تناولت مجموعة من الصحف الأمريكية والإسرائيلية والعربية التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، وتأثيراتها السياسية والإنسانية، ومن أبرزها ما نشرته صحيفة الأيام الفلسطينية عن الأحداث الراهنة في سوريا وتداعياتها، والمطالبة باستعادة الرهائن الإسرائيليين من قطاع غزة في جيروسالم بوست العبرية، وما كشفت عنه نيويورك تايمز الأمريكية أن إسرائيل "أضعفت بشدة نظام الضمانات الذي وضعته لحماية المدنيين".
وتوصل التحقيق الذي أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن إسرائيل "اعتمدت أساليب معيبة للعثور على الأهداف وتقييم خطر وقوع إصابات بين المدنيين، وفشلت بشكل روتيني في إجراء مراجعات بعد الضربات للأضرار التي تلحق بالمدنيين، أو معاقبة الضباط على المخالفات، وتجاهلت التحذيرات من داخل صفوفها ومن كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين حول هذه الإخفاقات".
يعكس تحقيق نيويورك تايمز التحول في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، التي تمنح الضباط صلاحيات أوسع في استهداف مواقع في قطاع غزة بغض النظر عن حجم الخطر على المدنيين، وفق الصحيفة.
الصحيفة التي أعادت سرد أحداث حرب غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حين هاجمت حماس إسرائيل، وكيف أن التغيير في سياسة الجيش الإسرائيلي يعكس حالة "التهديد الوجودي" الذي كانت تشعر به إسرائيل في ذلك الوقت.
وتقول الصحيفة إنها استندت إلى عشرات السجلات العسكرية، وأجرى الصحفيون القائمون على التحقيق مقابلات مع أكثر من 100 جندي ومسؤول إسرائيلي، بما في ذلك أكثر من 25 شخصاً ساعدوا في التحقق من الأهداف والموافقة على ضربها.
وتضيف الصحيفة أن الروايات التي جمعتها وفرت "فهماً لا مثيل له لكيفية شن إسرائيل لواحدة من أعنف الحروب الجوية في هذا القرن".
وتجد الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي كان قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتبع سياسة حذرة فيما يتعلق بالهجمات الجوية، ويركز على استهداف الأهداف العسكرية فقط، لكن بعد ذلك التاريخ تغيرت سياسته.
وتنشر الصحيفة أنه وبالرغم مما تجده إسرائيل "ضرورة عسكرية"، فإن تبعات القرارات العسكرية الإسرائيلية قد تفضي إلى انتهاك لحقوق الإنسان، وقد يؤدي هذا التغيير في الاستراتيجية إلى خرق قواعد الحرب ويزيد من معاناة المدنيين.
وفي إطار التحليل، تطرقت الصحيفة في تقريرها إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي تحدث فيها عن تحويل الأماكن التي تستخدمها حماس إلى "أنقاض"، ما يعكس طابع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
"أقر الجيش الإسرائيلي بأن قواعد الاشتباك الخاصة به تغيرت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكنه قال في بيان مكون من 700 كلمة إن قواته (كانت تستخدم باستمرار وسائل وأساليب تلتزم بقواعد القانون)"، وفقا لما نقلته الصحيفة.
وتطرقت الصحيفة أيضا إلى عدد من الحوادث التي أضرت بمدنيين في هجمات إسرائيلية على القطاع.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بموجب البروتوكولات العسكرية الإسرائيلية، "هناك أربع فئات من المخاطر التي تهدد المدنيين: المستوى صفر، الذي يحظر على الجنود تعريض أي مدنيين للخطر. والمستوى الأول، الذي يسمح بمقتل ما يصل إلى خمسة مدنيين؛ والمستوى الثاني، الذي يسمح بمقتل ما يصل إلى 10. والمستوى الثالث، الذي يسمح بمقتل ما يصل إلى 20".
وتقول نيويورك تايمز إنه "فجأة أصبح بوسع الضباط أن يقرروا إسقاط قنابل تزن طناً واحداً على مجموعة واسعة من البنى التحتية العسكرية ــ بما في ذلك مخازن الذخيرة الصغيرة ومصانع الصواريخ ــ فضلاً عن جميع مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي. وكان تعريف الهدف العسكري يشمل نقاط المراقبة، والمشتبه في تعاملهم مع أموال حماس، فضلاً عن مداخل شبكة الأنفاق تحت الأرض التي تديرها الحركة، والتي كانت مخبأة في كثير من الأحيان داخل المنازل".
وتضيف: "لم يكن الحصول على إذن من كبار القادة مطلوباً إلا إذا كان الهدف قريباً جداً من موقع حساس، مثل مدرسة أو منشأة صحية"، ومع ذلك "تمت الموافقة على مثل هذه الضربات بانتظام أيضاً".
في افتتاحية "جيروسالم بوست"، تحدثت الصحيفة الإسرائيلية عن إعادة الرهائن الإسرائيليين في غزة كمطلب ضروري للحفاظ عليهم.
