشوا تفاصيلها القاسية لأكثر من عام عندما طلب منهم الجيش الإسرائيلي بداية الحرب على قطاع غزة التوجه جنوبا، ولاحقهم بالقتل هناك، قبل أن يسمح بعودتهم بعد اتفاق التهدئة في يناير/كانون الثاني الماضي.
وبدأ الجيش الإسرائيلي منذ أسابيع مخططه المعلن باحتلال مدينة غزة، رغم اتخاذه خطوات فعلية بتفريغ الأحياء الشرقية من المدينة و محافظة شمال غزة منذ 11 أبريل/نيسان الماضي.
ورصدت الجزيرة نت أبرز الوسائل التي استخدمها جيش الاحتلال منذ منتصف أغسطس/آب الماضي لتسريع وتيرة تهجير السكان والمتمثلة في:
وأمام الضغط العسكري الهائل الذي يتعرض له 1.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، يتكرر سؤالهم "وين نروح؟" (أين نذهب؟)، في إشارة إلى قلة الخيارات المتاحة أمامهم وتفضيلهم البقاء داخل مدينة غزة، هذا الأمر تجسد عبر تحركهم الميداني والنزوح اتجاه المناطق الغربية منها.
ويرفض معظم السكان التوجه جنوبا نظرا لضيق المساحة التي خصصها الاحتلال لهم في منطقة مواصي خان يونس، التي تفتقر لأدنى الخدمات الأساسية، ولغياب الأمان هناك على خلاف ما يزعم الاحتلال.
وتبلغ مساحة منطقة المواصي 15 كيلومترا مربعا، وكان يقطنها قبل الحرب أقل من 20 ألف فلسطيني فقط نظرا لأن معظم أراضيها مخصصة للزراعة.
ومع مواصلة احتلال الجيش الإسرائيلي محافظة رفح وكل البلدات الشرقية لمحافظة خان يونس ووسط المدينة، يقطن منطقة المواصي حاليا نحو 800 ألف غزِّي يعيشون في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، وفق آخر إحصائية حصلت عليها الجزيرة نت من الجهات الحكومية بغزة.
وزعم الاحتلال الإسرائيلي توسعة "المنطقة الإنسانية" مؤخرا بإضافة أجزاء من محافظة خان يونس المدمَّرة لها، ليصل إجمالي المساحة التي حددها الاحتلال حوالي 30 كيلومترا مربعا، أي أقل من 10% من إجمالي مساحة قطاع غزة، ويريد أن يزجَّ فيها أكثر من 1.7 مليون إنسان.
ويقول المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن الاحتلال يريد أن يزيد من الضغط السكاني غير المسبوق على منطقة المواصي، ويجعل الأوضاع هناك غير قابلة للاستدامة، ويضاعف معاناة السكان في ظل انعدام مقومات الحياة الأساسية.
وفنَّد الثوابتة خلال حديثه للجزيرة نت ادعاء الاحتلال بأن هذه المنطقة "إنسانية وآمنة"، مؤكدا أنه تم قصفها 109 مرات أدت إلى استشهاد أكثر من 2000 مدني في مجازر متتالية داخل المساحة المحدودة.
وأضاف: هذه الأرقام تكشف الطبيعة الممنهجة لهجمات الاحتلال الإسرائيلي، وتؤكد أن مزاعم السلامة والأمان لا تمت للواقع بصلة، بل تستخدم كغطاء لتنفيذ سياسة التهجير القسري و الإبادة الجماعية .
ولفت إلى أنه لا توجد في مناطق المواصي أي مستشفيات أو بنية تحتية صحية حقيقية، كما أنها غير مهيأة لاستيعاب عدد كبير من السكان، ولا توفر أي خدمات طبية أو صحية، مما يزيد المخاطر الإنسانية ويشكل تهديدا مباشرا لحياة المدنيين، خاصة في ظل استمرار القصف وانعدام الغذاء والماء والدواء.
وفشلت محاولات أسر كثيرة بالبحث عن مأوى لها في منطقة المواصي بهدف الانتقال إليها، وقرروا البقاء في مدينة غزة رغم كل التهديدات الإسرائيلية.
وفي السياق قال طارق عثمان من سكان منطقة المواصي إن "العدد الهائل من نازحي خان يونس ورفح زاد من الضغط على البنية التحتية المتهالكة أساسا، ومعظم الخيام اضطرت للاستعانة بحفر امتصاصية لغياب إمدادات الصرف الصحي، ونعاني من قلة مياه الشرب أو المخصصة للاستخدام اليومي".
وأكد عثمان للجزيرة نت عدم وجود أي مرافق خدمية في المنطقة، ولا أي من مقومات الحياة الأساسية، ولا مآو مستدامة أو مياه نظيفة، ولا كهرباء، ولا خدمات صحية أو تعليمية، مما يجعل الظروف الإنسانية هناك بالغة القسوة مع انتشار الأمراض وفقدان الحماية الأساسية.
وخرجت ظهر أمس الثلاثاء مسيرة في مدينة غزة شارك فيها الوجهاء والفعاليات المجتمعية وهم يحملون الأكفان رفضا للنزوح إلى جنوب القطاع، في حين ترتفع أصوات الغزيين على منصات التواصل الاجتماعي رفضا للتهجير، والتأكيد على أنهم باقون داخل المدينة عبر وسم "مش طالعين".