فارقت الطفلة أشواق علي حسن مهاب (7 أعوام) الحياة، بعدما أنهكها الجوع، في أحد مخيمات النزوح بمحافظة حجة شمال غربي اليمن، في مشهد يلخص حجم "المأساة الإنسانية" التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
وتوفيت أشواق، بعد صراع طويل مع الجوع في ظل تدهور غير مسبوق للوضع الإنساني وتوقف برامج الإغاثة التي كانت تقدمها منظمات دولية.
وتشير التقارير إلى أن الوضع ازداد سوءًا بعد أن علّقت منظمات دولية أعمالها الإغاثية نتيجة القيود المفروضة من قبل جماعة الحوثيين، واختطافها عدداً من موظفي الإغاثة، إضافة إلى تراجع الدعم الدولي.
وتواجه مديرية عبس بمحافظة حجة، التي تحتضن مئات المخيمات التي تضم آلاف النازحين، كارثة إنسانية صامتة، وسط تفاقم المجاعة وغياب المساعدات.
وحذر الصحافي اليمني الاستقصائي عيسى الراجحي - وهو من أبناء المحافظة- من أن عشرات الأطفال والنساء والرجال في مخيمات النزوح "ينتظرون الموت بعد أن فقدوا الأمل في وجبة لم تأتِ"، داعيًا المنظمات الدولية إلى تدخل عاجل وفوري، ومؤكدًا أن "الوضع لا يحتمل التأخير".
ونشر الراجحي عبر صفحته على "فيسبوك" صورًا مروعة لأطفال ورجال يعانون من سوء تغذية حاد، مشيرًا إلى أن أكثر من 500 مخيم في مديرية عبس محرومون من المساعدات الإنسانية منذ أكثر من خمسة أشهر.
وتأتي هذه المأساة في وقت، أكدت منظمة أطباء بلا حدود، أن معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في اليمن تشهد ارتفاعاً "مُقلقاً"، مع تسجيل قرابة 4 آلاف حالة خلال الخمسة أشهر الأولى من هذا العام، في ثلاث محافظات فقط، بينها حجة.
وأشارت إلى أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال ترتفع "بمستويات مثيرة للقلق، بسبب الصراع وعدم القدرة إلى الوصول إلى الرعاية الصحية، مما يؤدي إلى تفاقم هذه الأزمة، ويعرض حياة عدد لا يحصى منهم للخطر".
كما أطلق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيرًا من أن اليمن يعيش ثالث أسوأ أزمة أمن غذائي في العالم، بعد غزة والسودان، متوقعًا أن يواجه أكثر من 18 مليون يمني – أي ما يزيد على نصف السكان – انعدامًا حاداً في الأمن الغذائي بحلول سبتمبر 2025، فيما يواجه نحو 41 ألف شخص خطر المجاعة الفعلية، وهي أسوأ التقديرات منذ عام 2022.
وفي خضم أزمة الأمن الغذائي الكارثية في اليمن، والتي يمثل ضعف التمويل الإنساني أحد أبرز العوامل التي فاقمت معاناة ملايين اليمنيين، وتسبّبت في إغلاق عدد كبير من البرامج الإغاثية الحيوية، تجري الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تحضيرات لعقد مؤتمر دولي للأمن الغذائي في اليمن، والمقرر عقده نهاية أكتوبر القادم في العاصمة السعودية الرياض.
ووجه رئيس الوزراء اليمني، سالم بن بريك، أثناء اجتماع تحضيري عقد، الخميس الماضي، في عدن، الوزارات والجهات الحكومية المعنية بضرورة العمل بوتيرة عالية لاستكمال كافة الترتيبات الفنية واللوجستية، والتحضير الجيد للوثائق والتقارير والاحتياجات والمشاريع التي ستقدم في المؤتمر.
وشدد بن بريك، على أهمية إبراز التحديات التي تواجهها حكومته بكل وضوح وشفافية، واقتراح حلول مستدامة لمواجهة تحديات فجوة الأمن الغذائي في اليمن، لافتا إلى أهمية المؤتمر في توفير منصة مشتركة للشراكة الاستراتيجية الإنسانية والتنموية طويلة الأمد وزيادة الاهتمام بمعالجة الفجوة الغذائية وتحدياتها وتعزيز التدخلات في القطاعات المتصلة بالأمن الغذائي.
كما ثمّن دعم مجلس التعاون لدول الخليج عقد واستضافة المؤتمر، وحرصهم على تبني قضايا الأمن الغذائي في اليمن، في ظل التحديات المتفاقمة التي يواجهها القطاع الغذائي نتيجة الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الإرهابية، وما رافقها من تداعيات إنسانية واقتصادية مدمّرة.