آخر الأخبار

هل تنسحب تركيا من شمال العراق بعد تسليم العمال الكردستاني سلاحه؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بغداد، أنقرة- بعد أن أعلن حزب العمال الكردستاني حل نفسه، وسلم أسلحته استجابة لدعوة زعيمه عبد الله أوجلان ، المعتقل في تركيا منذ 26 عاما، يوم 27 فبراير/شباط الماضي، طاويا بذلك صفحة تمرد دامت 4 عقود، يبقى التساؤل قائما حول مصير القواعد العسكرية التركية المنتشرة في شمالي العراق.

وتتفرع من هذا التساؤل استفسارات أخرى حول إن كانت الحاجة إلى وجود هذه القواعد قد انتفت بعد أن ألقى الحزب السلاح واتجه إلى العمل السياسي؟ أم أن أنقرة ترى في استمرار انتشار قواتها هناك أهدافا أبعد من مواجهة مقاتلي الحزب السابقين؟

ولا تزال صورة الوجود العسكري التركي غامضة، في وقت لم تُستكمل فيه بعد عملية تسليم أو حرق أسلحة العمال الكردستاني بشكل كامل، ما يعزز -وفق معطيات ميدانية- الحاجة إلى بقاء القواعد التركية في تلك المناطق.

ويتجاوز هذا الوجود هدف ملاحقة مقاتلي الحزب إلى أبعاد أوسع، أبرزها المشاركة في تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب يضم العراق وتركيا ولبنان والأردن وسوريا، الأمر الذي قد يفرض استمرار الوجود العسكري التركي ولو بوتيرة أقل.

وتقدر أعداد القواعد العسكرية التركية في مناطق شمالي العراق المحاذية للحدود مع تركيا بنحو 50 قاعدة، تتنوع بين معسكرات كبيرة وصغيرة ونقاط تفتيش حدودية، موزعة في محافظات أربيل ودهوك ونينوى، وتضم حوالي 5 آلاف جندي تركي مزودين بمدفعية ومدرعات وأسلحة ثقيلة ومتوسطة.

مراحل أولى

رحبت الحكومة العراقية بخطوة العمال الكردستاني، لكنها التزمت الصمت حيال مصير القواعد العسكرية التركية المتمركزة في بعض مناطق شمالي العراق .

وفي تصريح للجزيرة نت، اكتفى المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، بالقول إنها "لا تملك تعليقا بشأن هذا الملف في الوقت الراهن".

لكن عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، طالب اليساري يرى أن عملية تسليم السلاح من قبل العمال الكردستاني لا تزال في مراحلها الأولى ولم تستكمل بعد، معربا عن أمله في إنجازها بالكامل بما يمهد لانسحاب عناصر الحزب من مواقعهم في جبلي قنديل و سنجار شمالي العراق.

إعلان

وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى وجود معلومات تفيد بأن الحزب يحتفظ بمواقع عسكرية وأنفاق داخل الجبال، مؤكدا تطلع بغداد إلى اندماجه في العملية السياسية بشكل كامل.

وحسب اليساري، فإن الوجود العسكري التركي داخل الأراضي العراقية لم يتم بموافقة رسمية من الحكومة العراقية أو بموجب مذكرة تفاهم أو اتفاق قانوني، بل جاء بناء على تفاهم مع أنقرة يقضي بأن تتولى وزارة الداخلية العراقية إنشاء مراكز أمنية على طول المنطقة الرخوة الممتدة لأكثر من 190 كيلومترا، على أن تنسحب القوات التركية فور إنجاز هذه المراكز الحدودية.

وأضاف أن بغداد تتطلع إلى ترسيخ علاقاتها مع أنقرة وبقية جيرانها، مستثمرة موقعها الجغرافي لتحقيق شراكات اقتصادية متينة تعود بالنفع على جميع الأطراف.

مصدر الصورة المناطق الجبلية الحدودية بين العراق وتركيا في منطقة دهوك ذات طبيعة وعرة (الجزيرة)

رؤية غامضة

فيما يتعلق بمستقبل المشاريع المشتركة بين بغداد وأنقرة، خاصة مشروع "طريق التنمية" الذي يمر عبر مناطق يوجد فيها حزب العمال الكردستاني والقوات التركية، يرى المختص في الشأن الأمني والعسكري العراقي، مخلد حازم الدرب، أن الرؤية لا تزال غير واضحة بشأن الوجود التركي في شمالي العراق.

