آخر الأخبار

6 أسباب تشرح فشل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية باعتراض صاروخ الحوثي

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

فجر السبت 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري دوت صفارات الإنذار في مناطق عدة بإسرائيل، وأعلن الإسعاف إصابة 16 شخصا جراء سقوط صاروخ على تل أبيب أطلق من اليمن.

وفي هذه الأثناء، بثت وسائل إعلام إسرائيلية مشاهد قالت إنها تظهر لحظة سقوط الصاروخ دون أن تعترضه منظومات الدفاع الجوي، وأوردت الشرطة أنها تلقت بلاغات عن أضرار في تل أبيب جراء سقوط الصاروخ اليمني.

وخلص تحقيق أولي أجرته قوات الدفاع الإسرائيلية إلى أن العديد من الصواريخ الاعتراضية فشلت في إسقاط الصاروخ بعد أن دوت صفارات الإنذار في المدينة الساحلية.

وقال جيش الدفاع الإسرائيلي في بيان "لا يزال الحادث قيد التحقيق، وقد تم بالفعل تنفيذ بعض الدروس المستفادة، سواء في مجال الاعتراض أو الإنذار".

وأعاد ذلك التساؤل عن مدى دقة منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، والتي أضيفت إليها مؤخرا منظومة "ثاد"، وهي نظام دفاع صاروخي أميركي يركز على اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى أثناء مرحلتها النهائية (مرحلة إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي)، إلى جانب طبقات متعددة، كل منها مكلف باعتراض تهديدات محددة على نطاقات وارتفاعات مختلفة.

فمثلا هناك القبة الحديدية، وهي مصممة بشكل أساسي للتهديدات قصيرة المدى، مثل الصواريخ وقذائف المدفعية وقذائف الهاون، وعادة ما يتم اعتراضها على مدى يتراوح بين 4 و70 كيلومترا.

إعلان

يأتي بعد ذلك نظام مقلاع داود المصمم لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى والصواريخ ذات العيار الكبير، مع مدى اعتراض يتراوح بين 40 و300 كيلومتر، وأخيرا هناك منظومة "سهم" أو "آرو"، ومنها نظام "آرو 2" المصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى خارج الغلاف الجوي، ونسخته الأحدث "آرو 3" التي تصيب الأهداف على ارتفاعات أعلى ومدى أطول، وهو ما يجعلها مناسبة لاعتراض الصواريخ العابرة للقارات.

وغالبا ما يُنظر إلى نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي باعتباره أحد أكثر الأنظمة تقدما في العالم، ومع ذلك ظهر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن هناك سيناريوهات تمثل قيودا ونقاط ضعف في أداء هذه المنظومة.

مصدر الصورة نظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للصواريخ (أسوشيتد برس)

إستراتيجيات الهجوم الكثيف

أولى هذه النقاط هي إغراق تلك المنظومة بالصواريخ، فمهما بلغ أي نظام للدفاع الجوي من القوة والدقة فإن لديه سقفا لقدرته على الصد، ويبدأ في فقدان فاعليته عند تجاوز هذا السقف.

وعلى سبيل المثال تمتلك كل بطارية من بطاريات القبة الحديدية نحو 60 صاروخا اعتراضيا، ويعتقد أن إسرائيل لديها 10 بطاريات أو أكثر قليلا من بطاريات القبة الحديدية العاملة، مما يعني أنها في حدها الأقصى قادرة على اعتراض "مئات الصواريخ" قبل أن يتعين عليها تجديد مقذوفاتها.

ويعني ذلك أنه بالنسبة لهجمات الصواريخ قصيرة المدى فإن هجوما مستمرا يتضمن إطلاق ألف إلى ألفي صاروخ على سبيل المثال في غضون فترة زمنية قصيرة جدا قد يجهد قدرة القبة الحديدية على الصد، وبالتالي يضمن مرور الصواريخ إلى أهدافها.

وعلى الوتيرة نفسها يمكن لهجوم منسق من مئات عدة من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى أن يضع منظومة مقلاع داود في حالة إجهاد، بل ويمكن لعشرات الصواريخ الباليستية طويلة المدى في وقت واحد أن تتسبب في درجة من الإجهاد لأنظمة "آرو 2″ و"آرو 3" وحتى "ثاد".

إعلان

في الواقع، لقد سبق أن أعرب مسؤولون في الجيش الإسرائيلي عن مخاوف من تعرّض أنظمة الدفاع الصاروخي للإجهاد إذا أُطلق عدد كبير من القذائف في وقت واحد، وجاء ذلك في سياق توقع إسرائيل أن يتمكن حزب الله من إطلاق نحو 3 آلاف صاروخ وقذيفة كل يوم في خضم حرب شاملة، وهو ما يتجاوز قدرة الأنظمة على اعتراضها، وكان هذا بالضبط هو ما فعلته إيران في إحدى ضرباتها على إسرائيل، ولكن على نطاق صغير جدا.

ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، يشير تحليل صور الأقمار الصناعية للضربة الإيرانية إلى أنها تمكنت من إغراق أنظمة الدفاع الجوية الإسرائيلية في بعض المناطق المستهدفة.

مصدر الصورة

مشاكل تقنية كامنة

كل هذا ولم نتحدث بعد عن المشاكل التقنية الكامنة في منظومة الدفاع الإسرائيلية على قوتها، فمثلا يرى ثيودور بوستول من معهد ماساشوستس للتقنية أن نسبة اعتراض القبة الحديدية للصواريخ القادمة من غزة أقل من 10%، ذلك لأن الصاروخ الاعتراضي في الأغلب لا يصيب الصاروخ القادم، بل ينفجر إلى جواره في مناورة لا تدمر الرأس الحربي، وبالتالي فإنه يسقط وربما ينفجر على الأرض رغم اعتراضه "تقنيا" بنجاح.

ويتفق هذا الرأي نسبيا مع تقييمات ريتشارد إم لويد خبير الرؤوس الحربية سابقا في شركة ريثيون، وآخرين من داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه، مثل روفين بيداتسور الطيار المقاتل السابق في جيش الاحتلال وأحد مؤيدي الأنظمة الدفاعية القائمة على الليزر، وموردخاي شيفر الحائز على جائزة الدفاع الإسرائيلية، والذين يقدرون الفاعلية الحقيقية للمنظومة بين 5 و40% بحد أقصى.

يأتي ما سبق في سياق نقطة مهمة هي أن الصواريخ الضاربة منخفضة التكلفة تستهلك الكثير من الصواريخ الاعتراضية عالية التكلفة، فاعتراض صاروخ واحد منخفض التكلفة (بضع مئات من الدولارات) باستخدام نظام اعتراض القبة الحديدية -الذي يقدر بنحو 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار للصاروخ الواحد- ليس مستداما أثناء الصراعات الطويلة الأمد.

إعلان

صواريخ فرط صوتية

وإلى جانب ما سبق، فقد اعتاد الإسرائيليون استخدام منظومتهم الدفاعية لصد هجوم من صواريخ أضعف وأقل تقدما، سواء لأنها تفتقد التوجيه الدقيق فتسقط أصلا في أماكن غير مأهولة، أو لأن الصواريخ تمتلك مسارات بدائية يسهل تتبعها وضربها، لكن ذلك لم يستمر، وعلى سبيل المثال فإن الصاروخ الأخير الذي أطلقه الحوثيون يمثل مشكلة، ليس فقط لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، بل بشكل عام.

ويتسم الصاروخ -الذي سمي "فلسطين 2"- بمداه البعيد الذي يصل إلى 2150 كيلومترا، وتصل سرعته إلى نحو 19 ألفا و600 كيلومتر/الساعة، ويعني ذلك أنه يمكن أن يصل إلى هدفه خلال أقل من 10 دقائق، مما يترك القليل من الوقت للاعتراض، وإلى جانب تقنية التخفي عن طريق القدرة على عكس إشارات الرادار فإن ذلك لا شك يمثل مشكلة كبيرة للدفاعات الإسرائيلية.

وينضم "فلسطين 2" إلى فئة الصواريخ الباليستية الفرط صوتية، والتي تعرّف بأنها تلك التي تتمكن من تجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت.

وإلى جانب سرعتها العالية فإن لديها القدرة على المناورة على طول مسارها عبر تغيير اتجاهها إلى مسارات منخفضة قريبة من الأرض دون أن تفقد سرعتها، وبسبب ذلك ينطلق تحذير رادار الإنذار المبكر قبل وقت قصير جدا من الضربة، لدرجة أنه قد لا يوجد حينها شيء لفعله، إذ يكون الوقت بين استشعار اقتراب الصاروخ واستجابة الدفاعات الأرضية أطول من المدة اللازمة لوصول الصاروخ إلى الهدف.

وتتمتع هذه النوعية من الصواريخ بقدرة على المناورة أثناء التحليق، مما يجعل مسارها غير متوقع ويصعب تعقبها واعتراضها، خاصة أنها في الأغلب تعتمد على تصاميم تقلل بصمتها الرادارية والحرارية، مما يصعّب على أنظمة الرادار تتبعها.

وتأتي الصواريخ الفرط صوتية كواحد فقط من ترسانة التهديدات الأكثر تقدما التي تواجه المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، (انتشرت مؤخرا في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط)، والتي تضم كذلك الذخائر الموجهة بدقة، وهي صواريخ متقدمة مصممة لضرب الأهداف بدقة عالية باستخدام تقنيات توجيه متطورة، وصواريخ كروز المجنحة التي تجري كذلك على ارتفاعات منخفضة، مما يخفض قدرات منظومات الدفاع الجوي

إعلان

تهديدات مسيرة

وإلى جانب ذلك، يشكل صعود المسيّرات -خاصة تلك المجهزة بالمتفجرات أو قدرات المراقبة- تحديا كبيرا لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، ومنذ اللحظة الأولى التي ابتُكرت فيها المسيّرات تسبب حجمها الصغير والمقطع الراداري المنخفض (آر سي إس) في مشكلات كبيرة للجيوش المعاصرة، بسبب صعوبة اكتشاف المسيّرات بواسطة أنظمة الرادار التقليدية، خاصة إذا طُليت بمواد تسهّل اختفاءها وتقلل انعكاسات الرادار.

وإلى جانب ذلك، فغالبا ما تحلّق المسيّرات على ارتفاعات منخفضة، إذ يمكن للتضاريس والمباني أن تعوق وصول الرادار وخطوط الرؤية، كما يسمح الطيران المنخفض للمسيّرات بالاندماج مع الفوضى الراديوية الموجودة بشكل طبيعي على شاشات الرادار، مما يجعل من الصعب التمييز بينها وبين الطيور أو مصادر الإشعاع الأرضي، كالهواتف والتلفاز وغيرها.

وعلى عكس الطائرات المأهولة -التي تطير بسرعات كبيرة وتجري في مسارات يمكن التنبؤ بها نسبيا- يمكن للمسيّرات أن تطير ببطء أو تمارس "الحوم"، أي أن تدور أعلى منطقة محددة لفترة من الزمن أو أن تتحرك بشكل غير متوقع، وهو ما يتناقض مع قدرات الرادارات الحديثة التي حُسّنت قدراتها لتتبع الأهداف الأسرع، مما يجعلها غير ملائمة للتعامل مع المسيّرات.

كما تحتوي العديد من المسيّرات على محركات أصغر تُنتج حرارة أقل مقارنة بالطائرات التقليدية، مما يجعل اكتشافها أصعب باستخدام أجهزة الأشعة تحت الحمراء أو أجهزة استشعار الحرارة الأخرى، خاصة أنها تمتلك حدا أدنى للتوقيع الصوتي، أي أنها ذات صوت خفيض نسبيا بسبب محركاتها الأصغر والدفع الكهربائي الذي تعمل به.

وكانت هذه المزايا كذلك السبب في نجاح عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في شقها التقني، وقد بدأت العملية بالتدريب المشترك لجنود كتائب القسام، في عملية خداع كبرى لاستخبارات جيش إسرائيل.

إعلان

وفي لحظة الانطلاق لاختراق 17 نقطة محددة سلفا في السياج الأمني انهمر غطاء نيراني عبر إطلاق 5 آلاف صاروخ، ثم استُخدمت المسيّرات لاختراق الأهداف الإستراتيجية وضربها على طول السياج، ومثّل ذلك تحديا للقبة الحديدية التي لم تتطور بشكل كافٍ لمواجهة الطائرات المسيرة أو التعامل مع عدد كبير من الصواريخ التي تطلق دفعة واحدة.

تنويع الضربات

وفي حين تم تصميم أنظمة مثل مقلاع داود وآرو لمواجهة الصواريخ المجنحة مثلا فإن فاعليتها في التعامل مع التهديدات المتزامنة من منصات متعددة لا تزال بحاجة إلى اختبار كامل في المعركة.

وتمتلك الصواريخ الباليستية أسلوبا هجوميا يختلف عن المسيّرات، والتي يختلف أسلوبها الهجومي بدوره عن صواريخ كروز، فالأولى تنطلق للغلاف الجوي ثم تعود مصوّبة نحو الهدف، والأخرى تحلّق أعلى منطقة الهدف لفترة قبل الانقضاض، والثالثة تحلّق على ارتفاع منخفض وتتمكن من مراوغة الرادارات.

ويمكن استخدام أسلحة تختلف في أساليبها القتالية لتنفيذ حرب أسلحة مشتركة، وهو أسلوب قتالي يسعى إلى دمج الأسلحة القتالية المختلفة للجيش لتحقيق تأثيرات تكاملية.

وعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الطائرات المسيّرة لمهاجمة رادارات الدفاع الجوي في المراحل الأولى من هجوم شامل، وهنا ستتحول قدرات الدفاع الجوي الأخرى لصد هجوم المسيّرات، مما يترك الطريق مفتوحا أمام ضربات صاروخية باليستية وأخرى بصواريخ كروز فلا تتمكن الدفاعات من صدها جميعا، خاصة مع اختلاف تكتيكات عمل كل منها.

أضف إلى ذلك أن المسيّرات نفسها عادة ما تنطلق في صورة أسراب متنوعة الوظائف والمدى والقدرة، بعضها يضرب مباشرة والبعض الآخر يتسكع جويا بانتظار نقطة ضعف تحددها مسيّرات الاستطلاع، مما يزيد تعقيد الضربة، ويمكن لذلك أن يأتي في سياق ضربات متعددة الاتجاهات من نطاقات جغرافية مختلفة.

إعلان

الاعتماد على التكنولوجيا

تعتمد الأنظمة المتقدمة مثل القبة الحديدية على خوارزميات متطورة للتنبؤ بالمسارات وتحديد المقذوفات التي تشكل تهديدا، وذلك بالأساس هو جزء من سر قوتها، لكن هذه التكنولوجيا ليست مضمونة، والأخطاء قد تؤدي أحيانا إلى تفويت الاعتراضات.

وعموما، فإن الاعتماد الشديد على التكنولوجيا في الجيش الإسرائيلي يأتي مع تحديات ومشكلات كبيرة، إذ يؤدي الاعتماد الشديد على الأنظمة المترابطة إلى زيادة التعرض للهجمات الإلكترونية، مما قد يؤدي إلى تعطيل العمليات الحرجة أو المساس بالبيانات.

كما تعتمد الأنظمة المتقدمة من هذا النوع على بنية أساسية مثل شبكات الاتصالات والطاقة، وقد تؤدي الضربات المستهدفة لهذه البنى الأساسية إلى تعطيل الأصول العسكرية الرئيسية.

وإلى جانب ذلك، قد يؤدي الإفراط في الاعتماد على الأنظمة الآلية والمدفوعة بالتكنولوجيا إلى تقليل أهمية المهارات العسكرية التقليدية، مما يجعل الجيش أقل قدرة على التكيف في البيئات المحرومة من التكنولوجيا.

وفي هذا السياق، يتطلب الحفاظ على التكنولوجيا المتطورة وترقيتها وصيانتها موارد مالية كبيرة، مما يضغط على ميزانية الدفاع بمرور الوقت، خاصة أن جهات مثل الحوثيين في اليمن أو حزب الله في لبنان أو حماس في فلسطين تستخدم دائما أساليب غير تقليدية منخفضة التقنية مثل الأنفاق وحرب العصابات والتكتيكات السيبرانية لاستغلال النقاط العمياء التكنولوجية، وهذه الأساليب عادة ما تكون أرخص بفارق كبير من المنظومات المستخدمة لتحييدها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل سوريا بشار الأسد

إقرأ أيضا