وتقول الصحيفة في عنوان افتتاحيتها إن "إعادة المحتجزين إلى الوطن يجب ألا تكون ورقة مساومة في هذه الحرب".
وتجد الصحيفة في مقالها أن "إعادة الرهائن إلى ديارهم لا ينبغي أن يكون ورقة لعب في هذه الحرب. وحتى لو دُمرت حماس إلى حد لا يمكن إصلاحه وتم تفكيك المحور الإيراني، فلن نتمكن من اعتبار الحرب (منتصرة) إذا لم يتم إعادة جميع الرهائن".
كما سلط المقال الضوء على الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها الرهائن الإسرائيليون في القطاع خاصة في فصل الشتاء، وتعرضهم "لتعذيب جسدي، وعاطفي، ونفسي"، وفق الصحيفة.
وأشارت إلى مواصلة مساعي عائلات المحتجزين بالإضافة إلى العديد من أفراد المجتمع الإسرائيلي، لإعادتهم، والتوصل إلى صفقة كاملة، في السعي لإنهاء "المعاناة التي يعيشها المحتجزون".
وتخلص الصحيفة إلى أن "إيمان وثقة الإسرائيليين في دولتهم، وكذلك في النضال من أجل مستقبله، لن يُستعاد ما لم يتم إعادة المحتجزين".
وتختتم الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أن هذا ثاني "عيد حانوكا"، والمعروف بعيد الأنوار، الذي يمر على مثل هذا العدد من الرهائن المحتجزين.
ونستعرض في صحيفة "الأيام" مقالاً للكاتب رجب أبو سرية بعنوان "عودة اللاعب الثالث في الشرق الأوسط"، يشير فيه إلى أن حرب غزة كشفت عن وجود متنافس ثالث إضافة إلى المتنافسين الرئيسيين على النفوذ الإقليمي في الشرق الأوسط "إسرائيل وإيران"، وفق المقال.
ويقول الكاتب: "مع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية العام الماضي وخلالها، تبين بأن هناك متنافسَين اثنين فقط على النفوذ الإقليمي، وذلك بعد تراجع الاهتمام من قبل الأقطاب العالمية، وعلى وجه الخصوص القطب العالمي الأعظم وهو الولايات المتحدة، التي أظهرت في العديد من المناسبات رغبتها، إن لم يكن في الخروج من الشرق الأوسط، ففي خفض وجودها العسكري خاصة، لتجنب الاصطدام مع أكثر من جهة إقليمية في واحدة من أكثر بؤر التوتر في العالم، وهذان المتنافسان هما بالطبع: إسرائيل وإيران".
ويضيف كاتب المقال أن "الشرق الأوسط بشكله الحالي، (كان) شأنه شأن كل المناطق الإقليمية في العالم، قد تشكل ما بين الحربين العالميتين وفي ظل الحرب الباردة، وكان من الطبيعي أن يتغير مع انتهائها، وأن يصبح أكثر ديمقراطية مع إسقاط أنظمة حكم الفرد المستبد، لكن تدخل القوى الدولية والإقليمية لعب دوراً حاسماً، لصالح إسقاط أنظمة، وعدم إسقاط أخرى...".
ويذكر المقال الدور التركي في المنطقة خلال فترة ما عرف باسم "الربيع العربي" منذ عام 2011، ثم تراجع هذا الدور في المنطقة العربية مع "الانهيار السريع لحكم الإخوان المسلمين...، وفشل تركيا في كسر الحصار عن غزة".
لكن الكاتب يرى أن تركيا عادت كلاعب رئيسي ثالث في منطقة الشرق الأوسط، بعد سقوط نظام الأسد في سوريا.
ويجد أيضاً أن "الفشل العسكري" الذي واجه إسرائيل "دفعها، ومعها عرابها الأمريكي، الى إدخال اللاعب التركي، كلاعب احتياط سرعان ما نجح بتسجيل الهدف الذهبي المتمثل بإسقاط نظام بشار الأسد، وبذلك خسرت إيران أحد أهم مكونات محورها، والرابط جغرافياً بينها وبين أقوى جماعاتها المسلحة، نقصد حزب الله".
و"لأن الحرب عملياً عادة ما تنهك طرفيها، بحيث يمكن القول إن كلاً من إسرائيل وإيران خسرتا الكثير في هذه الحرب"، يضيف الكاتب.
ويستنتج الكاتب بأن تحالف إسرائيل مع تركيا لكسب جولة ضد إيران، بحسبه، قد "ينقلب الى تحالف في جولة تالية بين تركيا وإيران، في حال خرجت أمريكا من المنطقة ومن سدة حكم النظام العالمي، بما يفرض على إسرائيل الانكفاء داخل حدود بالكاد يقبل لها بها الإقليم الذي ما زال يرى فيها وجوداً طارئاً وغير مستحق"، كما يقول الكاتب.