أمر قاضٍ، اليوم الأحد، بسجن رئيس بلدية اسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، بتهمة "الفساد".
فيما رفض القضاء التركي طلب احتجاز أوغلو، بتهمة "الإرهاب"، بحسب ما أفاد أحد محاميه، وناطق باسم بلدية إسطنبول، لوكالة فرانس برس.
وأعلن أحد محامي إمام أوغلو أنه سيتم استئناف قرار سجنه، قائلاً: "سنستأنف بالطبع أمر السجن".
من جانبه، تعهد إمام أوغلو بـ "عدم الرضوخ"، وفي رسالة نشرها عبر محاميه على منصة إكس، دعا أنصاره إلى "عدم فقدان الأمل" و"عدم الإصابة بالإحباط" وقال: "سنمحو، يداً بيد، وصمة العار السوداء هذه عن ديمقراطيتنا".
واقتيد إمام أوغلو مع 90 من المتهمين معه إلى محكمة تشاغليان في إسطنبول التي تقع على مسافة نحو 10 كيلومترات من مبنى البلدية، وسط طوق أمني مكثف من عشرات الشاحنات التابعة لشرطة مكافحة الشغب، قبل الاستماع إلى إفادته مرتين أمس السبت.
وندد حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، بما وصفه بـ "الانقلاب السياسي".
وذكرت وسائل إعلام تركية أن القضاء أمر، صباح الأحد، بسجن متّهمين آخرين مع رئيس البلدية، من بينهم أحد مستشاريه المقربين.
وأثار توقيف إمام أوغلو، الأربعاء الماضي، موجة واسعة من الاحتجاجات في تركيا.
وليلة السبت، شهدت تركيا احتجاجات واسعة اعتراضاً على اعتقال إمام أوغلو، في واحدة من أكبر التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد.
وفي خطاب ألقاه يوم السبت، كرر أردوغان إدانته للاضطرابات واتهم حزب الشعب الجمهوري المعارض بزعامة إمام أوغلو بمحاولة "زعزعة الأمن واستقطاب شعبنا".
خارج مكتب رئيس بلدية إسطنبول، وقبل أن تبدأ الاحتجاجات رسمياً، كان الغاز المسيل للدموع منتشراً في الهواء.
ومع تزايد الحشود طوال المساء، أصبح من الصعب التنفس بعد إطلاق جولة تلو الأخرى من الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وتحدى الناس من كافة الأعمار حظراً حكومياً على التجمعات، للاحتجاج على ما يعتبرونه اعتقالاً غير قانوني، وهم يهتفون "الحقوق، القانون، العدالة".
قالت شابة، ترتدي ملابس سوداء وكمامة، لبي بي سي إنها لم تكن تحتج لأسباب سياسية أو لأنها تدعم المعارضة، بل للدفاع عن الديمقراطية.
"أنا هنا من أجل العدالة، أنا هنا من أجل الحرية. نحن شعب حر، والشعب التركي لا يقبل هذا. هذا يتنافى مع سلوكنا وثقافتنا"، تقول الشابة.
وقالت امرأة أخرى، تصطحب ابنها البالغ من العمر 11 عاماً إلى الاحتجاجات، إنها أرادت اصطحابه لقلقها على مستقبله.
"تزداد الحياة في تركيا صعوبة يوماً بعد يوم، لا نستطيع التحكم بحياتنا، ولا نستطيع اختيار من نريد، ولا توجد عدالة حقيقية هنا"، تقول المرأة.
وكان واضحاً جداً عدم شعور أي شخص تحدثت إليه بي بي سي بالراحة في ذكر اسمه أو إظهار وجهه.
وقال كثيرون في الشوارع متحدين الاعتقال، لبي بي سي مساء السبت، إنهم يقاتلون من أجل مستقبل يمكن أن يؤمنوا به.
وفي أنقرة وإزمير، استخدمت الشرطة خراطيم المياه ضد المتظاهرين.
على مدار الليالي الأربع الماضية، خرج الآلاف إلى الشوارع في أنحاء تركيا في مظاهرات سلمية إلى حد كبير.
حاولت السلطات قمع المظاهرات بحظر جميع التجمعات لمدة أربعة أيام في إسطنبول، ثم امتد الحظر إلى أنقرة وإزمير مع انتشار الاحتجاجات في البلاد.
ومنذ يوم الخميس، اشتبكت شرطة مكافحة الشغب مراراً مع المتظاهرين، وشوهدت وهي تطلق غاز الفلفل وخراطيم المياه على حشود المتظاهرين.
وأعلنت السلطات التركية اعتقال 343 شخصاً مساء الجمعة، وهو اليوم الثالث من الاحتجاجات، في تركيا.
يُعد إمام أوغلو أحد أقوى منافسي أردوغان السياسيين. وهو المرشح الوحيد في انتخابات حزب الشعب الجمهوري لاختيار مرشحه الرئاسي، المقرر إجراؤها يوم الأحد.
وفي إطار تحقيقات أجرتها السلطات، شهد يوم الأربعاء اعتقال أكثر من 100 شخص، من بينهم سياسيون وصحفيون ورجال أعمال، إلى جانب إمام أوغلو.
وقبل اعتقاله بيوم واحد، أعلنت جامعة إسطنبول سحب درجته العلمية بدعوى وجود مخالفات، وهي خطوة قد تعيق ترشحه للرئاسة إذا تم تأكيدها، إذ ينص الدستور التركي على أن استكمال التعليم العالي شرط أساسي لتولي منصب الرئاسة.
شغل أردوغان منصب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية على مدار 22 عاماً.
ونظراً لتحديد مدة الولاية، لا يمكنه الترشح مرة أخرى في عام 2028 إلا إذا عدّل الدستور.
وتقول شخصيات معارضة إن الاعتقالات ذات دوافع سياسية. لكن وزارة العدل انتقدت من يربطون أردوغان بالاعتقالات، وأصرت على استقلال القضاء.