في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في وقتٍ تسعى فيه دمشق بقيادة الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، إلى ترميم علاقاتها الإقليمية والانفتاح على محيطها العربي، تواجه الحكومة الوليدة تحديات متزايدة، ليس فقط على مستوى الملفات الاقتصادية والسياسية، بل من محاولات اختراق المنظومة الجديدة عبر تيارات مؤدلجة، يأتي في طليعتها تنظيم الإخوان، بحسب متابعين للمشهد السوري.
زيارة الشرع إلى أبوظبي، والتي وُصفت بأنها "خطوة دبلوماسية بارزة"، أعادت الزخم إلى مسار التقارب السوري الخليجي، في ظل انفتاح عربي على دمشق بعد سنوات من القطيعة.
وأثارت هذه التحركات، حسب محللين، استياء بعض الأطراف الإقليمية، التي لم تُخفِ قلقها من مسار سوريا الجديد بعيداً عن فلكها السياسي.
حملات تشويش... وساحات تحريض
ومنذ تسلم الشرع منصبه، كثّف الإعلام المقرّب من تنظيم الإخوان حملاته ضد الحكومة السورية، مستهدفاً محاولات الانفتاح على العالم العربي، ولا سيما دول الخليج.
وبرز ذلك في استغلال بعض التجمعات الدينية في دمشق، مثل الجامع الأموي، للتحريض السياسي، في مشهد وصفه مراقبون بأنه محاولة ممنهجة لـ"توتير علاقات سوريا مع محيطها".
ويقول الإعلامي السوري سمير متيني، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، إن " جماعة الإخوان تستغل خطاباً دينياً وتحريضياً لضرب علاقات دمشق مع محيطها العربي، وفي مقدمتها دولة الإمارات والسعودية"، مشيراً إلى أن "الماكينة الإعلامية للإخوان تعمل عبر آلاف الصفحات الإلكترونية لإحداث شرخ بين الحكومة الجديدة ومحيطها العربي".
ويؤكد متيني أن أبوظبي تبنّت موقفاً داعماً للشرع، مشيراً إلى أن " الشيخ محمد بن زايد نصح الرئيس السوري خلال لقائهما بعدم الارتماء في حضن الإسلام السياسي، وأن تكون سوريا دولة وطنية ديمقراطية مدنية جامعة لكل مكوناتها".
بين المشروع الوطني والتأثير الخارجي
من جهته، يؤكد الكاتب السوري عبد الكريم العمر أن "الرغبة السورية الرسمية واضحة في العودة إلى الحضن العربي، وتعزيز الشراكة مع الإمارات والمملكة العربية السعودية، بعيداً عن استقطابات السنوات الماضية".
وأشار العمر في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن "سوريا الجديدة لا تبنى إلا من خلال شراكة حقيقية بين جميع أبنائها، بمن فيهم الأكراد والمسيحيون والعلويون والدروز، إلى جانب العرب السنة"، محذّراً في الوقت نفسه من محاولات بعض التيارات "القفز على مشروع الدولة".
ويثير محللون تساؤلات بشأن ما إذا كانت تركيا تحاول من خلال دعم تيارات مثل "الإخوان" التأثير على شكل النظام السياسي الجديد في دمشق. ويقول متيني إن "ماكينات إعلامية تابعة لأنقرة تعمل على شيطنة أي تقارب سوري عربي، وتضغط على الحكومة الجديدة لتكون خاضعة للرؤية التركية في الداخل السوري".
ملف الأكراد.. ساحة أخرى للتجاذب
وتُعد العلاقة بين الحكومة السورية والمكون الكردي ملفاً بالغ الحساسية. ووفق متيني، فإن الحملات ضد التقارب مع القوى الكردية تُدار من ذات الجهات التي تهاجم العلاقة مع الخليج، في تماهٍ مع السياسة التركية التي ترفض الاعتراف بالتعددية داخل سوريا، مشيراً إلى أن "صوت الاعتدال يجب أن يعلو فوق التجاذبات الطائفية أو القومية، وأن لا يُسمح بعودة الهيمنة الفكرية أو السياسية لأي تيار مؤدلج".
دعوات لتفعيل الحضور الإعلامي الرسمي
وفي ظل تصاعد الحملات الدعائية، طالب عدد من المتابعين بضرورة أن تُفعل الحكومة السورية أدواتها الإعلامية الرسمية بشكل أكثر وضوحاً، لتفادي ترك المساحة فارغة أمام خطاب الجماعات المنظمة.
وفي هذا السياق، دعا عبد الكريم العمر إلى تعيين ناطق رسمي باسم الرئاسة السورية أو الحكومة، يعبّر عن المواقف الرسمية في مواجهة الشائعات والمعلومات المضللة، التي تستهدف تعطيل مسار الانفتاح الداخلي والخارجي.
معركة المفاهيم في سوريا الجديدة
المعركة التي تخوضها دمشق الجديدة لا تبدو مقتصرة على ساحات السياسة أو إعادة الإعمار، بل تمتد إلى ساحة المفاهيم والهوية، حيث تسعى جهات لتكريس رؤية أحادية لسوريا، بينما تسعى القيادة الحالية إلى تثبيت معادلة قائمة على التنوع والشراكة والانفتاح العربي، في مشهد يضع "الإخوان" مجدداً في مواجهة الدولة الوطنية.