وأكد الدرب للجزيرة نت أن على الحكومة العراقية اتخاذ خطوات مستقبلية لمعالجة ملف وجود الحزب، لا سيما في جبل سنجار الذي يعد نقطة إستراتيجية لمشروع الطريق الحيوي الذي يربط العراق بدول العالم عبر الأراضي التركية.

وبرأيه، فإن عملية تسليم أو حرق الأسلحة من قِبل الحزب تعكس "بادرة حسن نية"، لكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت، خصوصا على الصعيد السياسي، في ظل تعقيدات داخله تتعلق بتعدد قياداته وانخراطه سابقا في أنشطة اقتصادية وعمليات تهريب.

ولفت إلى احتمال احتفاظ بعض الفصائل بالسلاح، وهو ما يبرر -من وجهة نظر تركيا- استمرار وجود قواعدها العسكرية في العراق، معتبرا أن هذا الملف سيبقى رهين اتفاقات مستقبلية بين بغداد وأنقرة.

في السياق، لم تصدر أنقرة حتى الآن أي تصريحات رسمية تشير إلى نيتها سحب قواتها العسكرية من شمال العراق، بل جاءت مواقف المسؤولين الأتراك لتؤكد ضرورة متابعة تنفيذ قرار حل حزب العمال الكردستاني ومواصلة جهود مكافحة الإرهاب.

أهداف أنقرة

ولا يزال الخطاب الرسمي يربط بقاء القوات بمواجهة التهديدات الأمنية، ففي تصريحات سابقة مطلع أبريل/نيسان الماضي، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن حزب العمال الكردستاني "تنظيم إرهابي يهدد تركيا ويسيطر على مناطق واسعة في العراق، خصوصا جبل سنجار، ما يعكس استمرار اعتباره تهديدا إقليميا".

ولم تتلقَّ الجزيرة نت أي رد من وزارة الخارجية التركية بشأن استفسارات طرحتها متعلقة بمستقبل القواعد العسكرية في شمال العراق.

وبخصوص ارتباط الوجود العسكري التركي في العراق بحضور الحزب، أوضح السياسي التركي والباحث في العلاقات الدولية مهند حافظ أوغلو أن هذا الوجود لم يكن مرتبطا بشكل كلي بمواجهة الحزب، وإن كان يشكل أحد أبرز دوافعه، لكنه أشار إلى وجود أهداف أخرى تتجاوز ذلك.

وأضاف أوغلو، للجزيرة نت، أن هناك نقطتين أساسيتين في هذا السياق:

إعلان

* الأولى: تتمثل في ضرورة استكمال عملية تسليم أسلحة العمال الكردستاني بالكامل، وهو ما قد لا يغير من انتشار القوات التركية في المدى القريب، لافتا إلى أن هذا المسار قد يستغرق أسابيع أو حتى شهورا وربما سنوات.
* الثانية: فهي إدراك بغداد لوجود تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب يضم العراق وتركيا ولبنان والأردن وسوريا، ما يستدعي -حسب الباحث- استمرار الوجود العسكري التركي ولو بشكل جزئي.

وأشار إلى أن تلك القوات، بالتنسيق مع الجانب العراقي، تضطلع بمهمة إستراتيجية تتمثل في تأمين مشروع "طريق التنمية" المزمع إنشاؤه لربط العراق بتركيا ودول الخليج.

وهو ما أكده المحلل السياسي مراد تورال، الذي اعتبر أنه من المستبعد أن تعيد أنقرة النظر في وجود قواعدها العسكرية في شمال العراق، لافتا إلى أن هذا الوجود يأتي في إطار إستراتيجية أمنية أوسع تهدف إلى تحصين حدودها الجنوبية ومواجهة أي تهديدات محتملة من التنظيمات المسلحة.

وأضاف تورال للجزيرة نت أن القيادة التركية تنظر إلى شمال العراق باعتباره منطقة ذات حساسية أمنية وسياسية بالغة، لا سيما في ظل تداخل الفاعلين الإقليميين والدوليين هناك.

وختم بالقول إن "القواعد التركية باتت جزءا من معادلة الردع الإقليمي، ولم تعد مجرد أداة تكتيكية لمواجهة حزب العمال الكردستاني".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل سوريا بشار الأسد

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا